responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 343
بَعْضُهُمْ: الصَّبْرُ ضِيَاءٌ فِي قَلْبِهِ لِأَنَّ الصَّبْرَ عَلَى الْمَكَارِهِ فِي دِينِ اللَّهِ تَذَلُّلٌ وَمَنْ تَذَلَّلَ فِي اللَّهِ سَهُلَ عَلَيْهِ الطَّاعَاتُ وَمَشَاقُّ الْعِبَادَاتِ وَتَجَنُّبُ الْمَحْظُورَاتِ، وَمَنْ كَانَ هَذَا شِعَارَهُ لَا شَكَّ أَنَّ فِي قَلْبِهِ ضِيَاءً وَالضِّيَاءُ أَقْوَى مِنَ النُّورِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} [يونس: 5] وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّبْرَ أَوْسَعُ مِنَ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَالْمَحْظُورَاتِ تَحْتَاجُ إِلَى الصَّبْرِ، نَعَمْ إِذَا فُسِّرَ الصَّوْمُ بِالصَّبْرِ، فَذَلِكَ لِتَخْصِيصِهِ بِالنَّهَارِ كَتَخْصِيصِ الشَّمْسِ بِهِ، لَا لِمَزِيَّةِ الصَّوْمِ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: الصَّوْمُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الصَّوْمَ إِمْسَاكٌ يُشْبِهُ الصَّمَدَانِيَّةَ، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الرَّبِّ وَالصَّلَاةُ تَذَلُّلٌ وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْعَبْدِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ( «الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» ) كَذَا حَقَّقَهُ السَّيِّدُ (وَالْقُرْآنُ) : أَيْ: قِرَاءَتُهُ (حُجَّةٌ لَكَ) : إِنْ عَمِلْتَ بِهِ (أَوْ عَلَيْكَ) : إِنْ أَعْرَضْتَ عَنْهُ أَوْ قَصَّرْتَ مِنْهُ بِتَرْكِ الْعَمَلِ بِمَعَانِيهِ (كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو) أَيْ يُصْبِحُ أَوْ يَسِيرُ، قِيلَ: الْغُدُوُّ: السَّيْرُ أَوَّلَ النَّهَارِ ضِدُّ الرَّوَاحِ، وَقَدْ غَدَا يَغْدُو غُدُوًّا مَأْخُوذٌ مِنَ الْغَدْوَةِ مَا بَيْنَ الصَّبَاحِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ، وَالْمَعْنَى كُلُّ أَحَدٍ يَسْعَى وَيَجْتَهِدُ فِي الدُّنْيَا وَيَرَى أَثَرَ عَمَلِهِ فِي الْعُقْبَى. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَهُوَ مُجْمَلٌ تَفْصِيلُهُ (فَبَائِعٌ نَفْسَهُ) : أَيْ: حَظَّهَا بِإِعْطَائِهَا وَأَخْذِ عِوَضِهَا وَهُوَ عَمَلُهُ وَكَسْبُهُ، فَإِنْ عَمِلَ خَيْرًا فَقَدْ بَاعَهَا وَأَخَذَ الْخَيْرَ عَنْ ثَمَنِهَا (فَمُعْتِقُهَا) مِنَ النَّارِ بِذَلِكَ قَالَ الطِّيبِيُّ: الْفَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَهُوَ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلَ الْبَعْضِ مِنْ قَوْلِهِ: فَبَائِعٌ نَفْسَهُ (أَوْ مُوبِقُهَا) أَيْ: مُهْلِكُهَا بِأَنْ بَاعَهَا وَأَخَذَ الشَّرَّ عَنْ ثَمَنِهَا. وَقَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ تَبَعًا لِلْأَشْرَافِ وَغَيْرُهُ: الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ يُطْلَقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ لِارْتِبَاطِهِ بِهِ، وَعَبَّرَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَنْ تَرْكِ حَالَةٍ وَكَسْبِ أُخْرَى كَتَرْكِ الْبَائِعِ مَا فِي يَدِهِ إِيثَارًا لِمَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَمَنْ صَرَفَ نَفْسَهُ عَمَّا تَتَوَخَّاهُ وَآثَرَ آخِرَتَهُ عَلَى دُنْيَاهُ وَاشْتَرَى نَفْسَهُ بِالْآخِرَةِ، فَقَدْ أَعْتَقَهَا عَنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ، وَمَنْ آثَرَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَاشْتَرَاهَا بِهَا فَقَدْ أَوْبَقَ نَفْسَهُ أَيْ: أَهْلَكَهَا بِأَنْ جَعَلَهَا عُرْضَةً لِعَظِيمِ عَذَابِهِ وَقَوْلُهُ: فَبَائِعٌ نَفْسَهُ أَيْ: فَمُشْتَرِي نَفْسَهُ مِنْ رَبِّهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَمُعْتِقُهَا. وَالْإِعْتَاقُ إِنَّمَا يَصِحُّ مِنَ الْمُشْتَرِي، وَحَاصِلُهُ: أَنَّ مَنْ تَرَكَ الدُّنْيَا وَآثَرَ الْآخِرَةَ يَكُونُ مُشْتَرِيًا نَفْسَهُ مِنْ رَبِّهِ بِالدُّنْيَا، فَيَكُونُ مُعْتِقَهَا، وَمَنْ تَرَكَ الْآخِرَةَ وَآثَرَ الدُّنْيَا يَكُونُ مُشْتَرِيًا بِالْأُخْرَى فَيَكُونُ مُوبِقَهَا، وَقِيلَ: الْمَعْنَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَسْعَى فِي الْأُمُورِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُهَا مِنَ اللَّهِ فَيُعْتِقُهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُهَا مِنَ الشَّيْطَانِ فَيُوبِقُهَا (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) ، (وَفِي رِوَايَةٍ) : ظَاهِرَةٌ أَنَّهَا لِمُسْلِمٍ، وَلِذَا يَجِيءُ الِاعْتِرَاضُ الْآتِي (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ تَمْلَآنِ) : التَّأْنِيثُ، وَقِيلَ بِالتَّذْكِيرِ (مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) إِمَّا بِاعْتِبَارِ الثَّوَابِ، وَإِمَّا بِاعْتِبَارِ ظُهُورِ الْوَحْدَانِيَّةِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ الرَّبَّانِيَّةِ. قَالَ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ (لَمْ أَجِدْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ) : أَيِ: الَّتِي نَسَبَهَا صَاحِبُ الْمَصَابِيحِ إِلَى مُسْلِمٍ (فِي الصَّحِيحَيْنِ) : أَيْ: مَتْنُهُمَا (لَا فِي كِتَابِ الْحُمَيْدِيِّ) : الْجَامِعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ (وَلَا فِي الْجَامِعِ: أَيْ لِلْأُصُولِ السِّتَّةِ (وَلَكِنْ ذَكَرَهَا) : أَيْ: هَذِهِ الرِّوَايَةَ الدَّارِمِيُّ بَدَلَ (سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ) : وَهُوَ لَيْسَ بِمُخْلِصٍ لَهُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ يَكُونَ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ مِنَ الصِّحَاحِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِمَّا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَيْسَتْ فِي أَحَدِهِمَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الِالْتِزَامَ إِنَّمَا هُوَ فِي أُصُولِ الْأَحَادِيثِ، وَأَمَّا هَذِهِ فَإِنَّمَا هِيَ زِيَادَةُ إِفَادَةٍ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى أَصْلِ الْحَدِيثِ الْمَوْجُودِ فِي مُسْلِمٍ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 343
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست