responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1159
صَحِيحًا، لَا سِيَّمَا إِذَا حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَطَنِ الْجَنَّةُ، فَإِنَّهَا الْمَسْكَنُ الْأَوَّلُ. (أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ) أَوْ فِيهِ لِلتَّخْيِيرِ وَالْإِبَاحَةِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى بَلْ، شَبَّهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسِكَ السَّالِكَ بِالْغَرِيبِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَسْكَنٌ يَأْوِيهِ، ثُمَّ تَرَقَّى وَأَضْرَبَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: " أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ " لِأَنَّ الْغَرِيبَ قَدْ يَسْكُنُ فِي بِلَادِ الْغُرْبَةِ، وَيُقِيمُ فِيهَا بِخِلَافِ عَابِرِ السَّبِيلِ الْقَاصِدِ لِلْبَلَدِ الشَّاسِعِ. (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ) مُخَاطَبَةً لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ. (إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ) أَيْ: لِيَكُنِ الْمَوْتُ فِي إِمْسَائِكَ وَإِصْبَاحِكَ نُصْبَ عَيْنِكَ، مُقَصِّرًا لِلْأَمَلِ، مُبَادِرًا لِلْعَمَلِ، غَيْرَ مُؤَخِّرِ عَمَلَ اللَّيْلِ إِلَى النَّهَارِ، وَعَمَلَ النَّهَارِ إِلَى اللَّيْلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا، لَكِنْ ذَكَرَهُ فِي الْإِحْيَاءِ مَرْفُوعًا. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: " «وَعُدَّ نَفْسَكَ مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ» اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ قَوْلَهُ: " وَعُدَّ مِنْ كَلَامِهِ مَوْقُوفًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ السُّيُوطِيَّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ: " «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَزَادَ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ: " وَعُدَّ نَفْسَكَ مِنْ أَهْلِ الْقَبُولِ. (وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ) قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ: عُمْرُكَ لَا يَخْلُو مِنْ صِحَّةٍ وَمَرَضٍ، فَفِي الصِّحَّةِ سَيْرُكَ الْقَصْدُ، بَلْ لَا تَقْنَعْ بِهِ وَزِدْ عَلَيْهِ مَا عَسَى أَنْ يَحْصُلَ لَكَ الْفُتُورُ عَنْهُ، بِسَبَبِ الْمَرَضِ وَفِي قَوْلِهِ: (وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ) إِشَارَةٌ إِلَى أَخْذِ نَصِيبِ الْمَوْتِ، وَمَا يَحْصُلُ فِيهِ مِنَ الْفُتُورِ مِنَ السُّقْمِ يَعْنِي لَا تَقْعُدُ فِي الْمَرَضِ عَنِ السَّيْرِ كُلَّ الْقُعُودِ، بَلْ مَا أَمْكَنَكَ مِنْهُ فَاجْتَهِدْ فِيهِ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

1605 - عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَقُولُ: " لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1605 - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) يُفِيدُ كَمَالَ ضَبْطِ الرَّاوِي وَإِحْكَامِ الْمَرْوِيِّ. (يَقُولُ: " «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ» ) أَيْ: لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَهِيَ حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ، بِأَنْ يُغْفَرَ لَهُ، فَالنَّهْيُ وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ عَنِ الْمَوْتِ، وَلَيْسَ إِلَيْهِ ذَلِكَ حَتَّى يَنْتَهِيَ لَكِنْ فِي الْحَقِيقَةِ عَنْ حَالَةٍ يَنْقَطِعُ عِنْدَهَا الرَّجَاءُ لِسُوءِ الْعَمَلِ كَيْلَا يُصَادِفَهُ الْمَوْتُ عَلَيْهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ حَثٌّ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِحُسْنِ الظَّنِّ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى تَأْمِيلِ الْعَفْوِ، وَتَحْقِيقِ الرَّجَاءِ فِي رَوْحِ اللَّهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: " «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلَا يَظُنَّ بِيَ إِلَّا خَيْرًا» ". وَفِي رِوَايَةٍ: " «فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ» ". قَالَ النَّوَوِيُّ: قَدْ تَتَبَّعْتُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ فِي الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ فَوَجَدْتُ أَحَادِيثَ الرَّجَاءِ أَضْعَافَ أَحَادِيثِ الْخَوْفِ مَعَ ظُهُورِ الرَّجَاءِ فِيهَا قُلْتُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ سَبَقَتْ أَوْ غَلَبَتْ رَحْمَتِي عَلَى غَضَبِي لَكَفَى دَلِيلًا عَلَى تَرْجِيحِ الرَّجَاءِ وَيُعَضِّدُهُ آيَةُ: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156] بَلْ هُوَ أَمْرٌ مُشَاهَدٌ فِي عَالَمِ الْوُجُودِ مِنْ غَلَبَةِ آثَارِ الرَّجَاءِ عَلَى آثَارِ الْخَوْفِ، وَاتَّفَقَ الصُّوفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْعِبَادَةَ عَلَى وَجْهِ الرَّجَاءِ أَفْضَلُ مِنَ الطَّاعَةِ عَلَى طَرِيقِ الْخَوْفِ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِ، وَالثَّانِي طَاعَةُ الْعَبِيدِ، وَلِذَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» ". قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ: أَحْسِنُوا أَعْمَالَكُمُ الْآنَ حَتَّى يَحْسُنَ ظَنُّكُمْ بِاللَّهِ عِنْدَ الْمَوْتِ ; فَإِنَّ مَنْ سَاءَ عَمَلُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ يَسُوءُ ظَنُّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ. قَالَ الْأَشْرَفُ: الْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ كَالْجَنَاحَيْنِ لِلسَّائِرِ إِلَى اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - لَكِنْ فِي الصِّحَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَغْلِبَ الْخَوْفُ لِيَجْتَهِدَ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَإِذَا جَاءَ الْمَوْتُ وَانْقَطَعَ الْعَمَلُ يَنْبَغِي أَنْ يَغْلِبَ الرَّجَاءُ وَحُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ ; لِأَنَّ الْوِفَادَةَ حِينَئِذٍ إِلَى مَلِكٍ كَرِيمٍ رءُوفٍ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

الْفَصْلُ الثَّانِي
1606 - عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنْ شِئْتُمْ أَنْبَأْتُكُمْ مَا أَوَّلُ مَا يَقُولُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا أَوَّلُ مَا يَقُولُونَ لَهُ، قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ: هَلْ أَحْبَبْتُمْ لِقَائِي؟ يَقُولُونَ: نَعَمْ يَا رَبَّنَا. فَيَقُولُ: لِمَ؟ فَيَقُولُونَ: رَجَوْنَا عَفْوَكَ وَمَغْفِرَتَكَ. فَيَقُولُ: قَدْ وَجَبَتْ لَكُمْ مَغْفِرَتِي» . رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(الْفَصْلُ الثَّانِي)
1606 - (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنْ شِئْتُمْ أَنْبَأَتْكُمْ) أَخْبَرَتْكُمْ، وَعَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهِمْ لِأَنَّهُ مِمَّا يَجِبُ تَعَلُّمُهُ، وَلِحَثِّهِمْ عَلَى التَّفَرُّغِ لِسَمَاعِهِ. (مَا أَوَّلُ مَا يَقُولُ اللَّهُ) مَا الْأُولَى اسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَالثَّانِيَةُ مَوْصُولَةٌ. (لِلْمُؤْمِنِينَ) بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِوَاسِطَةِ مَلَكٍ أَوْ رَسُولٍ. (يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ مَا يَقُولُونَ) أَيِ: الْمُؤْمِنُونَ. (لَهُ؟)

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست