responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 336
فَقَالَ: لَا أَدْرِي: فَقِيلَ: كَيْفَ تَقُولُ لَا أَدْرِي وَأَنْتَ طَلَعْتَ فَوْقَ الْمِنْبَرِ؟ فَقَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إِنَّمَا طَلَعْتُ بِقَدْرِ عِلْمِي، وَلَوْ طَلَعْتُ بِمِقْدَارِ جَهْلِي لَبَلَغْتُ السَّمَاءَ (فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ) : أَيْ: مِنْ آدَابِهِ الْوَاجِبِ رِعَايَتُهَا وُجُوبًا عَيْنِيًّا مُتَأَكِّدًا عَلَى كُلِّ مَنْ نُسِبَ لِلْعِلْمِ أَوِ التَّقْدِيرِ، فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِلْمِ وَهُوَ خَبَرُ إِنَّ وَاسْمُهُ (أَنْ تَقُولَ لِمَا لَا تَعْلَمُ) : بِالْخِطَابِ فِيهِمَا، وَقِيلَ: بِالْغَيْبَةِ أَيْ لِأَجْلِهِ أَوْ عَنْهُ (وَاللَّهُ أَعْلَمُ) . أَيْ: وَنَحْوُهُ. قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: فَإِنَّ تَمْيِيزَ الْمَعْلُومِ مِنَ الْمَجْهُولِ نَوْعٌ مِنَ الْعِلْمِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا قِيلَ: لَا أَدْرِي نِصْفُ الْعِلْمِ.
وَيُقَالُ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ هَذَا التَّمْيِيزُ جَهْلُهُ مُرَكَّبٌ، وَمِنْ ثَمَّ اشْتَدَّ خَوْفُ السَّلَفِ مِنَ الْإِفْتَاءِ فَكَثُرَ امْتِنَاعُهُمْ مِنْهُ حَتَّى أَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ أَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً فَأَجَابَ عَنْ أَرْبَعَةٍ: وَقَالَ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ: لَا أَدْرِي. ثُمَّ اسْتَدَلَّ ابْنُ مَسْعُودٍ لِمَا ذَكَرَهُ مِنَ امْتِنَاعِ التَّكَلُّفِ وَالتَّصَنُّعِ فِي الْجَوَابِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْإِفْتَاءِ بِالْبَاطِلِ بِقَوْلِهِ: (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ) وَهُوَ أَعْلَمُ الْخَلْقِ: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ} [ص: 86] : أَيْ: عَلَى التَّبْلِيغِ (مِنْ أَجْرٍ) : أَيْ: آخُذُهُ مِنْكُمْ {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] : أَيْ: مِنَ الَّذِينَ يَتَصَنَّعُونَ وَيَتَحَلَّوْنَ بِمَا لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهِ، كَذَا قَالَهُ مِيرَكُ شَاهْ، وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا سُئِلَ الصِّدِّيقُ عَنِ الْأَبِّ فِي: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس: 31] قَالَ: أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إِذَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا عِلْمَ لِي بِهِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

273 - وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ ; فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
273 - (وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ) : وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، مَوْلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ مِنْ مَشَاهِيرِ التَّابِعِينَ، وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِلْعَلَمِيَّةِ، وَالْمَزِيدَتَيْنِ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي عَلِيٍّ فِي اعْتِبَارِ مُجَرَّدٍ الزَّائِدَتَيْنِ (قَالَ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ) : اللَّامُ لِلْعَهْدِ، وَهُوَ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَعْلِيمِ الْخَلْقِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُمَا أُصُولُ الدِّينِ (فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ) : الْمُرَادُ الْأَخْذُ مِنَ الْعُدُولِ وَالثِّقَاتِ، " وَعَنْ " مُتَعَلِّقٌ بِتَأْخُذُونَ عَلَى تَضْمِينِ مَعْنَى تَرْوُونَ، وَدُخُولُ الْجَارِّ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ هُنَا كَدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} [الشعراء: 221] وَتَقْدِيرُهُ أَعَمَّنْ تَأْخُذُونَ، وَضُمِّنَ انْظُرْ مَعْنَى الْعِلْمِ، وَالْجُمْلَةُ الِاسْتِفْهَامِيَّةُ سَدَّتْ مَسَدَّ الْمَفْعُولَيْنِ تَعْلِيقًا كَذَا حَقَّقَهُ الطِّيبِيُّ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

274 - وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ! اسْتَقِيمُوا، فَقَدْ سَبَقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا، وَإِنْ أُخِذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالًا لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
274 - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ) أَيِ: الَّذِينَ يَحْفَظُونَ الْقُرْآنَ قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ، قَالَ الشَّيْخُ، الْمُرَادُ بِهِمُ الْعُلَمَاءُ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ اهـ. فَكَأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ التَّغْلِيبِ أَوِ الْقُرَّاءُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانُوا جَامِعِينَ بَيْنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَلِذَا وَرَدَ الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ وَالْأَقْرَأُ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: أَيِ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ الْقُرْآنَ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَقَطْ، وَمِنْ ثَمَّ وَرَدَ " «أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا» " فَلَا وَجْهَ لَهُ تَقْيِيدًا وَتَعْلِيلًا (اسْتَقِيمُوا) : أَيْ: عَلَى جَادَّةِ الشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ وَالْحَقِيقَةِ فَإِنَّ الِاسْتِقَامَةَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ كَرَامَةٍ وَهِيَ الثَّبَاتُ عَلَى الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ. وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَالْإِخْلَاصُ الْخَالِصُ، وَالْحُضُورُ مَعَ اللَّهِ وَالْغَيْبَةُ عَنْ شُهُودِ مَا سِوَاهُ. وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ: الِاسْتِقَامَةُ كِنَايَةٌ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ فِعْلًا وَتَرْكًا (فَقَدْ سَبَقْتُمْ) : قِيلَ: الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ بِفَتْحِ السِّينِ وَالْبَاءِ وَالْمَشْهُورُ ضَمُّ السِّينِ وَكَسْرُ الْبَاءِ، وَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ اسْلُكُوا طَرِيقَ الِاسْتِقَامَةِ لِأَنَّكُمْ أَدْرَكْتُمْ أَوَائِلَ الْإِسْلَامِ. فَإِنْ تَتَمَسَّكُوا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ تَسْبِقُوا إِلَى خَيْرٍ إِذْ مَنْ جَاءَ بَعْدَكُمْ وَإِنْ عَمِلَ بِعَمَلِكُمْ لَمْ يَصِلْ إِلَيْكُمْ لِسَبْقِكُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَمَرْتَبَةُ الْمَتْبُوعِ فَوْقَ مَرْتَبَةِ التَّابِعِ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ أَيْ سَبَقَكُمُ الْمُتَّصِفُونَ بِتِلْكَ الِاسْتِقَامَةِ إِلَى اللَّهِ فَكَيْفَ تَرْضَوْنَ لِنُفُوسِكُمْ هَذَا التَّخَلُّفَ الْمُؤَدِّيَ إِلَى الِانْحِرَافِ عَنْ سُنَنِ الِاسْتِقَامَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا الْمُوجِبِ لِلْهَلَاكِ الْأَبَدِيِّ (سَبْقًا بَعِيدًا) : أَيْ ظَاهِرُ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست