responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 156
وَمَعَ إِفَادَةِ الْمُبَالَغَةِ أَحْرَى (فَقَالَ: أَوَ غَيْرُ ذَلِكِ) : بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَضَمِّ الرَّاءِ، وَكَسْرِ الْكَافِ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ مِنَ الرِّوَايَاتِ، وَالتَّقْدِيرُ: أَتَعْتَقِدِينَ مَا قُلْتُ، وَالْحَقُّ غَيْرُ ذَلِكَ، وَهُوَ عَدَمُ الْجَزْمِ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَالْوَاوُ لِلْحَالِ. وَفِي الْفَائِقِ: الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ أَيِ: الْإِنْكَارِيِّ، وَالْوَاوُ عَاطِفَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَغَيْرُ مَرْفُوعٍ بِضَمِيرٍ تَقْدِيرُهُ، أَوْ وَقَعَ هَذَا، وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ. قِيلَ: وَرُوِيَ أَوْ بِسُكُونِ الْوَاوِ الَّتِي لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَيِ: الْوَاقِعُ هَذَا، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقِيلَ التَّقْدِيرُ، أَوْ هُوَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَرُوِيَ بِنَصْبِ (غَيْرَ) أَيْ: أَوْ يَكُونُ غَيْرَ ذَلِكَ، أَوِ التَّقْدِيرُ، أَوْ غَيْرُ مَا قُلْتَ. وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (أَوْ) . بِمَعْنَى (بَلْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147] أَيْ: بَلْ غَيْرُ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ، أَوْ يَحْتَمِلُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَرْتَضِ قَوْلَهَا لِمَا فِيهِ مِنَ الْحُكْمِ بِالْجَزْمِ بِتَعْيِينِ إِيمَانِ أَبَوَيِ الصَّبِيِّ، أَوْ أَحَدِهِمَا إِذْ هُوَ تَبَعٌ لَهُمَا، وَمَرْجِعُ مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ إِلَى هَذَا؛ لِأَنَّهُ لِلْإِنْكَارِ لِلْجَزْمِ، وَتَقْرِيرٌ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ. قُلْتُ: وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَوْلَادَ الْكُفَّارِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، بَلْ إِنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ( «يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا» ) : يَدْخُلُونَهَا، وَيَتَنَعَّمُونَ بِهَا (خَلَقَهُمْ) : كَرَّرَهُ لِإِنَاطَةِ أَمْرٍ زَائِدٍ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ (وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ) : وَالْجُمْلَةُ حَالٌ اهْتِمَامًا، قِيلَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ خَلْقُ الذَّرِّ فِي ظَهْرِ آدَمَ، وَاسْتَخْرَجَهَا ذُرِّيَّةً مِنْ صُلْبِ كُلِّ وَاحِدٍ إِلَى انْقِرَاضِ الْعَالَمِ، وَقِيلَ: عُيِّنَ فِي الْأَزَلِ مَنْ سَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ سَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَعَبَّرَ عَنِ الْأَزَلِ بِأَصْلَابِ الْآبَاءِ تَقْرِيبًا لِأَفْهَامِ الْعَامَّةِ (وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا) : فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ فَإِنَّهُمْ أَهْلٌ لَهَا أَهْلِيَّةً لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا خَالِقُهَا (خَلَقَهُمْ لَهَا، وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ) : وَإِنَّمَا يَظْهَرُ مِنْهُمْ مَنِ الْأَعْمَالِ مَا قُدِّرَ فِي الْأَزَلِ. قَالَ الْقَاضِي: فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ لَا لِأَجَلِ الْأَعْمَالِ، وَإِلَّا لَكَانَ ذَرَارِيُّ الْمُسْلِمِينَ، وَالْكَافِرِينَ لَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَلَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، بَلِ الْمُوجِبُ هُوَ اللُّطْفُ الرَّبَّانِيُّ، وَالْخِذْلَانُ الْإِلَهِيُّ الْمُقَدَّرُ لَهُمْ، وَهُمْ فِي الْأَصْلَابِ، فَالْوَاجِبُ التَّوَقُّفُ، وَعَدَمُ الْجَزْمِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: أَجْمَعَ مَنْ يَعْتَدُّ بِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ بَعْضٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ نَهَاهَا عَنِ الْمُسَارَعَةِ إِلَى الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهَا دَلِيلٌ قَاطِعٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ. اهـ.
وَالْأَصَحُّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِ هَذَا الْقَوْلَ مِنْهَا لِمَا فِيهِ مِنَ الْحُكْمِ بِالْغَيْبِ، وَالْجَزْمِ بِإِيمَانِ أَصْلِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا أَشَارَتْ إِلَى طِفْلٍ مُعَيَّنٍ، فَالْحُكْمُ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ وُرُودِ النَّصِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ، وَقَدْ يُقَالُ التَّبَعِيَّةُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ، وَحُكْمُهَا مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ فَفِيهِ إِرْشَادٌ لِلْأُمَّةِ إِلَى التَّوَقُّفِ فِي الْأُمُورِ الْمُبْهَمَةِ، وَالسُّكُوتِ عَمَّا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ، وَحُسْنُ الْأَدَبِ بَيْنَ يَدَيْ عَلَّامِ الْغُيُوبِ. قَالَ ابنُ حَجَرٍ: وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ فِي وِلْدَانِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ إِذْ هُمْ فِي الْجَنَّةِ إِجْمَاعًا فِي الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ فِي الثَّانِي. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

85 - وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ) . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ قَالَ، اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ؟ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ الشَّقَاوَةِ، ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى - وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} [الليل: 5 - 6] الْآيَةَ» ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
85 - (وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) : هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يُكَنَّى أَبَا الْحَسَنِ، وَأَبَا تُرَابٍ، الْقُرَشِيِّ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الذُّكُورِ فِي أَكْثَرِ الْأَقْوَالِ، وَمِنَ الصِّبْيَانِ فِي جَمِيعِهَا. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سِنِّهِ يَوْمَئِذٍ فَقِيلَ: كَانَ لَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقِيلَ: ثَمَانِ سِنِينَ، وَقِيلَ: عَشْرُ سِنِينَ، شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا غَيْرَ تَبُوكَ فَإِنَّهُ خَلَّفَهُ فِي أَهْلِهِ، وَفِيهَا قَالَ لَهُ: ( «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟» ) . كَانَ آدَمَ شَدِيدَ الْأُدْمَةِ، عَظِيمَ الْعَيْنَيْنِ، أَقْرَبَ إِلَى الْقِصَرِ مِنَ الطُّولِ ذَا بَطْنٍ كَثِيرَ الشَّعْرِ عَرِيضَ اللِّحْيَةِ أَصْلَعَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ، وَاللِّحْيَةِ، اسْتُخْلِفَ يَوْمَ قَتْلِ عُثْمَانَ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست