responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 492
(12) بَابُ الْحَيْضِ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
545 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «إِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا، وَلَمْ يُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ، فَسَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] الْآيَةَ، فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحِ " فَبَلَغَ ذَلِكَ الْيَهُودَ. فَقَالُوا: مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ. فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حَضَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْيَهُودَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا، أَفَلَا نُجَامِعُهُنَّ؟ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ قَدْ وَجَدَ عَلَيْهِمَا، فَخَرَجَا، فَاسْتَقْبَلَتْهُمَا هَدِيَّةٌ مِنْ لَبَنٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ فِي آثَارِهِمَا فَسَقَاهُمَا، فَعَرِفَا أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِمَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(12) بَابُ الْحَيْضِ
لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ ذَكَرَ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ الْمَفْرُوضَ، فَإِنَّ انْقِطَاعَ الْحَيْضِ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الْغُسْلِ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ حَاضَ إِذَا سَالَ، وَفِي الشَّرْعِ دَمٌ يَنْفُضُهُ رَحِمُ امْرَأَةٍ سَلِيمَةٍ مِنَ الدَّاءِ وَالصِّغَرِ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَمْنَعُ صَوْمًا وَصَلَاةً وَنَحْوَهُمَا، وَيُقْضَى هُوَ لَا هِيَ، وَأَصْلُ الْبَابِ قَوْلُهُ تَعَالَى: " {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] " وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَبِمَا فِيهِ مِنَ الْعُمُومِ رَدَّ الْبُخَارِيُّ عَلَى مَنْ قَالَ: أَوَّلُ مَا أُرْسِلَ الْحَيْضُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: قِيلَ: إِنَّ أُمُّنَا حَوَّاءَ لَمَّا كَسَرَتْ شَجَرَةَ الْحِنْطَةِ وَأَدْمَتْهَا قَالَ اللَّهُ: لَأُدْمِيَنَّكِ كَمَا أَدْمَيْتِهَا، وَابْتَلَاهَا بِالْحَيْضِ هِيَ وَجَمِيعُ بَنَاتِهَا إِلَى السَّاعَةِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
545 - (عَنْ أَنَسٍ قَالَ: إِنَّ الْيَهُودَ) : جَمْعُ يَهُودِيٌّ كَرُومٍ وَرُومِيٍّ، وَأَصْلُهُ الْيَهُودِيِّينَ ثُمَّ حُذِفَ يَاءُ النِّسْبَةِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْيَهُودَ قَبِيلَةٌ سُمِّيَتْ بِاسْمِ جَدِّهَا يَهُودَ أَخِي يُوسُفَ الصِّدِّيقِ، وَالْيَهُودِيُّ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِمْ بِمَعْنَى وَاحِدٌ مِنْهُمْ (كَانُوا) : أَسْقَطَ ابْنُ حَجَرٍ لَفْظًا: " إِنَّ الْيَهُودَ " مِنَ الْحَدِيثِ، وَجَعَلَ ضَمِيرَ كَانُوا لِلنَّاسِ وَهُوَ خَطَأٌ لَفْظًا وَمَعْنًى (إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ) : فِيهِ رَدٌّ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ حَيْثُ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ: حَاضَتِ الْمَرْأَةُ وَطَمِثَتْ عَلَى مَا نَقَلَ عَنْهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَفِي مَعْنَاهُ عَرَكَتْ وَنَفَسَتْ، وَنَهْيُ عَائِشَةَ عَنْ ذِكْرِ الْعِرَاكِ مَذْهَبُ صَحَابِيٌّ؛ وَلِأَنَّ النِّسَاءَ يَسْتَحْيِينَ مِنْ ذَلِكَ (فِيهِمْ) : كَذَا فِي مُسْلِمٍ، وَجَامِعِ الْأُصُولِ، وَفِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ وَشَرْحِ السُّنَّةِ مِنْهُمْ (لَمْ يُؤَاكِلُوهَا) : بِالْهَمْزِ وَيُبَدَلُ وَاوًا، وَقِيلَ: إِنَّهُ لُغَةٌ (وَلَمْ يُجَامِعُوهُنَّ) : أَيْ: لَمْ يُسَاكِنُوهُنَّ وَلَمْ يُخَالِطُوهُنَّ (فِي الْبُيُوتِ) : بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا، وَإِنَّمَا جَمَعَ الضَّمِيرَ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَرْأَةِ الْجِنْسُ، فَعَبَّرَ أَوَّلًا بِالْمُفْرَدِ ثُمَّ بِالْجَمْعِ رِعَايَةً لِلَّفْظِ وَالْمَعْنَى عَلَى طَرِيقِ التَّفَنُّنِ (فَسَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ (النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : عَنْ عَدَمِ الْمُؤَاكَلَةِ حَالَةَ الْحَيْضِ كَمَا تَفْعَلُ الْيَهُودُ (فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] : أَيْ: حُكْمِ زَمَانِ الْحَيْضِ (الْآيَةَ) : بِالْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ تَتِمَّتُهَا: {قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [الفاتحة: 222 - 638] قَالَ فِي الْأَزْهَارِ: الْمَحِيضُ الْأَوَّلُ فِي الْآيَةِ هُوَ الدَّمُ بِالِاتِّفَاقِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222] وَفِي الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهُمَا: الدَّمُ كَالْأَوَّلِ، وَالثَّانِي: زَمَانُ الْحَيْضِ، وَالثَّالِثُ: مَكَانُهُ وَهُوَ الْفَرْجُ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ وَأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ الْأَذَى مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَانُ قِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ لَوْنًا كَرِيهًا وَرَائِحَةً مُنْتِنَةً وَنَجَاسَةً مُؤْذِيَةً مَانِعَةً عَنِ الْعِبَادَةِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْبَغَوِيُّ: وَالتَّنْكِيرُ هُنَا لِلْقِلَّةِ أَيْ: أَذًى يَسِيرٌ لَا يَتَعَدَّى وَلَا يَتَجَاوَزُ إِلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ وَحَرَمِهِ فَتُجْتَنَبُ وَتُخْرَجُ مِنَ الْبَيْتِ، كَفِعْلِ الْيَهُودِ وَالْمَجُوسِ. نَقَلَهُ السَّيِّدُ. يَعْنِي: الْحَيْضَ أَذًى يَتَأَذَّى مَعَهُ الزَّوْجُ مِنْ مُجَامَعَتِهَا فَقَطْ دُونَ الْمُوَاكَلَةِ وَالْمُجَالَسَةِ وَالِافْتِرَاقِ أَيْ: فَابْعُدُوا عَنْهُنَّ بِالْمَحِيضِ أَيْ: فِي مَكَانِ الْحَيْضِ، وَهُوَ الْفَرْجُ أَوْ حَوْلَهُ مِمَّا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ احْتِيَاطًا (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : مُبَيِّنًا لِلِاعْتِزَالِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ بِقَصْرِهِ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ (اصْنَعُوا) : أَيْ: افْعَلُوا (كُلَّ شَيْءٍ) : مِنَ الْمُوَاكَلَةِ وَالْمُلَامَسَةِ وَالْمُضَاجَعَةِ (إِلَّا النِّكَاحَ) : أَيِ: الْجِمَاعَ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ، وَقِيلَ: فِي الْعَقْدِ، فَيَكُونُ إِطْلَاقًا لِاسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ. وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلْآيَةِ، وَبَيَانٌ لِقَوْلِهِ: " فَاعْتَزِلُوا " فَإِنَّ الِاعْتِزَالَ شَامِلٌ لِلْمُجَانَبَةِ عَنِ الْمُؤَاكَلَةِ وَالْمُضَاجَعَةِ، وَالْحَدِيثُ بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِانْتِفَاعِ، بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ الْقَدَيمِ، وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 492
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست