responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 455
يَكُونَ سُؤْرُ الْهِرَّةِ عَلَى تَقْدِيرِ نَجَاسَةِ فَمِهَا مَعْفُوًّا عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ، كَطِينِ الشَّارِعِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ كَمَا سَنُقَرِّرُهُ، هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ أَبِي حَامِدِ الْغَزَالِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: الْأَحْسَنُ تَعْمِيمُ الْعَفْوِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ: سُؤْرُ الْهِرَّةِ طَاهِرٌ لِطَهَارَةِ عَيْنِهَا، وَلَا يُكْرَهُ، وَلَوْ تَنَجَّسَ فَمُهَا ثُمَّ وَلَغَتْ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: التَّفْصِيلُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَإِنَّهَا إِنْ غَابَتْ بِمِقْدَارٍ يَحْتَمِلُ وُلُوغَهَا فِي مَاءٍ مُطَهَّرٍ كَانَ طَاهِرًا وَإِلَّا نَجِسًا اهـ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هُوَ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْمُغَايِرِ ; عَلَّلَ إِصْغَاءَهُ لَهَا الْإِنَاءَ بِأَمْرَيْنِ مُتَغَايِرَيْنِ، وَفِيهِ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لَفْظًا وَمَعْنًى. وَمِنَ الْغَرَائِبِ أَنَّهُ جَعَلَ قَوْلَ الطِّيبِيِّ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ، وَضَعَّفَهُ بِقَوْلِهِ: قِيلَ: وَيَصِحُّ. . . إِلَخْ. فَتَأَمَّلْ يَظْهَرْ لَكَ طُرُقُ الزَّلَلِ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَكَفَى فِيهَا أَنَّهَا لَا تَتَحَامَى النَّجَاسَةَ، فَيُكْرَهُ كَمَا لَوْ غَمَسَ الصَّغِيرُ يَدَهُ فِيهِ، وَأَمَّا النَّجَاسَةُ فَالِاتِّفَاقُ عَلَى سُقُوطِهَا بِعِلَّةِ الطَّوَافِ الْمَنْصُوصِ فِي قَوْلِهِ: " إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ " يَعْنِي أَنَّهَا تَدْخُلُ الْمَضَايِقَ، وَلِمُلَازَمَةِ شِدَّةِ الْمُخَالَطَةِ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ صَوْنُ الْأَوَانِي مِنْهَا، بَلِ التَّنَفُّسُ وَالضَّرُورَةُ اللَّازِمَةُ مِنْ ذَلِكَ أَسْقَطَتِ النَّجَاسَةَ، كَمَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْجَبَ الِاسْتِئْذَانَ، وَأَسْقَطَهُ عَنِ الْمَمْلُوكِينَ بِقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ} [النور: 58] أَيْ: عَنْ أَهْلِهِمْ فِي تَمْكِينِهِمْ مِنَ الدُّخُولِ فِي غَيْرِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ بِغَيْرِ إِذْنٍ لِلطَّوَافِ الْمُفَادِ بِقَوْلِهِ عَقِيبَهُ: {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النور: 58] اهـ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: أَنَّ سُؤْرَ الْهِرَّةِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ، وَإِنْ أَكَلَتِ الْهِرَّةُ الْفَأْرَةَ ثُمَّ شَرِبَتِ الْمَاءَ عَلَى الْفَوْرِ يَتَنَجَّسُ، وَإِنْ مَكَثَتْ سَاعَةً وَلَحِسَتْ فَمَهَا فَمَكْرُوهٌ. وَلَيْسَ بِنَجَسٍ عِنْدَهُمَا، خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ ; بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّطْهِيرَ بِغَيْرِ الْمَاءِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. (" عَلَيْكُمْ ") : فَيَتَمَسَّحُونَ بِأَيْدِيكُمْ وَثِيَابِكُمْ، فَلَوْ كَانَتْ نَجِسَةً لَأَمَرْتُكُمْ بِالْمُجَانَبَةِ عَنْهَا، فَهَذَا بَيَانٌ لِقَوْلِهِ: " إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ "، كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَالتَّحْقِيقُ مَا تَقَدَّمَ (" أَوِ الطَّوَّافَاتِ ") : شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. وَقَالَ فِي الْأَزْهَارِ: شَبَّهَ ذُكُورَهَا بِالطَّوَّافِينَ، وَإِنَاثَهَا بِالطَّوَّافَاتِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَيْسَتْ لِلشَّكِّ ; لِوُرُودِهِ بِالْوَاوِ فِي رِوَايَاتٍ أُخَرَ، بَلْ لِلتَّنْوِيعِ، وَكَوْنُ ذِكْرِ الصِّنْفَيْنِ مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ (رَوَاهُ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارِمِيُّ) : وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، نَقَلَهُ السَّيِّدُ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهَا كَانَتْ تَمُرُّ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَيُصْغِي لَهَا الْإِنَاءَ، فَتَشْرَبُ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا، وَضَعَّفَهُ عَبَدُ رَبِّهِ، وَلَكِنْ قُلْنَا: هَذَا دَلِيلُ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمُرُّ بِهِ الْهِرَّةُ، فَيُصْغِي لَهَا الْإِنَاءَ، فَتَشْرَبُ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا» . وَأَبُو يُوسُفَ أَدْرَى بِعَبْدِ رَبِّهِ مِنَ الدَّارَقُطْنِيِّ ; لِعِلْمِهِ بِحَالِ شَيْخِهِ، وَيَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ مَا رَوَاهُ هُوَ وَابْنُ مَاجَهْ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَارِثِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ أَتَوَضَّأُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ أَصَابَتْ مِنْهُ الْهِرَّةُ قَبْلَ ذَلِكَ» ، وَمَا فِي السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَمَا فِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ «سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ الْهِرَّةِ؟ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَرْضٍ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا: بُطْحَانَ، فَقَالَ: (" يَا أُنَيْسُ، اسْكُبْ لِي وَضُوءًا ") فَسَكَبْتُ لَهُ، فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ أَقْبَلَ إِلَى الْإِنَاءِ، وَقَدْ أَتَى هِرٌّ فَوَلَغَ فِي الْإِنَاءِ، فَوَقَفَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقْفَةً حَتَّى شَرِبَ الْهِرُّ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَقَالَ: (" يَا أَنَسُ، إِنَّ الْهِرَّ مِنْ سِبَاعِ الْبَيْتِ، لَنْ يُقَذِّرَ شَيْئًا وَلَنْ يُنَجِّسَهُ» ") . وَمَا فِي صَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (" إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ هِيَ كَبَعْضِ أَهْلِ الْبَيْتِ» ") . وَفِي سُنَنِ الدَّارِمِيِّ: " «هِيَ كَبَعْضِ أَهْلِ الْبَيْتِ» "، وَأَمَّا خَبَرُ: " «يُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعًا، وَمِنْ وُلُوغِ الْهِرَّةِ مَرَّةً» " مُدْرَجٌ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا بَيَّنَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ خَفِيَ عَلَى الطَّحَاوِيِّ، وَلِذَا قَالَ: سُؤْرُ الْهِرَّةِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا مَا اشْتَهَرَ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَطَعَ ذَيْلَ ثَوْبِهِ الَّذِي رَقَدَتْ عَلَيْهِ هِرَّةٌ، فَلَا أَصْلَ لَهُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 455
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست