responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 265
وَفِيهِ أَنَّ الْهَلَاكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِ النَّدْبِ مُطْلَقًا فَضْلًا عَنْ عُشْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ حَجَرٍ وَافَقَنِي فِي الْمَحَلَّيْنِ (هَلَكَ) : لِأَنَّ الدِّينَ عَزِيزٌ وَالْحَقُّ ظَاهِرٌ، وَفِي أَنْصَارِهِ كَثْرَةٌ فَالتَّرْكُ يَكُونُ تَقْصِيرًا مِنْكُمْ فَلَا يُعْذَرُ أَحَدٌ مِنْكُمْ فِي التَّهَاوُنِ (ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ) : يَضْعُفُ فِيهِ الْإِسْلَامُ وَيَكْثُرُ الظَّلَمَةُ وَالْفُسَّاقُ وَقَلَّ أَنْصَارُهُ، فَيُعْذَرُ الْمُسْلِمُونَ فِي التَّرْكِ إِذْ ذَاكَ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ لَا لِلتَّقْصِيرِ (مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِعُشْرِ مَا أُمِرَ بِهِ نَجَا) : لِانْتِفَاءِ تِلْكَ الْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .

180 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ) ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الْآيَةَ: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58] » رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
180 - (وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْهُدَى (إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ) أَيْ: أُعْطَوْهُ وَهُوَ حَالٌ، وَقَدَّمَ مَقْدِرَةً وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَعَمُّ عَامَّ الْأَحْوَالِ، وَصَاحِبُهَا الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي خَبَرِ " كَانَ "، وَالْمَعْنَى مَا كَانَ ضَلَالَتُهُمْ وَوُقُوعُهُمْ فِي الْكُفْرِ إِلَّا بِسَبَبِ الْجِدَالِ وَهُوَ الْخُصُومَةُ بِالْبَاطِلِ مَعَ نَبِيِّهِمْ، وَطَلَبُ الْمُعْجِزَةِ مِنْهُ عِنَادًا أَوْ جُحُودًا، وَقِيلَ: مُقَابَلَةُ الْحُجَّةِ بِالْحُجَّةِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ هُنَا الْعِنَادُ، وَالْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ ضَرْبُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ لِتَرْوِيجِ مَذَاهِبِهِمْ وَآرَاءِ مَشَايِخِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ نُصْرَةٌ عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ، وَذَلِكَ مُحَرَّمٌ لَا الْمُنَاظَرَةُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَإِظْهَارِ الْحَقِّ فَإِنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ (ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الْآيَةَ) أَيِ: اسْتِشْهَادٌ عَلَى مَا قَرَّرَهُ (مَا ضَرَبُوهُ) أَيْ: هَذَا الْمَثَلُ (لَكَ) : يَا مُحَمَّدُ وَهُوَ قَوْلُهُمْ: آلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ؟ أَرَادُوا بِالْآلِهَةِ هُنَا الْمَلَائِكَةَ يَعْنِي: الْمَلَائِكَةُ خَيْرٌ أَمْ عِيسَى؟ يُرِيدُونَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ خَيْرٌ مِنْ عِيسَى، فَإِذَا عَبَدَتِ النَّصَارَى عِيسَى فَنَحْنُ نَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ أَيْ: مَا قَالُوا ذَلِكَ الْقَوْلَ {إِلَّا جَدَلًا} [الزخرف: 58] أَيْ إِلَّا لِمُخَاصَمَتِكَ وَإِيذَائِكَ بِالْبَاطِلِ لَا لِطَلَبِ الْحَقِّ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَالْأَصَحُّ فِي مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ ابْنَ الزَّبْعَرِيِّ جَادَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98] آلِهَتُنَا أَيِ الْأَصْنَامُ خَيْرٌ عِنْدَكَ أَمْ عِيسَى؟ فَإِنْ كَانَ فِي النَّارِ فَلْتَكُنْ آلِهَتُنَا مَعَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ حَجَرٍ ذَكَرَ مِثْلَ مَا ذَكَرْتُهُ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ فَأَوَّلًا: أَنَّ (مَا) لِغَيْرِ ذَوِي الْعُقُولِ، فَالْإِشْكَالُ نَشَأَ عَنِ الْجَهْلِ بِالْقَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ، وَثَانِيًا: أَنَّ عِيسَى وَالْمَلَائِكَةَ خُصُّوا عَنْ هَذَا بِقُولِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ - بَلْ هُمْ} [الأنبياء: 101 - 42] : أَيِ الْكُفَّارُ {قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58] : أَيْ: كَثِيرُو الْخُصُومَةِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ) وَكَذَا الْحَاكِمُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 265
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست