responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1031
وَاحِدَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَإِنْ كَانَتْ تُطْلَقُ عَلَى الْبَقَرِ بَلِ الْغَنَمِ، تَارَةً لِلْوَحْدَةِ، أَيْ: يَنْقُلُهَا إِلَى حَرَمِ مَكَّةَ لِيَذْبَحَهَا فِيهِ تَقْرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى مَا وَرَدَ: الْجُمُعَةُ حَجُّ الْمَسَاكِينِ. (" ثُمَّ كَبْشًا ") : وَهُوَ الْحَمَلُ إِذَا أَثْنَى، أَوْ إِذَا خَرَجَتْ رَبَاعِيَتُهُ، كَذَا فِي الْقَامُوسِ، وَفِي رِوَايَةٍ: كَبْشًا أَقْرَنَ مُبَالَغَةً فِي حُسْنِهِ، (" ثُمَّ دَجَاجَةً ") : فَتْحُ الدَّالِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا كَذَا فِي الصِّحَاحِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَحُكِيَ الضَّمُّ، وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ: بَدَلَ الدَّجَاجَةِ بَطَّةً، وَفِي رِوَايَةٍ: ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي عُصْفُورًا، (" ثُمَّ بَيْضَةً ") : وَفِي قَبُولِ الْإِهْدَاءِ بِالْأَخِيرَيْنِ فِي الْجُمُعَةِ دُونَ الْحَجِّ إِشَارَةٌ إِلَى سَعَةِ الْفَضْلِ وَالْكَرَمِ، وَإِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْحَجَّ مَفْرُوضٌ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ، وَالْجُمُعَةُ عَامَّةُ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءُ، (" فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ ") : أَرَادَ نَفْسَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَالْمُرَادُ الْخُرُوجُ الْحَقِيقِيُّ مِنَ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ، أَوِ الْمَعْنَى إِذَا ظَهَرَ الْإِمَامُ بِدُخُولِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ، أَوْ بِطُلُوعِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَالْأَخِيرُ أَنْسَبُ.
(" طَوَوْا ") أَيِ: الْمَلَائِكَةُ، (" صُحُفَهُمْ ") أَيْ: دَفَاتِرَهُمُ الَّتِي يَكْتُبُونَ فِيهَا أَسْمَاءَ أَهْلِ الْجُمُعَةِ أَوَّلًا فَأَوَّلًا، وَالْأَجْرَ عَلَى قَدْرِ مَرَاتِبِهِمْ فِي السَّبْقِ فَرْعًا وَأَصْلًا، وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ: " طَوَوْا صُحُفَهُمْ فَلَا يَكْتُبُونَ شَيْئًا " أَيْ: مِنْ ثَوَابِ التَّبْكِيرِ. (" وَيَسْتَمِعُونَ ") أَيِ: الْمَلَائِكَةُ مَعَ النَّاسِ (" الذِّكْرَ ") أَيِ: الْخُطْبَةَ.
قَالَ تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] ، وَسُمِّيَتْ بِهِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ إِجْمَالِهَا وَإِكْمَالِهَا، وَلَعَلَّ الْعُدُولَ عَنْ قَوْلِهِ: وَاسْتَمِعُوا الْمُنَاسِبِ لِلْعَطْفِ عَلَى طَوَوْا ; حُصُولُ اشْتِرَاكِ الْغَيْرِ مَعَهُمْ فِي الِاسْتِمَاعِ، وَدُخُولِهِمْ فِي مَدَاخِلِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِمَاعِ. قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ: فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ، يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذَ مَكَانًا خَالِيًا قَبْلَ صُعُودِهِ الْمِنْبَرَ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، كَذَا وَجَدْنَاهُ فِي دِمَشْقَ الْمَحْرُوسَةِ اهـ. وَهُوَ بِدْعَةٌ أَحْدَثَهَا الْأُمَرَاءُ حَيْثُ كَانُوا خُطَبَاءَ لِتَكَبُّرِهِمْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَعَدَمِ اخْتِلَاطِهِمْ بِالْأَوْلِيَاءِ، وَتَسَلُّطِهِمْ عَلَى طَلَبَةِ الدُّنْيَا مِنَ الْعُلَمَاءِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
قَالَ الشُّمُنِّيُّ: وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» ".
فَذَهَبَ مَالِكٌ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ كَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَاتِ لَحَظَاتٌ لَطِيفَةٌ بَعْدَ الزَّوَالِ ; لِأَنَّ الرَّوَاحَ فِي اللُّغَةِ: الذَّهَابُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهَا أَوَّلُ النَّهَارِ، وَالرَّوَاحُ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: إِنَّهُ الذَّهَابُ سَوَاءٌ كَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ أَوْ آخِرَهُ، أَوْ فِي اللَّيْلِ ; لِأَنَّ ذِكْرَ السَّاعَاتِ إِنَّمَا هُوَ لِلْحَثِّ عَلَى التَّبْكِيرِ إِلَيْهَا، وَالتَّرْغِيبِ فِي فَضِيلَةِ السَّبْقِ، وَانْتِظَارِ الْجُمُعَةِ، وَالِاشْتِغَالِ بِالتَّنَفُّلِ وَالذِّكْرِ، وَهَذَا لَا يَحْصُلُ بِالذَّهَابِ بَعْدَ الزَّوَالِ اهـ. وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ يَمْشُونَ عَلَى السَّرْجِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجَامِعِ، وَفِي الْإِحْيَاءِ: وَأَوَّلُ بِدْعَةٍ حَدَثَتْ فِي الْإِسْلَامِ تَرْكُ التَّبْكِيرِ إِلَى الْمَسَاجِدِ.

1385 - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1385 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ ") أَيْ: فِي الْمَسْجِدِ (" يَوْمَ الْجُمُعَةِ ") : ظَرْفٌ، (أَنْصِتْ) : مِنَ الْإِنْصَاتِ بِمَعْنَى السُّكُوتِ مَقُولُ الْقَوْلِ، (" وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ ") : جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، (" فَقَدْ لَغَوْتَ ") : جَزَاءُ الشَّرْطِ. وَفِي رِوَايَةٍ: لَغَيْتَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالْغَوْا فِيهِ} [فصلت: 26] ، قَالَ مِيرَكُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وُجُوبَ الْإِنْصَاتِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْكَلَامِ إِنَّمَا هُوَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْجُمْهُورِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجِبُ الْإِنْصَاتُ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ اهـ. وَلَعَلَّهُ قَالَ بِهِ فِي قَوْلٍ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ. فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ وَهُوَ لَا يُفِيدُ الْحَصْرَ حَتَّى يُنَافِيَ الْجَمْعَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ قَوْلُهُ: لَغَوْتَ أَيْ: تَكَلَّمْتَ بِمَا لَا يَعْنِيكَ. وَقِيلَ: خِبْتَ وَخَسِرْتَ، وَقِيلَ: مِلْتَ وَعَدَلْتَ عَنِ الصَّوَابِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ قَامَتْ مَقَامَ الرَّكْعَتَيْنِ، فَكَمَا لَا يَجُوزُ التَّكَلُّمُ فِي الْمَنُوبِ، لَا يَجُوزُ فِي النَّائِبِ. تَمَّ كَلَامُهُ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا رَأْيٌ ضَعِيفٌ فِي مَذْهَبِهِ مَعَ حُرْمَةِ الْكَلَامِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1031
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست