responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 279
السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ. وَقَالَ مَيْرَكُ: وَهُوَ عِنْدَ الطَّائِفَةِ الصُّوفِيَّةِ مُتَابَعَةُ الشَّيْطَانِ وَالْهَوَى وَالْإِقْبَالُ عَلَى الدُّنْيَا وَالْإِعْرَاضُ عَنِ الْعُقْبَى، إِذْ يَجِبُ أَنْ يَنْقَطِعَ الْمُحِبُّ عَنْ كُلِّ مَطْلُوبٍ، بَلْ يَنْقَطِعُ عَمَّا سِوَى الْمَحْبُوبِ (وَحَدَّ حُدُودًا) أَيْ: بَيَّنَ وَعَيَّنَ حُدُودًا فِي الْمَعَاصِي مِنَ الْقَتْلِ وَالضَّرْبِ (فَلَا تَعْتَدُوهَا) أَيْ: لَا تَتَجَاوَزُوا عَنِ الْحَدِّ لَا بِالزِّيَادَةِ وَلَا بِالنُّقْصَانِ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْحُدُودُ هِيَ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى وَعُقُوبَاتُهَا الَّتِي قَرَنَهَا بِالذُّنُوبِ، وَأَصْلُ الْحَدِّ الْمَنْعُ وَالْفَصْلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، فَكَأَنَّ حُدُودَ الشَّرْعِ فَصَلَتْ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، فَمِنْهَا مَا لَا يُقْرَبُ كَالْفَوَاحِشِ الْمُحَرَّمَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] وَمِنْهَا مَا لَا تُتَعَدَّى كَالْمَوَارِيثِ الْمُعَيَّنَةِ وَتَزْوِيجِ الْأَرْبَعَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229] وَالتَّلْخِيصُ أَنَّ حُدُودَ اللَّهِ مَا مَنَعَ مِنْ مُخَالَفَتِهَا بَعْدَ أَنْ قَدَّرَهَا بِمَقَادِيرَ مَخْصُوصَةٍ وَصِفَاتٍ مَضْبُوطَةٍ، وَمِنْهُ تَعْيِينُ الرَّكَعَاتِ وَالْأَوْقَاتِ وَمَا وَجَبَ إِخْرَاجُهُ فِي الزَّكَوَاتِ وَإِثْبَاتِهَا فِي الْحَجِّ وَحُدُودِ الْعُقُوبَاتِ، فَكَأَنَّهُ تَقْرِيرٌ وَتَأْكِيدٌ لِلْقِسْمَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ. هَذَا وَفِي كَلَامِ الصُّوفِيَّةِ أَنَّ الْعَبْدَ يَتَقَلَّبُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ عَلَى الْحُدُودِ، وَلِكُلِّ عَمَلٍ حَدٌّ، وَلِكُلِّ وَقْتٍ حَدٌّ، وَلِكُلِّ حَالٍ وَمَقَامٍ حَدٌّ، فَمَنْ تَخَطَّاهَا فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ) أَيْ: تَرَكَ ذِكْرَ أَشْيَاءَ أَيْ: حُكْمَهَا مِنَ الْوُجُوبِ وَالْحُرْمَةِ وَالْحَلِّ (مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ) : بَلْ مِنْ رَحْمَةٍ وَإِحْسَانٍ. وَفِي الْأَرْبَعِينَ: رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ بِنَصْبِ (رَحْمَةً) عَلَى الْعِلَّةِ، وَنَصْبِ (غَيْرَ) عَلَى الْحَالِيَّةِ، وَالنِّسْيَانُ: هُوَ تَرْكُ الْفِعْلِ بِلَا قَصْدٍ بَعْدَ حُصُولِ الْعِلْمِ بِخِلَافِ السَّهْوِ (فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا) أَيْ: لَا تُفَتِّشُوا عَنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] هَذَا وَقَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَجَلَّى عَلَى عَامَّةِ عِبَادِهِ بِأَفْعَالِهِ وَآيَاتِهِ الْمُنْبَثَّةِ فِي أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ وَلِخَوَاصِّ أَصْفِيَائِهِ بِصِفَاتِهِ الْعُظْمَى، وَلِأَعْظَمِ أَنْبِيَائِهِ بِذَاتِهِ وَحَقَائِقِ صِفَاتِهِ، وَخَصَّهُ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ عُرَفَائِهِ رَحْمَةً لَهُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ، إِذْ مَا قَامَ عَظِيمٌ عِنْدَ عَظَمَتِهِ إِلَّا كَلَّ وَزَلَّ وَلَا اسْتَقَامَ كَبِيرٌ دُونَ كِبْرِيَائِهِ إِلَّا هَامَ وَقَامَ كَمَا قَالَ جَلَّ جَلَالُهُ وَعَمَّ نَوَالُهُ: لَا يَرَانِي حَيٌّ إِلَّا مَاتَ وَلَا يَابِسٌ إِلَّا تَدَهْدَهَ وَلَا رَطْبٌ إِلَّا تَفَرَّقَ، وَإِنَّمَا يَرَانِي أَهْلُ الْجَنَّةِ الَّذِينَ لَا تَمُوتُ أَعْيُنُهُمْ، وَلَا تَبْلَى أَجْسَادُهُمْ، وَلِذَا قَالَ: فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا أَيْ: لَا تَتَفَكَّرُوا فِيهَا، فَإِنَّ الْبَابَ إِلَى وُصُولِ مَعْرِفَةِ كُنْهِ الذَّاتِ مَرْدُودٌ، وَالطَّرِيقُ إِلَى كُنْهِ الصِّفَاتِ مَسْدُودٌ، «تَفَكَّرُوا فِي آلَاءِ اللَّهِ وَلَا تَتَفَكَّرُوا فِي ذَاتِ اللَّهِ» .
الْعَجْزُ عَنْ دَرْكِ الْإِدْرَاكِ إِدْرَاكُ وَالْبَحْثُ عَنْ سِرِّ ذَاتِ الرَّبِّ إِشْرَاكُ (رَوَى الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ الدَّارَقُطْنِيُّ) . وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَخِيرِ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست