responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1010
وُجُودًا فَضْلًا عَنِ الرُّتْبَةِ، وَبَيَانُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (الْيَهُودُ غَدًا، وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ) ، أَيْ: نَحْنُ اخْتَرْنَا الْجُمُعَةَ، وَالْيَهُودُ بَعْدَهَا، وَالنَّصَارَى بَعْدَ يَوْمِ الْيَهُودِ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ السَّبْقَ الْمَعْنَوِيَّ لَنَا يَعْنِي: أَنَّهُمْ مَعَ التَّقَدُّمِ الْخَارِجِيِّ اخْتَارُوا التَّأَخُّرَ عَنَّا، وَتَرَكُوا لَنَا التَّقَدُّمَ عَلَيْهِمْ، {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 29] . وَخَطَرَ لِي نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ وَحِكْمَةٌ شَرِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّ زِيَادَةَ " لَا " فِي " لِئَلَّا " لِئَلَّا يَنْسِبَ إِلَيْهِمُ الْعِلْمَ أَصْلًا، وَكَانَ هَذَا الْإِلْهَامُ بِبَرَكَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَالِ وُصُولِ كِتَابَتِي هَذَا الْمَقَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَيِّدَ الْأَيَّامِ.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: فَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَالنَّاسُ تَبَعٌ أَنْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَإِنْ أُخِّرَ فِي الْوُجُودِ وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَهُوَ سَابِقٌ فِي الْفَضْلِ وَالْكَمَالِ، فَغَيْرُ صَحِيحٍ ; لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ غَيْرُ مُؤَخَّرٍ عَنْهُمَا، بَلْ وَاسِطَةُ عِقْدٍ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنِ الْأَحَدِ، وَمُتَقَدِّمٌ عَلَى السَّبْتِ، كَمَا فُهِمَ مِنْ قَضِيَّةِ عِلَلِهِمْ، وَكَأَنَّهُ وَهَمٌ، وَاعْتُبِرَ تَأَخُّرُ الْجُمُعَةِ عَنْهُمَا بِاعْتِبَارِ دَوْرِ الْأُسْبُوعِ بِحَسَبِ مُتَعَارَفٍ الْآنَ، وَغَفَلَ عَنْ تَرْتِيبِ الْوُجُودِ الْأَصْلِيِّ فِي سَابِقِ الزَّمَانِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ، أَيْ تَبَعٌ غَدًا بِالدَّلِيلِ السَّابِقِ، قَالَ الْمَالِكِيُّ: وَقَعَ ظَرْفُ الزَّمَانِ خَبَرًا عَنِ الْجَنَّةِ، فَيُقَدِّرُ مَعْنَى قَبْلَ الْعَيْنَيْنِ، أَيْ: تَعْبُدُ الْيَهُودُ غَدًا اهـ. وَلَا يَخْلُو عَنْ تَكَلُّفٍ، فَالْوَجْهُ هُوَ الَّذِي نَحْنُ اخْتَرْنَاهُ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْيَهُودُ يُعَظِّمُونَ أَوْ قَالُوا: يَوْمُنَا يَكُونُ غَدًا لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ اهـ. فَأَنْتَ مُخْتَارٌ فِي قَبُولِ مَا هُوَ أَوْلَى بِالِاخْتِيَارِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ، قَالَ: (نَحْنُ الْآخِرُونَ) ، أَيْ خِلْقَةً (الْأَوَّلُونَ) : حَيَاةً وَرُتْبَةً (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) : وَالْعِبْرَةُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَمَوَاقِفِهِ، (وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ) : يَعْنِي نَبِيَّنَا قَبْلَ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأُمَّتَهُ قَبْلَ سَائِرِ الْأُمَمِ اعْتِبَارًا لِلسَّبْقِ الْمَعْنَوِيَّ، لَا الْوُجُودِ الْحِسِّيِّ، وَلِهَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ لَمَّا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى بَابِهِ وَأَرَادُوا الِاجْتِمَاعَ بِجِنَابَةٍ مِنْهُمْ: الْعَبَّاسُ، وَأَبُو سُفْيَانَ، وَبِلَالٌ، وَغَيْرُهُمْ، وَأَعْلَمُهُ الْخَادِمُ بِحُضُورِهِمْ أَذَنَ لِبِلَالٍ أَنْ يَدْخُلَ، فَدَخَلَ فِي قَلْبِ أَبِي سُفْيَانَ بَعْضُ الْحَمِيَّةِ، وَقَالَ لِلْعَبَّاسِ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَدِّمُ مَوْلًى عَلَيْنَا مُعَاشِرِ أَكَابِرِ الْعَرَبِ؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: الذَّنْبُ لَنَا فَإِنَّا تَأَخَّرْنَا فِي دُخُولِ الْإِسْلَامِ، وَتَقَدَّمَ بِلَالٌ مُعَانَدَةً وَمُخَالَفَةً لِقَبُولِ الْأَحْكَامِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ - أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ - فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [الواقعة: 10 - 12] ، وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: 100] الْآيَةَ. (بَيْدَ أَنَّهُمْ ". وَذَكَرَ) ، أَيْ مُسْلِمٌ (نَحْوَهُ) ، أَيْ: مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ (إِلَى آخِرِهِ) : يَعْنِي الْخِلَافَ إِنَّمَا هُوَ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ بِوَضْعِ الْأَوَّلُونَ مَوْضِعَ السَّابِقُونَ، وَيَكُونُ أَحَدُهُمَا نَقْلًا بِالْمَعْنَى وَبِزِيَادَةٍ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ.

1355 - وَفِي أُخْرَى لَهُ عَنْهُ، وَعَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: «نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ.»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1355 - (وَفِي أُخْرَى لَهُ عَنْهُ) ، أَيْ: وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِمُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَعَنْ حُذَيْفَةَ) : عَطْفٌ عَلَى عَنْهُ، أَيْ: عَنْهُمَا جَمِيعًا (قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: " نَحْنُ الْآخَرُونَ) ، أَيْ: الَّذِينَ تَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فِي حَالِ كَوْنِنَا وَإِيَّاهُمْ (مَنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ، أَيْ: مَنْ أَهْلِ الْآخِرَةِ فِي السَّبْقِ لَهُمْ، قَالَ الطِّيبِيُّ: اللَّامُ فِي الْآخَرِينَ مَوْصُولَةٌ، وَمَنْ أَهْلِ الدُّنْيَا حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي الصِّلَةِ اهـ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ خَبَرٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الضَّمِيرِ أَوْ هُوَ صِفَةٌ، وَالْمَوْصُوفُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: نَحْنُ النَّاسُ الْآخِرُونَ الْمَوْجُودُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا. (الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: صِفَةُ الْآخَرُونَ، أَيِ: الَّذِينَ يُقْضَى لَهُمْ قَبْلَ النَّاسِ لِيَدْخُلُوا الْجَنَّةَ أَوَّلًا، كَأَنَّهُ قِيلَ: الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ اهـ. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَقَدُّمِ رُتْبَتِهِمْ فِي كُلِّ مَوْقِفٍ مِنْ مَوَاقِفِ الْقِيَامَةِ، وَفِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ مِنْ مَرَاتِبِ الْحُكُومَةِ، وَفِي قَوْلِهِ لَهُمْ إِيمَاءٌ إِلَى كَمَالِ الِاعْتِنَاءِ بِهِمْ وَبِشَأْنِهِمْ، وَإِيمَاءٌ إِلَى إِظْهَارِ رِفْعَةِ مَكَانَتِهِمْ وَعُلُوِّ مَكَانِهِمْ، فَكَأَنَّ جَمِيعَ الْخَلَائِقِ تَبَعٌ لَهُمْ، بَلْ خُلِقُوا لِأَجْلِهِمْ حَشَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى مَعَهُمْ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1010
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست