responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 476
قَالَ النَّوَوِيُّ: فِي الْأُصُولِ بِفَتْحِ السِّينِ وَالْبَاءِ وَالْقَافِ، وَبَعْدَهَا تَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ فَوْقِ سَاكِنَةٌ أَيْ: وُجِدَتْ قَبْلَ حُضُورِنَا، وَأَمَّا بَقَاءُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي صَلَاتِهِ هَذِهِ، وَتَأَخُّرُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي صَلَاتِهِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ ; لِيَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ قَضِيَّةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ قَدْ رَكَعَ رَكْعَةً، فَتَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّقَدُّمَ لِئَلَّا يَخْتَلَّ تَرْتِيبُ صَلَاةِ الْقَوْمِ، بِخِلَافِ قَضِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ، نَعَمْ وَقَعَ لِأَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ مَعَ الْإِشَارَةِ لَهُ بِعَدَمِ التَّأَخُّرِ تَأَخَّرَ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ لَمْ يَتَأَخَّرْ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِنَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ تَذَكَّرَ أَنَّ تَأَخُّرَهُ يَضُرُّ بِالْقَوْمِ فَلَمْ يَفْعَلْهُ، وَأَبَا بَكْرٍ عَلِمَ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي تَأَخُّرِهِ فَتَأَخَّرَ، وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ - وَهُوَ الْأَحْسَنُ -: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ فَهِمَ أَنَّ سُلُوكَ الْأَدَبِ أَوْلَى مِنِ امْتِثَالِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَإِنَّهُ فَهِمَ أَنَّ امْتِثَالَ الْأَمْرِ أَوْلَى، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ أَكْمَلُ ; لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي أَمْرٍ عُلِمَ بِالْقَرَائِنِ أَنَّهُ لِرِعَايَةِ حَالِ الْمَأْمُورِ دُونَ الْآمِرِ، فَفِي الِامْتِثَالِ إِيهَامُ إِخْلَالٍ بِكَمَالِ الْأَدَبِ مَعَ الْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ فِي الِامْتِثَالِ أَدَبٌ أَيُّ أَدَبٍ، وَفِي إِيثَارِ الْأَدَبِ إِظْهَارُ رِعَايَةِ حَالِ الْأَمْرِ، وَالْإِعْرَاضُ عَنْ حَالِ الْمَأْمُورِ بِكُلِّ وَجْهٍ، فَكَانَ هَذَا أَوْلَى وَأَكْمَلَ، وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ مِنَ الْفَرَحِ لَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ عَنِ التَّأَخُّرِ، وَلِلْمُبَالَغَةِ فِي امْتِنَاعِهِ عَنِ التَّقَدُّمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ: «أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا: " أَحْسَنْتُمْ، صَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا» " يَعْنِي لَا تُؤَخِّرُوهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِانْتِظَارِ الْإِمَامِ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ تَرْكُ انْتِظَارِهِ إِذَا مَضَى زَمَانٌ كَثِيرٌ إِنْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَتَى يَجِيءُ، أَمَّا إِذَا عَلِمُوا فَيُسْتَحَبُّ الِانْتِظَارُ، وَإِنْ كَانَ مَوْضِعُ الْإِمَامِ قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ يُسْتَحَبُّ إِعْلَامُهُ وَقْتَ الصَّلَاةِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَصْلَ الْحَدِيثِ فِي اللِّبَاسِ وَفِي غَيْرِهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَسْحَ عَلَى النَّاصِيَةِ فِي كِتَابِهِ، وَلَا ذَكَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْعِمَامَةِ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، وَلَا ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ صَلَاةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِالنَّاسِ، وَلَا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَذَا ذَكَرَهُ مِيرَكُ شَاهْ.

الْفَصْلُ الثَّانِي
519 - عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ «رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً، إِذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا» ، رَوَاهُ الْأَثْرَمُ فِي سُنَنِهِ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، والدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ الْإِسْنَادُ، هَكَذَا فِي الْمُنْتَقَى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفَصْلُ الثَّانِي
519 - (وَعَنْ أَبِي بَكَرَةَ) : بِالتَّاءِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: هُوَ نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ: بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، قِيلَ: تَدَلَّى يَوْمَ الطَّائِفِ بِبَكَرَةَ وَأَسْلَمَ، فَكَنَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي بَكْرَةَ وَأَعْتَقَهُ ; فَهُوَ مِنْ مَوَالِيهِ، وَنَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ، رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ. (رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَخَّصَ) أَيْ: جَوَّزَ ( «لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً» ) وَاخْتُلِفَ هَلِ الْمَسْحُ أَفْضَلُ أَمِ الْغَسْلُ؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ لَابِسًا لِلْخُفِّ بِشَرْطِهِ فَالْمَسْحُ أَفْضَلُ ; كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (إِذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ) أَيْ: لَبِسَ خُفَّيْهِ بَعْدَ طَهَارَةِ رِجْلَيْهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعْقِيبُ ; فَالْفَاءُ لِمُجَرَّدِ الْبَعْدِيَّةِ، فَقَوْلُ ابْنِ الْمَلَكِ: " الْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ " قَوْلٌ لَا قَائِلَ بِهِ، وَقَوْلُهُ: " أَيْ لَبِسَ خُفَّيْهِ بَعْدَ تَمَامِ الطَّهَارَةِ " مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، (أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا) مَفْعُولُ رَخَّصَ (رَوَاهُ الْأَثْرَمُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (فِي سُنَنِهِ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ) : مُصَغَّرًا (وَالدَّارَقُطْنِيُّ) وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا، وَقَالَ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. كَذَا نَقَلَهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ (وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، هَكَذَا فِي الْمُنْتَقَى) كِتَابٌ لِابْنِ تَيْمِيَةَ الْحَنْبَلِيِّ، وَقَالَ غَيْرُ الْخَطَّابِيِّ: إِنَّهُ حَسَنُ الْإِسْنَادِ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا هُوَ حُجَّةٌ فِي أَنَّ مُدَّةَ الْمَسْحِ مُقَدَّرَةٌ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ: لَا تُقَدَّرُ بَلْ يَمْسَحُ كُلٌّ مِنَ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ مَا شَاءَ لِخَبَرٍ فِيهِ، لَكِنَّهُمُ اتَّفَقُوا أَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرِبٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَوْلُ عُمَرَ لِمَنْ مَسَحَ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ: " أَصَبْتَ السُّنَّةَ " مُعَارَضٌ بِمَا صَحَّ عَنْهُ مِنَ التَّوْقِيتِ، فَإِمَّا رَجَعَ إِلَيْهِ حِينَ بَلَغَهُ، وَإِمَّا أَنَّ قَوْلَهُ بِالتَّوْقِيتِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ ; لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَصَبْتَ السُّنَّةَ، أَيْ: نَفْسَ الْمَسْحِ، رَدٌّ لِمَنْ زَعَمَ عَدَمَ جَوَازِهِ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 476
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست