responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 580
قَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ تَسْلِيَةٌ لِلْقَوْمِ مِمَّا فَزِعُوا مِنْهُ، وَأَنَّ تِلْكَ الْغَفْلَةَ كَانَتْ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - قُلْتُ: هَذَا احْتِجَاجٌ بِالْقَدَرِ، وَحَسَنُهُ خَوْفُهُمْ مَعَ عَدَمِ تَقْصِيرِهِمْ فِي تَأْخِيرِهِمْ حَيْثُ لَا حَرَجَ فِي النَّوْمِ، سِيَّمَا مَعَ الِاحْتِرَاسِ بِأَمْرِ بِلَالٍ لِإِيقَاظِ النَّاسِ (وَلَوْ شَاءَ) أَيْ: أَنْ يَرُدَّهَا إِلَيْنَا فِي حِينٍ قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ (لَرَدَّهَا إِلَيْنَا فِي حِينٍ غَيْرِ هَذَا) بِالْجَرِّ عَلَى الصِّفَةِ، وَقِيلَ: بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ: غَيْرِ هَذَا الْحِينِ، وَهُوَ يُحْتَمَلُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، فَيَكُونُ الْقَبْضُ وَالرَّدُّ كِلَاهُمَا مَجَازًا، وَيُحْتَمَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: إِشَارَةٌ إِلَى الْمَوْتِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي يُنَبِّهُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ} [الزمر: 42] وَقَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا إِشَارَةً إِلَى الْمَوْتِ الْمَجَازِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى} [الزمر: 42] أَيِ: الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا. (فَإِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ) أَيْ: غَافِلًا وَذَاهِلًا (عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ شَكًّا مِنَ الرَّاوِي، وَأَنْ يَكُونَ تَنْوِيعًا فِي الْحَدِيثِ أَيْ: غَفَلَ عَنْهَا بِسَبَبِ النَّوْمِ أَوْ نَسِيَهَا بِأَمْرٍ آخَرَ قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَالْأَظْهَرُ التَّنْوِيعُ لَفْظًا وَمَعْنًى، فَإِنْ لَوْ كَانَ لِلشَّكِّ لَقَالَ أَوْ نَسِيَ لِيَكُونَ بَدَلًا عَنْ رَقَدَ، أَوْ قَالَ: نَسِيَ أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ لِيَكُونَ بَدَلًا عَنِ الْكُلِّ، وَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ: " «مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ أَوْ نَامَ عَنْهَا» "، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلشَّكِّ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ، لِأَنَّ النِّسْيَانَ خِلَافُ النَّوْمِ فَلَا يُجْدِي نَفْعًا (ثُمَّ فَزِعَ إِلَيْهَا) قَالَ الطِّيبِيُّ: ضَمِنَ (فَزِعَ) مَعْنَى الْتَجَأَ فَعُدِّيَ بِ (إِلَى) أَيِ: الْتَجَأَ إِلَى الصَّلَاةِ فَزَعًا يَعْنِي الْتَجَأَ مِنْ تَرْكِهَا إِلَى فِعْلِهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [الذاريات: 50] أَيْ: مِمَّا سِوَى اللَّهِ (فَلْيُصَلِّهَا) أَيْ: حِينَ قَضَاهَا (كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجْهَرُ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَيُسِرُّ فِي السِّرِّيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِ عُلَمَائِنَا حَيْثُ قَالَ: وَخَافَتَ حَتْمًا إِنْ قَضَى (ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ: مِنَ الْقَوْمِ (إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ) فَإِنَّهُ لَهُمْ رَئِيسٌ عَلَى التَّحْقِيقِ، وَلِلنَّبِيِّ صِدِّيقٌ وَصَدِيقٌ، فَفِي الْتِفَاتِهِ غَايَةُ الْتِفَاتِ وَنِهَايَةُ نَوْعٍ مِنَ الْخُصُوصِيَّاتِ (فَقَالَ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ) أَيْ: شَيْطَانَ الْوَادِي، أَوْ شَيْطَانَ بِلَالٍ، أَوِ الشَّيْطَانَ الْكَبِيرَ (أَتَى بِلَالًا وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فَأَضْجَعَهُ) أَيْ: أَسْنَدَهُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ اضْطَجَعَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ، وَلَمْ يُدْرَ أَيُّهُمَا اللَّاحِقُ (ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُهْدِئُهُ) مِنَ الْإِهْدَاءِ أَيْ: يُسَكِّنُهُ وَيُنَوِّمُهُ. فِي النِّهَايَةِ: الْهُدُوءُ وَالسُّكُونُ عَنِ الْحَرَكَاتِ مِنَ الْمَشْيِ وَالِاخْتِلَافِ فِي الطَّرِيقِ (كَمَا يُهْدَأُ الصَّبِيُّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: يُقَالُ: أَهْدَأْتُ الصَّبِيَّ وَأَسْكَنْتُهُ وَذَلِكَ بِأَنْ يَضْرِبَ كَفَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْكُنَ وَيَنَامَ (حَتَّى نَامَ) .
فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ أَسْنَدَ تِلْكَ الْغَفْلَةَ ابْتِدَاءً إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا، وَفِي قَوْلِ بِلَالٍ: أَخَذَ بِنَفْسَيِ الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ. ثُمَّ أَسْنَدَهَا إِلَى الشَّيْطَانِ، أُجِيبَ بِأَنَّهُ مَسْأَلَةُ خَلْقِ الْأَفْعَالِ. أَيْ: أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى خَلْقَ النَّوْمِ وَالنِّسْيَانِ فِيهِمْ، فَمَكَّنَ الشَّيْطَانَ مِنَ اكْتِسَابِ مَا هُوَ جَالِبٌ لِلْغَفْلَةِ أَوِ النَّوْمِ مِنَ الْهُدُوءِ وَغَيْرِهِ.
( «ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا، فَأَخْبَرَ بِلَالٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ» ) قَالَ الطِّيبِيُّ: فِي الْحَدِيثِ إِظْهَارُ مُعْجِزَةٍ، وَلِذَا صَدَّقَهُ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالشَّهَادَةِ. (رَوَاهُ مَالِكٌ) أَيْ: فِي الْمُوَطَّأِ (مُرْسَلًا) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ زَيْدًا تَابِعِيٌّ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 580
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست