responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 684
يَقُولُ) : وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ لِطَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَّمْتُ الصَّلَاةَ) ، أَيِ: الْفَاتِحَةَ وَسُمِّيَتْ صَلَاةً لِمَا فِيهَا مِنَ الْقِرَاءَةِ وَكَوْنُهَا جُزْءًا مِنْ أَجْزَائِهَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَقِيلَ: أَيِ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ مَجَازٌ مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَرْكَانِهَا، أَوْ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ: قِرَاءَةَ الصَّلَاةِ، قَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ: وَيَتَأَيَّدُ بِقَوْلِهِ: ( «بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ» ) : وَالصَّلَاةُ خَالِصَةٌ لِلَّهِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْقُرْآنُ اهـ.
وَتَتِمَّةُ الْحَدِيثِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَالتَّنْصِيفُ يَنْصَرِفُ إِلَى آيَاتِ السُّورَةِ؛ لِأَنَّهَا سَبْعُ آيَاتٍ، ثَلَاثٌ ثَنَاءٌ، وَثَلَاثٌ سُؤَالٌ، وَالْآيَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ نِصْفُهَا ثَنَاءٌ وَنِصْفُهَا دُعَاءٌ، فَإِذَنْ لَيْسَتِ الْبَسْمَلَةُ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّنْصِيفَ رَاجِعٌ إِلَى جُمْلَةِ الصَّلَاةِ لَا إِلَى الْفَاتِحَةِ كَمَا هُوَ حَقِيقَةُ اللَّفْظِ، وَبِأَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى مَا يُخْتَصُّ بِالْفَاتِحَةِ مِنَ الْآيَاتِ الْكَامِلَةِ، وَقَدْ تَمَسَّكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُتَابِعُوهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ مِنَ الْفَاتِحَةِ بِوَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ التَّسْمِيَةَ فِيمَا حَكَاهُ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ: " «فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ذَكَرَنِي عَبْدِي» " كَذَا ذِكَرَهُ مِيرَكُ، وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ ضَعِيفَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، ثُمَّ قَالَ: فَلَعَلَّهَا لَمْ تَنْزِلْ إِذْ ذَاكَ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا لَا بِالنِّسْبَةِ لِكَوْنِهَا تُذْكَرُ أَوَّلَ سُورَةِ: اقْرَأْ الَّتِي هِيَ أَوَّلُ مَا نَزَلْ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَذَلِكَ لِكَوْنِ الرَّاوِي أَبَا هُرَيْرَةَ، وَهُوَ إِنَّمَا أَسْلَمَ سَنَةَ سَبْعٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَوَى الْحَدِيثَ عَنْ غَيْرِهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرُوِيَ: «أَوَّلُ مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» وَهُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ، وَأُجِيبَ: بِأَنَّ عَدَمَ ذِكْرِهَا لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهَا بِالْفَاتِحَةِ مَعَ اسْتِقْلَالِهَا، قُلْتُ: الِاسْتِقْلَالُ مَمْنُوعٌ مُحْتَاجٌ بِمَا بِهِ الِاسْتِدْلَالُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَالِ، وَقِيلَ: التَّنْصِيفُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ نِصْفَهُ الدُّعَاءُ وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] ، يَزِيدُ عَلَى نِصْفِ الثَّنَاءِ وَهُوَ إِلَى قَوْلِهِ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: قَوْلُهُ (نِصْفَيْنِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ بَعْضَ آيَاتِهَا يُعُودُ عَلَيْهِ أَظْهَرُ فَائِدَةٍ وَنَفْعٍ دُنْيَوِيٍّ وَأُخْرَوِيٍّ، كَالِامْتِنَانِ عَلَيْهِ بِمَسْئُولَةٍ وَمَرْغُوبَةٍ، وَبَعْضُهَا لَا فَائِدَةَ لَهُ فِيهِ غَيْرُ مَحْضِ التَّعَبُّدِ وَالِامْتِثَالِ، فَجُعِلَ رَاجِعًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهَذَا الِاعْتِبَارِ كَمَا أَنَّ ذَاكَ رَاجِعٌ إِلَى الْعَبْدِ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ يَرْجِعُ إِلَى الْعَبْدِ بِاعْتِبَارِ التَّعَبُّدِ، وَإِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِاعْتِبَارِ الْإِعْظَامِ وَالْإِجْلَالِ، (وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ) ، أَيْ: أَحَدُ النِّصْفَيْنِ دَعَاهُ عَبْدِي إِيَّايَ وَلَهُ مَا سَأَلَ أَيْ بِعَيْنِهِ إِنْ كَانَ وُقُوعُهُ مُعَلَّقًا عَلَى السُّؤَالِ، وَإِلَّا فَمِثْلُهُ مِنْ رَفْعِ دَرَجَةٍ وَدَفْعِ مَضَرَّةٍ وَنَحْوِهَا بِهَذَا قِيلَ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ التَّقْدِيرَ لِذَاتِي مَا وَصَفَ مِنَ الثَّنَاءِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ مِنَ الدُّعَاءِ؛ وَلِذَا قَالَ: (فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ) ، أَيِ: الْمَذْكُورُ أَوَّلًا مَعَ التَّشْرِيفِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى رَبِّهِ لِتَحَقُّقِهِ بِصِفَاتِ الْعُبُودِيَّةِ وَقِيَامِهِ بِحَقِّ الرُّبُوبِيَّةِ وَشُهُودِهِ لِآثَارِهِمَا وَأَسْرَارِهِمَا فِي صَلَاتِهِ الَّتِي هِيَ مِعْرَاجُ الْأَرْوَاحِ وَرُوحُ الْأَشْبَاحِ، وَغَرْسُ تَجَلِّيَاتِ الْأَسْرَارِ الَّتِي يَنْجَلِي بِهَا الْأَحْرَارُ عَنِ الْأَغْيَارِ؛ وَلِذَا زِيدَ فِي تَشْرِيفِهِ بِتَكْرِيرِ هَذَا الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ الْأَوْصَافِ الَّذِي خَلَقَ لَهُ الْأَوْضَاعَ وَالْأَشْرَافَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وَهَذَا هُوَ غَايَةُ كَمَالِ الْإِنْسَانِ، وَنِهَايَةُ جَمَالِ الْإِحْسَانِ؛ وَلِذَا وُصِفَ نَبِيُّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِهِ فِي مَقَامِ الْفَخَامَةِ وَالْإِمَامَةِ وَالْكَرَامَةِ، {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1] ، {نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان: 1] ، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] ، وَفِي كَلَامِ الصُّوفِيَّةِ أَنَّهُ لَا مَقَامَ أَشْرَفُ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ إِذْ بِهَا يَنْصَرِفُ مِنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ إِلَى الْحَقِّ.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] ، قَالَ اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 3] : بِالْجَرِّ عَلَى الْحِكَايَةِ (قَالَ اللَّهُ) : قِيلَ لَعَلَّهُ تَعَالَى يَقُولُ لِمَلَائِكَتِهِ مُبَاهَاةً (أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي) : ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَمْدِ وَالشُّكْرِ الثَّنَاءُ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 684
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست