responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 338
276 - وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَبْقَى مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا اسْمُهُ. وَلَا يَبْقَى مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا رَسْمُهُ، مَسَاجِدُهُمْ عَامِرَةٌ وَهِيَ خَرَابٌ مِنَ الْهُدَى، عُلَمَاؤُهُمْ شَرُّ مَنْ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ، مِنْ عِنْدِهِمْ تَخْرُجُ الْفِتْنَةُ، وَفِيهِمْ تَعُودُ» ".
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبِ الْإِيمَانِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
276 - (وَعَنْ عَلِيٍّ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يُوشِكُ) : أَيْ: يَقْرُبُ (أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ) : أَيْ: فَاسِدٌ لِفَسَادِ أَهْلِهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَتَى مُتَعَدٍّ إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ بِلَا وَاسِطَةٍ فَعُدِّيَ بِعَلَى لِيُشْعِرَ بِأَنَّ الزَّمَانَ عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ لَهُمْ. قَالَ مِيرَكُ: الْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ ضُمِّنَ أَتَى مَعْنَى الْإِقْبَالِ أَوِ الْمُرُورِ فَعُدِّيَ بِعَلَى اهـ.
قُلْتُ: يُؤَيِّدُ كَلَامَ الطِّيبِيِّ مَا فِي الْقَامُوسِ: أَتَى عَلَيْهِ الدَّهْرُ أَهْلَكَهُ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الطِّيبِيِّ لَا يُنَافِي التَّضْمِينَ ثُمَّ لَا خَفَاءَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ يُوشِكُ أَنْ يُقْبِلَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ إِلَّا فِي مَقَامِ الْمَدْحِ وَالْمُرُورُ أَكْثَرُ تَعْدِيَتِهِ بِالْبَاءِ (لَا يَبْقَى مِنَ الْإِسْلَامِ) : أَيْ شَعَائِرِهِ (إِلَّا اسْمَهُ) : أَيْ: مَا يَصِحُّ إِطْلَاقُ اسْمِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ كَلَفْظَةِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ (وَلَا يَبْقَى مِنَ الْقُرْآنِ) : أَيْ: مِنْ عُلُومِهِ وَآدَابِهِ (إِلَّا رَسْمَهُ) : أَيْ: أَثَرَهُ الظَّاهِرَ مِنْ قِرَاءَةِ لَفْظِهِ وَكِتَابَةِ خَطِّهِ بِطَرِيقِ الرَّسْمِ وَالْعَادَةِ لَا عَلَى جِهَةِ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: خُصَّ الْقُرْآنُ بِالرَّسْمِ، وَالْإِسْلَامُ بِالِاسْمِ دَلَالَةً عَلَى مُرَاعَاةِ لَفْظِ الْقُرْآنِ مِنَ التَّجْوِيدِ فِي حِفْظِ مَخَارِجِ حُرُوفِهِ وَتَحْسِينِ الْأَلْحَانِ فِيهِ دُونَ التَّفَكُّرِ فِي مَعَانِيهِ وَالِامْتِثَالِ بِأَوَامِرِهِ، وَالِانْتِهَاءِ عَنْ نَوَاهِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْإِسْلَامُ، فَإِنَّ الِاسْمَ بَاقٍ وَالْمُسَمَّى مَدْرُوسٌ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ الَّتِي شُرِعَتْ لِلشَّفَقَةِ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى انْدَرَسَتْ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ سَاهُونَ عَنِ الصَّلَاةِ تَارِكُوهَا وَلَيْسَ أَحَدُهُمْ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ فَيُقِيمُونَهَا وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَتْرُكُونَهَا اهـ.
وَيَتَمَكَّنُ مِنْهُمُ اهـ، وَالْمَشْهُورُ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ أَنَّهَا بِمَعْنَى (عَلَى) فَكَانَ الِاكْتِفَاءُ بِالْآيَةِ الْأُولَى أَوْلَى (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .
قُلْتُ: وَمِنْ مُنَاسَبَةِ الرَّسْمِ بِالْقُرْآنِ أَنَّ مُحَافَظَةَ آدَابِ كَيْفِيَّةِ كِتَابَةِ كَلِمَاتِهِ مِنَ الْوَصْلِ وَالْفَصْلِ وَالْمَجْرُورِ وَالْمَرْبُوطِ وَالْحَذْفِ وَالْإِثْبَاتِ بِغَيْرِهَا مِمَّا يُسَمَّى بِعِلْمِ الرَّسْمِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ عُلُومِ الْقُرْآنِ الَّتِي انْدَرَسَتْ فِي هَذَا الزَّمَانِ (مَسَاجِدُهُمْ عَامِرَةٌ) : أَيْ بِالْأَبْنِيَةِ الْمُرْتَفِعَةِ وَالْجُدْرَانِ الْمُنْتَقَشَةِ وَالْقَنَادِيلِ الْمُسَرَّجَةِ وَالْبُسُطِ الْمَفْرُوشَةِ، وَالْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنَةِ الْجَهَلَةِ الْمُوَظَّفَةِ مِنَ الْأَمْوَالِ الْمُحَرَّمَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأُمُورِ الْمُنْكَرَةِ (وَهِيَ) : أَيِ: الْمَسَاجِدُ أَوْ أَهْلُهَا (خَرَابٌ مِنَ الْهُدَى) : أَيْ: مِنْ ذِي الْهُدَى أَوِ الْهَادِي لِأَنَّهُ لَوْ وُجِدَ الْهَادِي لَوُجِدَ الْهُدَى، فَأُطْلِقَ الْهُدَى وَأُرِيدَ الْهَادِي عَلَى سَبِيلِ الْكِنَايَةِ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ خَرَابَ الْمَسَاجِدِ مِنْ أَجْلِ عَدَمِ الْهَادِي الَّذِي يَنْفَعُ النَّاسَ بِهُدَاهُ فِي أَبْوَابِ الدِّينِ وَيُرْشِدُهُمْ إِلَى طَرِيقِ الْخَيْرِ، وَثَانِيهِمَا: أَنَّ خَرَابَهَا لِوُجُودِ هُدَاةِ السُّوءِ الَّذِينَ يُزِيغُونَ النَّاسَ بِبِدْعَتِهِمْ وَضَلَالَتِهِمْ، وَتَسْمِيَتُهُمْ بِالْهُدَاةِ مِنْ بَابِ التَّهَكُّمِ، لِذَا عَقَّبَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِئْنَافِ لِبَيَانِ الْمُوجَبِ بِقَوْلِهِ: (عُلَمَاؤُهُمْ شَرُّ مَنْ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ) . أَيْ: وَجْهِهَا، وَكَذَا أَدِيمُ الْأَرْضِ وَهُوَ صَعِيدُهَا. قِيلَ: وَمِنْهُ اشْتُقَّ آدَمُ، لِأَنَّ جَسَدَهُ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ. وَقَالَ السَّيِّدُ، أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ مَسَاجِدِهِمْ عَامِرَةً عِمَارَةُ بِنَائِهَا الظَّاهِرِ، وَبِكَوْنِهَا خَرَابًا مِنَ الْهُدَى تَرْكُهَا إِيَّاهَا عَاطِلَةً مِنَ الصَّلَاةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَإِقَامَةِ الْأَذَانِ فِيهَا، وَوَضْعِ الْمَصَابِيحِ وَالسُّرُجِ فِيهَا وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا عُبِّرَ عَنْهَا بِالْهُدَى لِأَنَّهَا سَبَبُ هِدَايَةِ الشَّخْصِ اهـ. أَوِ التَّقْدِيرُ مِنْ آثَارِ الْهِدَايَةِ أَوْ أَهْلِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (مِنْ عِنْدِهِمْ تَخْرُجُ الْفِتْنَةُ) : أَيْ: لِلنَّاسِ لِمَا مَرَّ أَنَّ فَسَادَ الْعَالِمِ فَسَادُ الْعَالَمِ (وَفِيهِمْ تَعُودُ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: فِي مِثْلِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [الأعراف: 88] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] أَيْ: يَسْتَقِرُّ عَوْدُ ضَرَرِهِمْ فِيهِمْ وَيَتَمَكَّنُ مِنْهُمُ اهـ. وَالْمَشْهُورُ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ أَنَّهَا بِمَعْنَى (عَلَى) فَكَانَ الِاكْتِفَاءُ بِالْآيَةِ أَوْلَى (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 338
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست