responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1066
بَعْضِ الْأَحْيَانِ. أَمَّا الْإِدْمَانُ عَلَيْهِ فَمَكْرُوهٌ، وَمُسْقِطٌ لِلْعَدَالَةِ، مَاحٍ لِلْمُرُوءَةِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ضَرْبَ الدُّفِّ جَائِزٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ جَلَاجِلُ، وَفِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، وَأَنَّ إِنْشَادَ الشِّعْرِ الَّذِي لَيْسَ بِهَجْوٍ وَلَا سَبٍّ جَائِزٌ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِيخَانَ: اسْتِمَاعُ صَوْتِ الْمَلَاهِي كَالضَّرْبِ بِالْقَضِيبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَرَامٌ وَمَعْصِيَةٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - " «اسْتِمَاعُ الْمَلَاهِي مَعْصِيَةٌ، وَالْجُلُوسُ عَلَيْهَا فِسْقٌ، وَالتَّلَذُّذُ بِهَا مِنَ الْكُفْرِ» " إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّشْدِيدِ، وَإِنْ سَمِعَ بَغْتَةً فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ كُلَّ الْجُهْدِ حَتَّى لَا يَسْمَعَ لِمَا رُوِيَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَدْخَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ» ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ أَشْعَارِ الْعَرَبِ فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ الْفِسْقِ وَالْخَمْرِ وَالْغُلَامِ مَكْرُوهٌ ; لِأَنَّهُ ذِكْرُ الْفَوَاحِشِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، قَالَهُ مِيرَكُ.

1433 - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ، وَيَأْكُلَهُنَّ وِتْرًا» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1433 - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَغْدُو) أَيْ: لَا يَخْرُجُ إِلَى الْمُصَلَّى. (يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ) : مِنْ ثَلَاثٍ إِلَى عَشْرٍ. (وَيَأْكُلَهُنَّ) : بِالنَّصْبِ وَيُرْفَعُ. (وِتْرًا) أَيْ: ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا، أَوْ تِسْعًا. قَالَ الْأَشْرَفُ: لَعَلَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَسْرَعَ بِالْإِفْطَارِ يَوْمَ الْفِطْرِ لِيُخَالِفَ مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ الْإِفْطَارَ فِي سَلْخِ رَمَضَانَ حَرَامٌ، وَفِي الْعِيدِ وَاجِبٌ، وَلَمْ يُفْطِرْ فِي الْأَضْحَى قَبْلَ الصَّلَاةِ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ اهـ. وَهُوَ كَوْنُ مُخَالَفَةِ الْفِعْلِ مُشْعِرَةٌ بِمُخَالَفَةِ الْحُكْمِ، وَأَيْضًا سَبَبُ التَّأْخِيرِ فِي الْأَضْحَى لِيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ أَوَّلًا. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِمَعْنَاهُ.
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ " فِيهِ شَيْءٌ ; لِأَنَّ جُمْلَةَ: " وَيَأْكُلَهُنَّ وِتْرًا " رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ بِطَرِيقِ التَّعْلِيقِ، وَإِيرَادُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَرْوِيهِ مَوْصُولًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ مَوْصُولًا مُسْنَدًا عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ إِلَى قَوْلِهِ: حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ. ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ مُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَيَأْكُلَهُنَّ وِتْرًا. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مِنْ قِبَلِ الْمُنْصِفِ: أَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بَيَانَ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمَوْصُولَاتِ وَالْمُعَلَّقَاتِ فِي دِيبَاجَةِ الْكِتَابِ، لَكِنَّ مَوَاقِعَ اسْتِعْمَالَاتِهِ فِي بَيَانِ الْمُخَرَّجِ يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ حَيْثُ قَالَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالْأَمْرُ فِيهِ هَيِّنٌ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الِالْتِزَامَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْحَدِيثِ التَّامِّ، وَأَمَّا فِي الْبَعْضِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْكَلَامِ، فَلَيْسَ لَهُ فِيهِ الْتِزَامٌ فَمَا عَلَيْهِ الْإِلْزَامُ.

1434 - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1434 - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ) أَيْ: رَجَعَ فِي غَيْرِ طَرِيقِ الْخُرُوجِ، قِيلَ: وَالسَّبَبُ فِيهِ وُجُوهٌ مِنْهَا: أَنْ يَشْمَلَ أَهْلَ الطَّرِيقَيْنِ بَرَكَتُهُ وَبَرَكَةُ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَمِنْهَا: أَنْ يَسْتَفْتِيَ مِنْهُ أَهْلُ الطَّرِيقَيْنِ. وَمِنْهَا: إِشَاعَةُ ذِكْرِ اللَّهِ، وَمِنْهَا: التَّحَرُّزُ عَنْ كَيْدِ الْكُفَّارِ. وَمِنْهَا اعْتِيَادُ أَخْذِهِ ذَاتَ الْيَمِينِ حَيْثُ عَرَضَ لَهُ سَبِيلَانِ، وَمِنْهَا: أَخْذُ طَرِيقٍ أَطْوَلَ فِي الذَّهَابِ إِلَى الْعِبَادَةِ لِيُكْثِرَ خُطَاهُ فَيَزِيدَ ثَوَابُهُ، وَأَخْذُ طَرِيقٍ أَخْصَرَ لِيُسْرِعَ إِلَى مَثْوَاهُ، كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِتَعَدُّدِ الطَّرِيقِ ; لِأَنَّ طُولَ الطَّرِيقِ إِلَى الْمَسْجِدِ لَيْسَ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ، نَعَمْ هَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِاخْتِيَارِ الْأَطْوَلِ عَلَى الْأَخْصَرِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ الْأَقْرَبَ مُبَادَرَةً إِلَى الطَّاعَةِ، وَمُسَارَعَةً إِلَى الْعِبَادَةِ، بِخِلَافِ حَالِ الْمُرَاجَعَةِ. وَمِنْهَا: أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى فُقَرَاءَ الطَّرِيقَيْنِ. وَمِنْهَا: أَنْ يَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ. وَمِنْهَا: أَنْ يَزُورَ قُبُورَ أَقَارِبِهِ. وَمِنْهَا: أَنْ يَزْدَادَ الْمُنَافِقُونَ غَيْظًا إِلَى غَيْظِهِمْ. وَمِنْهَا: التَّفَاؤُلُ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ. وَمِنْهَا: أَنْ لَا يَكْثُرَ الِازْدِحَامُ. وَمِنْهَا: أَنَّ عَدَمَ التَّكْرَارِ أَنْشَطُ عِنْدَ طِبَاعِ الْأَنَامِ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) : مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ جَابِرٍ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ: أَنَّ الْجُمْهُورَ رَوَوْهُ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، لَا كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، نَقَلَهُ مِيرَكُ عَنِ التَّصْحِيحِ.

1435 - «وَعَنِ الْبَرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ نُصَلِّيَ، فَإِنَّمَا هُوَ شَاةُ لَحْمٍ، عَجَّلَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1435 - (وَعَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ النَّحْرِ) أَيْ: فِي الْمَدِينَةِ. (فَقَالَ) أَيْ: فِي خُطْبَتِهِ. (إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ) : بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ. (بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْأَجْوَدُ أَنْ تَكُونَ (أَنْ) وَمَدْخُولُهَا اسْمَ (إِنَّ) اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنْ نَصْبِ أَوَّلِ الْمُوَافِقِ لِلْمُتَبَادِرِ، ثُمَّ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَوَّلِ، وَمَا نَبْدَأُ بِهِ لِلتَّأْكِيدِ وَالْمُبَالَغَةِ. (ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ) : بِالنَّصْبِ فِيهِمَا وَيُرْفَعَانِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْمُرَادُ بِالنَّحْرِ هُنَا الَّذِي هُوَ فِي لَبَّةِ الْإِبِلِ مَا يَشْمَلُ الذَّبْحَ، وَهُوَ مَا فِي الْحَلْقِ مُطْلَقًا، وَالتَّقْدِيرُ: أَنْ نُصَلِّيَ صَلَاةَ الْعِيدِ الْمُسْتَتْبِعَةَ لِلْخُطْبَتَيْنِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ الْكِرْمَانِيِّ: فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَيْ: لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخُطْبَةِ: أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ. إِلَخْ مُشْعِرٌ بِتَقْدِيمِ الْخُطْبَةِ، لَكِنْ عِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ لِذَلِكَ ; لِأَنَّ الْوَاقِعَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ ذَلِكَ فِي خُطْبَتِهِ، فَهُوَ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ ثُمَّ الْخُطْبَةِ، وَأَنَّ تَقْدِيمَ كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ عَلَى الذَّبْحِ هُوَ الْمَشْرُوعُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي مُخَالَفَتُهُ. (فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ عَلَى الذَّبْحِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيِ: الصَّلَاةُ مَعَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْسُنُ حِينَئِذٍ التَّقَابُلُ بَيْنَ الشَّرْطِيَّتَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى، ثُمَّ قَالَ: أَيْ: مَضَى عَلَيْهِ قَدْرُ فِعْلِ ذَلِكَ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ; لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، فَإِنَّهُ مَعَ صِحَّتِهِ لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ، وَأَمَّا اعْتِبَارُ الْمُجَازِيِّ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحَقِيقِيِّ فَأَمْرٌ آخَرُ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. (فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا) أَيْ: طَرِيقَتَنَا، وَصَادَفَ شَرِيعَتَنَا، فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: هَذَا الْحَدِيثُ يَشْتَمِلُ عَلَى بَيَانِ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ. ثُمَّ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ وَقْتَهَا يَدْخُلُ إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ قَدْرَ رُمْحٍ وَمَضَى بَعْدَهُ قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ اعْتِبَارًا بِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنْ ذَبَحَ بَعْدَهُ جَازَ سَوَاءٌ صَلَّى الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يُصَلِّ، فَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَهُ لَمْ يَجُزْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَصْرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَيَمْتَدُّ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ وَقْتَهَا إِلَى يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَيْ: وَهُوَ آخِرُ أَيَّامِ النَّحْرِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَخَذَ أَصْحَابُنَا أَنَّ وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ إِذَا مَضَى عَقِبَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِنَاءً عَلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعِيدِ بِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَنَا، أَوْ بَعْدَ ارْتِفَاعِهَا كَرُمْحٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إِلَّا بِهِ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ، بَلْ قَالَ الْإِمَامُ: اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَيْهِ اهـ.
وَفِي صِحَّةِ كَوْنِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَأْخَذَهُمْ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إِذْ لَا دَلَالَةَ فِيهَا أَصْلًا، وَلَا شَكَّ فِي حَمْلِ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، هَذَا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّي قَبْلَ الشُّرُوقِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ وَاجِبَةٌ، وَوَقْتُهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فِي حَقِّ الْمِصْرِيِّ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الذَّبْحُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَرَخَّصَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْقُرَى اهـ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَا يُعْتَدُّ بِالذَّبْحِ قَبْلَ فَجْرِ النَّحْرِ إِجْمَاعًا اهـ.
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ، وَدَلِيلٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، فِي شَرْطِ صِحَّةِ الْأُضْحِيَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ وَيَخْطُبَ، وَيُؤَيِّدُهُمْ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَصْرِيحًا بِمَا عُلِمَ ضِمْنًا وَمَنْطُوقًا بِمَا فُهِمَ مَفْهُومًا. (وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ نُصَلِّيَ، فَإِنَّمَا هُوَ) أَيِ: الْمَذْبُوحُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَبَحَ. (شَاةُ لَحْمٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ: الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ كَخَاتَمِ فِضَّةٍ،

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1066
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست