responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 805
خَبَرِ: " «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ» " لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ مُنْقَطِعٌ، وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ وَوَصَلِهِ هُوَ مُئَوَّلٌ وَمُعَارَضٌ بِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ الَّذِي هُوَ أَصَحُّ مِنْهُ، (وَفِي أُخْرَى) ، أَيْ: رِوَايَةٌ أُخْرَى (لَهُمَا) : أَيْ لِلشَّيْخَيْنِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَلَ: " لَمْ أَنْسَ ") ، أَيْ: مَكَانَ " لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ ": " كُلُّ ذَلِكَ ") ، أَيْ: كُلٌّ مِنَ النِّسْيَانِ وَالْقَصْرِ (" لَمْ يَكُنْ ") : قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ فَعَلَ شَيْئًا فَقَالَ فَعَلْتُهُ، أَوْ قَالَ مَا فَعَلْتُهُ، وَفِي ظَنِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُ مَا ظَنَّ لَمْ يَأْثَمْ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَقَدْ كَانَ السَّهْوُ، (فَقَالَ) ، أَيْ: ذُو الْيَدَيْنِ (قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ) : يَعْنِي: قَصُرَتِ الصَّلَاةُ، وَلَكِنْ لَا أَدْرِي قَصْرُهَا سَهْوًا أَوْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَصْرِهَا، فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: احْتَجَّ الْأَوْزَاعِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ الْعَمْدَ إِذَا كَانَ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ ; لِأَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ تَكَلَّمَ عَامِدًا، وَالْقَوْمُ أَجَابُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَعَمْ عَامِدِينَ، مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُتِمُّوا الصَّلَاةَ، وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ كَلَامَ النَّاسِ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ زَعَمَ أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ، بِمَكَّةَ وَحُدُوثُ هَذَا الْأَمْرِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ ; لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ، أَمَّا كَلَامُ الْقَوْمِ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمْ أَوْمَئُوا بِنَعَمْ، وَلَوْ صَحَّ أَنَّهُمْ قَالُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَكَانَ ذَلِكَ جَوَابًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِجَابَةُ الرَّسُولِ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ، لِمَا رُوِيَ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَرَّ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَدَعَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] » وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّكَ تُخَاطِبُهُ فِي الصَّلَاةِ بِالسَّلَامِ، فَتَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا الْخِطَابُ مَعَ غَيْرِهِ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَأَمَّا ذُو الْيَدَيْنِ فَكَانَ كَلَامُهُ عَلَى تَقْدِيرِ النَّسْخِ وَقَصْرِ الصَّلَاةِ، وَكَانَ الزَّمَانُ زَمَانَ نَسْخٍ، فَكَانَ كَلَامُهُ عَلَى هَذَا التَّوَهُّمِ فِي حُكْمِ النَّاسِي.
وَأَمَّا كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّمَا جَرَى عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَمَّلَ الصَّلَاةَ، فَكَانَ فِي حُكْمِ النَّاسِي، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: " إِنَّمَا أَنْسَى " كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَقَدْ زَعَمَ الْقَائِلُ بِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ وَيَجِبُ بِهِ الْعَمَلُ، فَقَدْ أَخْبَرَ ذُو الْيَدَيْنِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مَأْمُونٌ، فَالْتَفَتَ بَعْدَ إِخْبَارِهِ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ؟ فَكَانَ مُتَكَلِّمًا بِذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَذْهَبِ هَذَا الْمُخَالِفِ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُخْرِجًا مِنَ الصَّلَاةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ نَسْخِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ يَكُونُ هَذَا مَنْسُوخًا وَأَبُو هُرَيْرَةَ قَدْ كَانَ حَاضِرًا ذَلِكَ، وَإِسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّمَا كَانَ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَنَسْخُ الْكَلَامِ كَانَ بِمَكَّةَ، قِيلَ لَهُ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ عَنْ وَقْتِ إِسْلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ كَمَا ذَكَرْتَ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَنَّ نَسْخَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ كَانَ بِمَكَّةَ فَمَنْ رَوَى لَكَ هَذَا؟ وَأَنْتَ لَا تَحْتَجُّ إِلَّا بِسَنَدٍ وَلَا تُسَوِّغُ خَصْمَكَ الْحُجَّةَ عَلَيْكَ إِلَّا بِمِثْلِهِ، فَمَنْ أَسْنَدَ لَكَ هَذَا وَعَمَّنْ رَوَيْتَهُ؟ وَهَذَا «زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ الْأَنْصَارِيُّ يَقُولُ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فَأُمِرَ بِالسُّكُوتِ» ، وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فِي كِتَابِنَا، وَصُحْبَةُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ، فَقَدْ ثَبَتَ بِحَدِيثِهِ هَذَا أَنَّ نَسْخَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، مَعَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَحْضُرْ تِلْكَ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْلًا ; لِأَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَحَدُ الشُّهَدَاءِ، قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ فَقَالَ: كَانَ إِسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْدَمَا قُتِلَ ذُو الْيَدَيْنِ، فَقَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي بِالْمُسْلِمِينَ - وَهَذَا جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ، وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ هَذَا عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِنَّا وَإِيَّاكُمْ كُنَّا نُدْعَى بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ وَنَحْنُ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ» "، فَهَذَا النَّزَّالُ يَقُولُ: " قَالَ لَنَا "، وَهُوَ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ قَالَ لِقَوْمِنَا، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ مَا وَرَدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: " «كُنَّا نَرُدُّ السَّلَامَ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نُهِينَا عَنْ ذَلِكَ» "، وَأَبُو سَعِيدٍ فِي السِّنِّ أَيْضًا لَعَلَّهُ دُونَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ بِدَهْرٍ طَوِيلٍ بَلْ هُوَ كَذَلِكَ اهـ، مُخْتَصَرًا.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 805
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست