responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 517
ذَلِكَ بِانْطِبَاقِ آخِرِ الظُّهْرِ، وَأَوَّلُ الْعَصْرِ عَلَى الْحِينِ الَّذِي صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَمَادَى قَدْرَ مَا يَسَعُ أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ، فَلَابُدَّ مِنْ تَأْوِيلٍ، وَتَأْوِيلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَوْلَى قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَسَيَأْتِي زِيَادَةُ تَحْقِيقٍ لِهَذَا الْمَبْحَثِ.
(وَوَقْتُ الْعَصْرِ) : أَيْ: يَدْخُلُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ ظِلِّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ، وَيَسْتَمِرُّ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (مَا لَمْ تَصْفَرَّ) : بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَتُكْسَرُ (الشَّمْسُ) : فَالْمُرَادُ بِهِ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الصَّحِيحَيْنِ: " «وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» " أَيْ: مُؤَدَّاةً، وَلِحَدِيثِ غَيْرِهِمَا بِسَنَدٍ رِجَالُهُ فِي مُسْلِمٍ: " وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبُ الشَّمْسُ " وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: " مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَسَقَطَ قَرْنُهَا الْأَوَّلُ " قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ التَّأْخِيرِ إِلَى وَقْتِ الِاصْفِرَارِ، فَوَقْتُ جَوَازِهِ إِذَا غَرَبَتْ.
(وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ) : ذَكَرَ الصَّلَاةَ فِي مَوَاضِعٍ، وَحَذَفَهَا فِي آخَرَ دَلَالَةً عَلَى جَوَازِ الْإِطْلَاقَيْنِ (مَا لَمْ يَغِبِ) : وَفِي الْمَصَابِيحِ: مَا لَمْ يَسْقُطْ (الشَّفَقُ) : وَهُوَ الْحُمْرَةُ الَّتِي تَلِي الشَّمْسَ بَعْدَ الْغُرُوبِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ يُفْتَى، وَالْبَيَاضُ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الْحُمْرَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى امْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إِلَى سُقُوطِ الشَّفَقِ، فَلَوْ سَقَطَ بَعْضُهُ لَا يَدْخُلْ وَقْتُ الْعِشَاءِ، كَمَا لَا يَدْخُلْ وَقْتُ الْمَغْرِبِ بِغُرُوبِ بَعْضِ الْقُرْصِ، وَتَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ أَقَلُّ كَرَاهَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَأْخِيرِ الْعَصْرِ قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَسْقُطِ الشَّفَقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ يَمْتَدُّ إِلَى غُرُوبِ الشَّفَقِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ قَدِيمًا وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ أَيِ: الثَّاقِبِ، وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ جَدِيدًا إِلَى أَنَّ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ لَهَا وَقْتٌ وَاحِدٌ مُضَيَّقٌ ; لِأَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَلَّاهَا فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ قَدْرُ وُضُوءٍ وَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَخَمْسِ رَكْعَاتٍ مُتَوَسِّطَاتٍ اهـ.
وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالْغُرُوبِ إِجْمَاعًا، وَكَأَنَّهُ اكْتَفَى بِذِكْرِ الْمَغْرِبِ وَلَا يُعْتَدَّ بِخِلَافِ الشِّيعَةِ، وَخَبَرُ: إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْمَغْرِبَ عِنْدَ اشْتِبَاكِ النُّجُومِ بَاطِلٌ، بَلْ صَحَّ: " «لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى الْفِطْرَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ حَتَّى تَشْتَبِكَ النُّجُومُ» "، وَتَأْخِيرُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَهَا كَمَا فِي أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْعُلَمَاءِ كَرَاهِيَةَ تَأْخِيرِهَا عَنْ أَوَّلِهِ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِي اخْتِيَارِهِ الْقَوْلَ الْجَدِيدِ لِلشَّافِعِيِّ وَتَصْحِيحِهِ لَهُ. (وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ) : أَيْ: مِنْ عَقِيبِ الشَّفَقِ إِجْمَاعًا (إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الْأَوْسَطِ) : وَالْمُرَادُ بِهِ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ أَيْضًا، فَإِنَّ الْأَكْثَرِينَ قَالُوا: إِنَّ وَقْتَهُ يَمْتَدُّ إِلَى طُلُوعِ الصُّبْحِ الصَّادِقِ لِمَا رَوَى أَبُو قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " «لَيْسَ التَّفْرِيطُ فِي النَّوْمِ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ صَلَاةً حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى» " خَصَّ الْحَدِيثَ فِي الصُّبْحِ، فَيَبْقَى عَلَى عُمُومِهِ فِي الْبَاقِي قَالَهُ الطِّيبِيُّ. وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ: احْتَجَّ بِهِ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، وَعِنْدَ غَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، وَأَمَّا وَقْتُ الْجَوَازِ فَيَمْتَدُّ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ: وَالْأَوْسَطُ صِفَةُ اللَّيْلِ أَيِ: اللَّيْلِ الْمُعْتَدِلِ، لَا طَوِيلٌ وَلَا قَصِيرٌ، فَنِصْفُ اللَّيْلِ الْأَوْسَطِ يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى لَيْلٍ قَصِيرٍ كَثِيرٌ مِنْ نِصْفِهِ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى لَيْلٍ طَوِيلٍ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِهِ، وَقِيلَ: الْأَوْسَطُ صِفَةُ النِّصْفِ أَيْ: نِصْفٌ عَدْلٌ مِنَ اللَّيْلِ عُمُومًا يَعْنِي مِنْ كُلِّ نِصْفِهِ، وَبِهِ قَطَعَ الْفُقَهَاءُ قَاطِبَةً، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي التَّأْخِيرَ إِلَى سِتِّ سَاعَاتٍ فِي أَقْصَرِ اللَّيَالِي، وَهِيَ ثُلُثَا اللَّيْلِ، وَإِلَى سِتِّ سَاعَاتٍ فِي أَطْوَلِ اللَّيَالِي، وَهِيَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَالْعَكْسُ أَحْرَى وَأَلْيَقُ اهـ. يَعْنِي: احْتِرَازًا عَنِ الْمَشَقَّةِ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ» " وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ اهـ. قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: الْمُرَادُ ثُلُثُ اللَّيْلِ فِي الصَّيْفِ، وَنِصْفُهُ فِي الشِّتَاءِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 517
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست