responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 335
الظَّاهِرِ، لَكِنْ فِيهِ أَنْ لَا يَتَحَقَّقَ شَيْءٌ مِنْ عِلْمِ الْبَاطِنِ إِلَّا بَعْدَ التَّحَقُّقِ بِإِصْلَاحِ الظَّاهِرِ كَمَا أَنَّ عِلْمَ الظَّاهِرِ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِإِصْلَاحِ الْبَاطِنِ، وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: مَنْ تَفَقَّهَ وَلَمْ يَتَصَوَّفْ فَقَدْ تَفَسَّقَ، وَمَنْ تَصَوَّفَ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ فَقَدْ تَزَنْدَقَ، وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَدْ تَحَقَّقَ، وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ: هُمَا عِلْمَانِ أَصْلِيَّانِ لَا يَسْتَغْنِي أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ بِمَنْزِلَةِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ مُرْتَبِطٌ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ، كَالْجِسْمِ وَالْقَلْبِ لَا يَنْفَكُّ أَحَدٌ عَنْ صَاحِبِهِ، (رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ) . أَيْ: مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَالْمُنَاسِبُ لِدَأْبِهِ أَنْ يَقْتَصِرَ وَيَقُولَ: رَوَى الْأَحَادِيثَ السِّتَّةَ الدَّارِمِيُّ.

271 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وِعَاءَيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ فِيكُمْ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ - يَعْنِي مَجْرَى الطَّعَامِ - رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
271 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ) أَيْ: مِنْ كَلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ (عَنْ) وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ (مِنْ) بَدَلَ (عَنْ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي تَلَقِّيهِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَا وَاسِطَةٍ (وِعَاءَيْنِ) : أَيْ: نَوْعَيْنِ كَثِيرَيْنِ مِنَ الْعِلْمِ مِلْءَ ظَرْفَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ (فَأَمَّا أَحَدُهُمَا) : وَهُوَ عِلْمُ الظَّاهِرِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْأَخْلَاقِ (فَبَثَثْتُهُ) : أَيْ: أَظْهَرْتُهُ بِالنَّقْلِ (فِيكُمْ، وَأَمَّا الْآخَرُ) : وَهُوَ عِلْمُ الْبَاطِنِ (قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ) : بِضَمِّ الْبَاءِ أَيِ الْحُلْقُومُ، لِأَنَّ أَسْرَارَ حَقِيقَةِ التَّوْحِيدِ مِمَّا يَعْسُرُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ عَلَى وَجْهِ الْمُرَادِ، وَلِذَا كُلُّ مَنْ نَطَقَ بِهِ وَقَعَ فِي تَوْهِيمِ الْحُلُولِ وَالْإِلْحَادِ، إِذَ فَهْمُ الْعَوَامِّ قَاصِرٌ عَنْ إِدْرَاكِ الْمَرَامِ، وَمِنْ كَلَامِ الصُّوفِيَّةِ صُدُورُ الْأَحْرَارِ قُبُورُ الْأَسْرَارِ، وَقَوْلُهُ: " قُطِعَ " يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ مِمَّا يُتَوَقَّعُ، وَيَحْتَمِلُ الدُّعَاءَ مُبَالَغَةً فِي إِسْرَارِ الْأَسْرَارِ كَمَا هُوَ دَأْبُ الْخُلَّصِ مِنَ الْأَبْرَارِ، وَقِيلَ إِنَّهُ عِلْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْمُنَافِقِينَ بِأَعْيَانِهِمْ أَوْ بِوِلَادَةِ الْجَوْرِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ أَوْ بِفِتَنٍ أُخْرَى فِي زَمَنِهِ، وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ: حَمَلَ الْعُلَمَاءُ الْوِعَاءَ الَّذِي لَمْ يَبُثَّهُ عَلَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا يَتَبَيَّنُ أَسَامِي أُمَرَاءِ الْجَوْرِ وَأَحْوَالُهُمْ وَذَمُّهُمْ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُكَنِّي عَنْ بَعْضِهِ وَلَا يُصَرِّحُ بِهِ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُمْ كَقَوْلِهِ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ رَأْسِ السِّتِّينَ، وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ، يُشِيرُ إِلَى خِلَافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ سَنَةَ سِتِّينَ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَمَاتَ قَبْلَهَا بِسَنَةٍ (يَعْنِي مَجْرَى الطَّعَامِ) . تَفْسِيرٌ مِنْ بَعْضِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) . لَكِنْ قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: زَادَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الْبُلْعُومُ مَجْرَى الطَّعَامِ وَعَلَى هَذَا لَا يَخْفَى مَا فِي الْمِشْكَاةِ إِذْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ تِلْكَ الْعِبَارَةَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ أَحَدِ رُوَاتِهِ وَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا لِلْبُخَارِيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

272 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِهِ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ: اللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ تَقُولَ لِمَا لَا تَعْلَمُ: اللَّهُ أَعْلَمُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
272 - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ) : إِذَا أُطْلِقَ فَهُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ (قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ!) : يَشْمَلُ الْعُلَمَاءَ وَغَيْرَهُمْ (مَنْ عَلِمَ شَيْئًا) : مِنْ عُلُومِ الدِّينِ فَسَأَلَهُ عَنْهُ مَنْ هُوَ مُتَأَهِّلٌ لِفَهْمِ جَوَابِهِ (فَلْيَقُلْ بِهِ) : أَيْ: بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَعْلُومِ لِوَخِيمِ عَذَابِ سَتْرِهِ وَلِعَظِيمِ ثَوَابِ نَشْرِهِ (وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلْ) : أَيْ: فِي الْجَوَابِ (اللَّهُ أَعْلَمُ) : كَمَا قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ {لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} [البقرة: 32] وَلَا يَسْتَحْيِي فِي نَفْيِ الْعِلْمِ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّ جَهْلَ الْإِنْسَانِ أَكْثَرُ مِنْ عِلْمِهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] فَمَعْنَاهُ: اللَّهُ أَكْثَرُ عِلْمًا. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَعْلَمُ بِمَعْنَى عَالِمٍ لِاسْتِحَالَةِ الْمُشَارَكَةِ. قُلْتُ: الْمُشَارَكَةُ الِاسْتِقْلَالِيَّةُ هِيَ الْمُسْتَحِيلَةُ، وَذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ، فِي الْأَبْرَارِ أَنَّ عَلِيًّا - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ؟

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 335
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست