responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 150
يَنْفِي رِسَالَةَ آدَمَ؛ لِأَنَّ كُلًّا ذَكَرَ مَا هُوَ الْأَشْرَفُ مِنْ صِفَاتِ صَاحِبِهِ، وَتَخْصِيصُ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ لَا يَنْفِي مَا عَدَاهُ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ اصْطَفَاهُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الرِّسَالَةِ وَالتَّكْلِيمِ، وَاخْتُصَّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ كَلَامَ اللَّهِ الْقَدِيمَ أَحَدٌ فِي الْأَرْضِ غَيْرُهُ، وَفِيهِ تَلْمِيحٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] (وَبِكَلَامِهِ) أَيْ: بِتَكْلِيمِهِ إِيَّاكَ (وَأَعْطَاكَ الْأَلْوَاحَ) : وَهِيَ أَلْوَاحُ التَّوْرَاةِ (فِيهَا تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ) أَيْ: بَيَانُهُ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْحَرْفِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى، وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ مُبَيِّنَةٌ، أَوْ صِفَةٌ أَيِ: الْأَلْوَاحُ الَّتِي فِيهَا إِظْهَارُ كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ الدِّينِ مِنَ الْإِخْبَارِ بِالْغُيُوبِ وَالْقَصَصِ، وَالْمَوَاعِظِ، وَالْعَقَائِدِ، وَالْحَلَالِ، وَالْحَرَامِ، وَالْحُدُودِ، وَالْأَحْكَامِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَهَذَا مُسْتَمَدٌّ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف: 145] (وَقَرَّبَكَ نَجِيًّا) : النَّجِيُّ: الْمُنَاجَى يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ، وَهُوَ مَنْ يَجْرِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ كَلَامٌ فِي السِّرِّ. أَيْ: وَكَلَّمَكَ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةِ مَلَكٍ، أَوِ الْمَعْنَى وَخَصَّكَ بِالنَّجْوَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم: 52] حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ أَوِ الْمَفْعُولِ. (فَبِكَمْ) : مُمَيِّزُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ: فَبِكَمْ زَمَانًا، أَوْ فَبِأَيِّ زَمَانٍ (وَجَدْتَ اللَّهَ) أَيْ: عَلِمْتَهُ، أَوْ صَادَفْتَ حُكْمَهُ (كَتَبَ التَّوْرَاةَ) أَيْ: أَمَرَ بِكَتْبِ التَّوْرَاةِ فِي الْأَلْوَاحِ لِمَا سَبَقَ أَنَّ مَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ كُتِبَ قَبْلَ ذَلِكَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ) : عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ (قَالَ مُوسَى: بِأَرْبَعِينَ عَامًا) : الْمُرَادُ مِنْهُ التَّحْدِيدُ، أَوِ التَّكْثِيرُ (قَالَ آدَمُ: فَهَلْ وَجَدْتَ فِيهَا) أَيْ: فِي التَّوْرَاةِ، وَقَرَأْتَ، وَعَلِمْتَ مَضْمُونَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ} [طه: 121] : أَيْ بِمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ {فَغَوَى} [طه: 121] أَيْ: فَخَرَجَ بِالْعِصْيَانِ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَاشِدًا فِي فِعْلِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ لَفْظَهُ بِهَذَا التَّرْكِيبِ بَلْ مَعْنَاهُ بِالْعِبْرِيَّةِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهَذَا مِنْهُ فِي غَايَةِ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ، وَإِذْعَانٌ لِمَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ، وَلَهُ تَعَالَى أَنْ يُخَاطِبَ عَبِيدَهُ، وَيَصِفَهُمْ بِمَا يَشَاءُ؛ إِذِ الْمَعْصِيَةُ وَالْغَوَايَةُ يُطْلَقَانِ عَلَى مُطْلَقِ الْمُخَالَفَةِ، وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ كَمَا هُنَا، فَإِنَّ آدَمَ لَمْ يَتَعَمَّدِ الْأَكْلَ مِنَ الشَّجَرَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا بَلْ تَأَوَّلَ، أَوْ نَسِيَ قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} [طه: 115] وَمَعَ ذَلِكَ وَصَفَهُ رَبُّهُ بِأَنَّهُ عَصَى وَغَوَى إِقَامَةً لِنَامُوسِ الرُّبُوبِيَّةِ عَلَيْهِ لَا لِيَتَأَسَّى بِهِ النَّاسُ فِي وَصْفِهِ بِذَلِكَ لِعِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا، فَلَمْ يُوصَفْ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْعَامَّةَ وُقُوعَ مَعْصِيَةٍ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. (قَالَ) أَيْ: مُوسَى (نَعَمْ. قَالَ) أَيْ: آدَمُ (أَفَتَلُومُنِي) أَيْ: أَتَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ هَذَا فَتَلُومُنِي (عَلَى أَنْ عَمِلْتُ عَمَلًا كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ) أَيْ: فِي الْأَلْوَاحِ (أَنْ أَعْمَلَهُ) : بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ كَتَبَهُ الْمَنْصُوبِ (قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟) . قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: لَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ آدَمَ: كَتَبَهُ اللَّهُ أَلْزَمَهُ إِيَّايَ، وَأَوْجَبَهُ عَلَيَّ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي تَنَاوُلِ الشَّجَرَةِ كَسْبٌ وَاخْتِيَارٌ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَثْبَتَهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ قَبْلَ كَوْنِي، وَحَكَمَ بِأَنَّهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، فَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَصْدُرَ عَنْ خِلَافِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى؟ فَكَيْفَ تَغْفُلُ عَنِ الْعِلْمِ السَّابِقِ، وَتَذْكُرُ الْكَسْبَ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ، وَتَنْسَى الْأَصْلَ الَّذِي هُوَ الْقَدَرُ، وَأَنْتَ مِمَّنِ اصْطَفَاكَ اللَّهُ، وَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الَّذِينَ يُشَاهِدُونَ سِرَّ اللَّهِ مِنْ وَرَاءِ الْأَسْتَارِ؟ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ تَشْتَمِلُ عَلَى مَعَانٍ مُحَرِّرَةٍ لِدَعْوَى آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُقَرِّرَةٌ لِحُجَّتِهِ. مِنْهَا: أَنَّ هَذِهِ الْمُحَاجَّةَ لَمْ تَكُنْ فِي عَالَمِ الْأَسْبَابِ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِيهِ قَطْعُ النَّظَرِ عَنِ الْوَسَائِطِ وَالِاكْتِسَابِ، بَلْ فِي عَالَمِ الْعُلْوِيِّ عِنْدَ مُلْتَقَى الْأَرْوَاحِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 150
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست