responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 451
أَنْ يَكُونَ مُدْرَجًا مِنْ كَلَامِ أَحَدِ الرُّوَاةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْفَاءُ التَّعْلِيلِيَّةُ، فَإِنَّ الْحَمْلَ لَمَّا كَانَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَابِ حَمْلِ الْجِسْمِ كَفُلَانٍ لَا يَحْمِلُ الْحَجَرَ، أَيْ: لَا يُطِقْهُ لِثِقَلِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ حَمْلِ الْمَعْنَى ; كَفُلَانٍ لَا يَحْمِلُ الْغَمَّ، أَيْ: لَا يَقْبَلُهُ وَلَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} [الجمعة: 5] أَيْ: لَمْ يَقْبَلُوا أَحْكَامَهَا، عَلَّلَ الرَّاوِي بِمُقْتَضَى رَأْيِهِ وَفَهْمِهِ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ، لَكِنْ يَبْقَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْقَ لِذِكْرِ الْقُلَّتَيْنِ فَائِدَةٌ، قِيلَ: وَلَا يَكُونُ الْجَوَابُ كَافِيًا شَافِيًا. نَعَمْ لَوْ قِيلَ: مَعْنَى لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ أَنَّهُ يَتَغَيَّرُ صَرِيحًا ; لَصَلُحَ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لِلْمَالِكِيَّةِ، وَيَظْهَرُ لِذِكْرِ الْقُلَّتَيْنِ فَائِدَةٌ أَغْلَبِيَّةٌ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ) .
(وَفِي أُخْرَى لِأَبِي دَاوُدَ: فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ) : بِفَتْحِ الْجِيمِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا، كَذَا فِي الْأَزْهَارِ، وَرُوِيَ الْحَدِيثُ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ.

478 - «وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرٍ بُضَاعَةَ، وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ، وَلُحُومُ الْكِلَابِ، وَالنَّتْنُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
478 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرٍ بُضَاعَةَ؟) : بِضَمِّ الْبَاءِ، وَأُجِيزَ كَسْرُهَا، وَحُكِيَ أَيْضًا بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَهِيَ بِئْرٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ نَقْلًا عَنِ التُّورِبِشْتِيُّ: بُضَاعَةُ دَارُ بَنِي سَاعِدَةَ بِالْمَدِينَةِ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَأَهْلُ اللُّغَةِ يَضُمُّونَ الْبَاءَ وَيَكْسِرُونَهَا، وَالْمَحْفُوظُ فِي الْحَدِيثِ الضَّمُّ (وَهِيَ بِئْرٌ) : بِالْهَمْزَةِ وَيُبْدَلُ (يُلْقَى) : يَجُوزُ فِيهِ التَّأْنِيثُ وَالتَّذْكِيرُ (فِيهَا الْحِيَضُ) : بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ جَمْعُ حَيْضَةٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، وَهِيَ الْخِرْقَةُ الَّتِي تَسْتَعْمِلُهَا الْمَرْأَةُ فِي دَمِ الْحَيْضِ أَوْ تَسْتَثْفِرُهَا (وَلُحُومُ الْكِلَابِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: وَوَجْهٌ مُعَيَّنٌ يُلْقَى فِيهَا أَنَّ الْبِئْرَ كَانَتْ بِمَسِيلٍ مِنْ بَعْضِ الْأَوْدِيَةِ الَّتِي يُحْتَمَلُ أَنْ يَنْزِلَ فِيهَا أَهْلُ الْبَادِيَةِ، فَتُلْقَى تِلْكَ الْقَاذُورَاتُ بِأَفْنِيَةِ مَنَازِلِهِمْ فَيَكْسَحُهَا السَّيْلُ فَيُلْقِيهَا فِي الْبِئْرِ، فَعَبَّرَ عَنْهُ الْقَائِلُ بِوَجْهٍ يُوهِمُ أَنَّ الْإِلْقَاءَ مِنَ النَّاسِ لِقِلَّةِ تَدَيُّنِهِمْ، وَهَذَا مِمَّا لَا يُجَوِّزُهُ مُسْلِمٌ، فَأَنَّى يُظَنُّ ذَلِكَ بِالَّذِينِ هُمْ أَفْضَلُ الْقُرُونِ وَأَزْكَاهُمْ (وَالنَّتْنُ؟) : بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ التَّاءِ وَتُكْسَرُ، وَهِيَ الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الشَّيْءُ الْمُنْتِنُ كَالْعَذِرَةِ وَالْجِيفَةِ. قِيلَ: كَانَتِ السُّيُولُ تَكْسَحُ الْأَقْذَارَ مِنَ الطُّرُقِ وَالْأَفْنِيَةِ، فَتَحْمِلُهَا وَتُلْقِيهَا فِي هَذِهِ الْبِئْرِ، وَكَانَ مَاؤُهَا كَثِيرًا سَيَّالًا يَجْرِي بِهَا، فَسَأَلُوا عَنْ حُكْمِهَا فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ، (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْمَاءَ ") : قِيلَ: الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ، فَتَأْوِيلُهُ: إِنَّ الْمَاءَ الَّذِي تَسْأَلُونَ عَنْهُ، وَهُوَ مَاءُ بِئْرِ بُضَاعَةَ. فَالْجَوَابُ مُطَابَقِيٌّ لَا عُمُومٌ كُلِّيٌّ، كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٍ (" طَهُورٌ ") : أَيْ: طَاهِرٌ كَمَا تُفِيدُ صِيغَةُ الْمُبَالَغَةِ ; لِكَوْنِهِ جَارِيًا فِي الْبَسَاتِينِ (لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ) : أَيْ: مَا يَتَغَيَّرُ بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى نَجَاسَةِ الْمُتَغَيِّرِ، فَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ أَنَّهُ كَانَ كَنُقَاعَةِ الْحِنَّاءِ مَحْمُولٌ عَلَى لَوْنِ جَوْهَرِ مَائِهَا، وَالشَّافِعِيَّةُ يَقُولُونَ: لِأَنَّهَا كَانَتْ كَثِيرَةَ الْمَاءِ أَضْعَافَ الْقُلَّتَيْنِ فَلَا يُخَالِفُ حَدِيثَ ابْنَ عُمَرَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَدَدْتُ فِيهِ رِدَائِي فَإِذَا عَرْضُهُ سِتَّةَ أَذْرُعٍ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ) . قَالَ السَّيِّدُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ اهـ.
وَفَى الْمَصَابِيحِ: وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَيْ: فِي جَوَابِ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ قَالَ: " «خُلِقَ الْمَاءُ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» ، إِلَّا مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ ". قَالَ شَارِحُهُ ابْنَ الْمَلَكِ: قَاسَ الشَّافِعِيُّ اللَّوْنَ عَلَى الطَّعْمِ وَالرِّيحِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمَا فِي الْحَدِيثِ، وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ فِي قَوْلِهِ: أَخْذُ مَالِكٍ بِعُمُومِ هَذَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ إِلْغَاءُ الْعَمَلِ بِمَفْهُومِ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ، مَعَ عَدَمِ الْمُسَوِّغِ لِذَلِكَ. قُلْتُ: الْمُسَوِّغُ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِالْمَفْهُومِ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَئِمَّتِنَا، ثُمَّ قَوْلُهُ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ: إِنَّ الْمَاءَ يَتَنَجَّسُ مُطْلَقًا إِلَّا إِذَا عَظُمَ بِحَيْثُ لَا يَتَحَرَّكُ طَرَفُهُ بِتَحَرُّكِ طَرَفِهِ الْآخَرِ، مُخَالِفٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِمَنْطُوقِ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ لَا يَضُرُّ إِذْ مَا خَالَفَهُمَا، إِلَّا وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَهُ مَا يُوجِبُ مُخَالَفَتَهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِلَّةُ الْقِلَّةِ وَعِلَّةُ الِامْتِنَاعِ عَنِ الْأَخْذِ بِعُمُومِ الْحَدِيثِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 2  صفحه : 451
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست