responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1142
وَعَقْلِهِ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي الشَّرَابِ، وَقَدْ يَعْتَرِي مِنَ الْغَضَبِ وَالْعِشْقِ، وَلَوْ مِنْ حُبِّ الدُّنْيَا، وَقَدْ يَحْصُلُ مِنَ الْخَوْفِ. قَالَ تَعَالَى: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} [الحج: 2] ، أَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُغْمَى عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ مِنْ شِدَّةِ الْمَرَضِ، فَاللَّائِقُ بِمَقَامِهِ الْعَلِيِّ، وَحَالِهِ الْجَلِيِّ أَنْ يُحْمَلَ الْإِغْمَاءُ عَلَى مَعْنَى الْغَيْبَةِ بِالشُّهُودِ عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَعَلَى مَعْنَى الْغَمَاءِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ الْبَقَاءُ، بِنَاءً عَلَى مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ السَّادَةُ الصُّوفِيَّةُ الصَّفِيَّةُ، وَالطَّائِفَةُ الْبَهِيَّةُ السُّنِّيَّةُ. قِيلَ: أَوْ لِلشَّكِّ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ حَجَرٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّنْوِيعِ، وَيُرَادُ مِنْ مُنْكَرَاتِ الْمَوْتِ مَا يَقَعُ مِنْ تَقْصِيرٍ فِي تِلْكَ الْحَالِ مِنَ الْمَرِيضِ، أَوْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ وَخَطَرَاتِهِ وَتَزْيِينِ خَطَرَاتِهِ، وَمِنْ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ شَدَائِدُهُ الَّتِي لَا يُطِيقُهَا الْمُحْتَضِرُ فَيَمُوتُ فَزَعًا جَزَعًا، وَالْمَطْلُوبُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ إِلَّا أَنَّهُ مُسْلِمٌ، وَمُسْلِمٌ مُحْسِنٌ لِلظَّنِّ بِرَبِّهِ، وَفِي هَذَا تَعْلِيمٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأُمَّتِهِ، اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ.

1565 - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1565 - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " إِذَا أَرَادَ اللَّهُ) أَيْ: قَضَى وَقَدَّرَ. (بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ) أَيْ: كُلَّهُ، وَفِيهِ مُبَالَغَةٌ لَا تَخْفَى. (عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ أَيِ: الِابْتِلَاءَ بِالْمَكَارِهِ. (فِي الدُّنْيَا) لِأَنَّ عَذَابَ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى. (وَإِذَا أَرَادَ) أَيِ: اللَّهُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ. (بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ) أَيْ: أَخَّرَ. (عَنْهُ) مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْعُقُوبَةِ. (بِذَنْبِهِ) أَيْ: بِسَبَبِهِ. (حَتَّى يُوَافِيَهُ) أَيْ: يُجَازِيَهُ جَزَاءً وَافِيًا. (بِهِ) أَيْ: بِذَنْبِهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ رَاجِعٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمَنْصُوصُ إِلَى الْعَبْدِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعْكَسَ اهـ. وَلَعَلَّ الْمُوَافَاةَ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى الْمُلَاقَاةِ. قَالَ: وَالْمَعْنَى لَا يُجَازِيهِ بِذَنْبِهِ حَتَّى يَجِيءَ فِي الْآخِرَةِ مُتَوَافِرَ الذُّنُوبِ وَافِيهَا ; فَيَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنَ الْعِقَابِ. (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ: إِنْ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْهُ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، نَقَلَهُ مِيرَكُ، وَقَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، قَالَ الذَّهَبِيُّ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ.

1566 - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ، مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1566 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَنَسٍ. (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ عُظْمَ الْجَزَاءِ) : بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الظَّاءِ، وَقِيلَ بِكَسْرٍ ثُمَّ فَتْحٍ أَيْ: عَظَمَةُ الْأَجْرِ وَكَثْرَةُ الثَّوَابِ مَقْرُونٌ. (مَعَ عُظْمِ الْبَلَاءِ) : كَيْفِيَّةً وَكَمِّيَّةً، جَزَاءً وِفَاقًا، وَأَجْرًا طِبَاقًا. (وَإِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - إِذَا أَحَبَّ) أَيْ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحِبَّ. (قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ) : فَإِنَّ الْبَلَاءَ لِلْوُلَاةِ، وَالِابْتِلَاءَ لِلْأَوْلِيَاءِ. (فَمَنْ رَضِيَ) أَيْ: بِالْبَلَاءِ. (فَلَهُ الرِّضَا) أَيْ: فَلْيَعْلَمْ أَنَّ لَهُ الرِّضَا مِنَ الْمَوْلَى، أَوْ فَيَحْصُلُ لَهُ الرِّضَا فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، قِيلَ: رِضَا الْعَبْدِ مَحْفُوفٌ بِرِضَاءَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى سَابِقًا وَلَاحِقًا، وَأَنَا أَقُولُ: إِنَّمَا اللَّاحِقُ أَثَرُ السَّابِقِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَقَائِقِ. (وَمَنْ سَخِطَ) : بِكَسْرِ الْخَاءِ أَيْ: كَرِهَ بَلَاءَ اللَّهِ، وَفَزِعَ وَلَمْ يَرْضَ بِقَضَائِهِ. (فَلَهُ السَّخَطُ) : مِنَ اللَّهِ أَوَّلًا وَالْغَضَبُ عَلَيْهِ آخِرًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الرِّضَا وَالسَّخَطَ حَالَانِ مُتَعَلِّقَانِ بِالْقَلْبِ، فَكَثِيرٌ مِمَّنْ لَهُ أَنِينٌ مِنْ وَجَعٍ وَشِدَّةِ مَرَضٍ وَقَلْبُهُ مَشْحُونٌ مِنَ الرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِ اللَّهِ. هَذَا وَقَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ: إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ جَمِيعًا، وَحَذَفَ ذِكْرَ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ لِدَلَالَةِ التَّفْصِيلِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْفَاءَ فِي فَمَنْ تَفْصِيلِيَّةٌ، وَالتَّفْصِيلُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْمُفَصَّلِ ; لِأَنَّ الْمُفَصَّلَ يَشْتَمِلُ عَلَى فَرِيقٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَهْلُ الْمَحَبَّةِ، وَالتَّفْصِيلُ عَلَى فَرِيقَيْنِ: أَهْلِ الرِّضَا، وَأَهْلِ السَّخَطِ. قَالَ مِيرَكُ: أَقُولُ: وَلِلْحَدِيثِ مَحْمَلٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ نُزُولَ الْبَلَاءِ عَلَامَةُ الْمَحَبَّةِ فَمَنْ رَضِيَ بِالْبَلَاءِ صَارَ مَحْبُوبًا حَقِيقِيًّا لَهُ تَعَالَى، وَمَنْ سَخِطَ صَارَ مَسْخُوطًا عَلَيْهِ، تَأَمَّلْ، ثُمَّ قَالَ الطِّيبِيُّ: فَهُمْ مِنْهُ أَنَّ رِضَا اللَّهِ مَسْبُوقٌ بِرِضَاءِ الْعَبْدِ، وَمُحَالٌ أَنْ يَرْضَى الْعَبْدُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا بَعْدَ رِضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: 119] وَمُحَالٌ أَنْ يَحْصُلَ رِضَاءُ اللَّهِ، وَلَا يَحْصُلُ رِضَا الْعَبْدِ فِي الْآخِرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ - ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: 27 - 28] . فَعَنِ اللَّهِ الرِّضَا أَزَلًا وَأَبَدًا، سَابِقًا وَلَاحِقًا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) قَالَ مِيرَكُ: بِسَنَدِ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ. (وَابْنُ مَاجَهْ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست