responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 148
فِيهَا. كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَفِي كَلَامِهِ خَفَاءٌ إِذِ الْمُعَلَّقُ، وَالْمُبْرَمُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُثْبَتٌ فِي اللَّوْحِ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْمَحْوِ، نَعَمِ الْمُعَلَّقُ فِي الْحَقِيقَةِ مُبْرَمٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْمِهِ تَعَالَى، فَتَعْبِيرُهُ بِالْمَحْوِ إِنَّمَا هُوَ مِنَ التَّرْدِيدِ الْوَاقِعِ فِي اللَّوْحِ إِلَى تَحْقِيقِ الْأَمْرِ الْمُبْرَمِ الْمُبْهَمِ الَّذِي هُوَ مَعْلُومٌ فِي أُمِّ الْكِتَابِ، أَوْ مَحْوُ أَحَدِ الشِّقَّيْنِ الَّذِي لَيْسَ فِي عِلْمِهِ تَعَالَى، فَتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَبِالتَّحْقِيقِ حَقِيقٌ. (وَقَوْلُهُ: (بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) : مَعْنَاهُ طُولُ الْأَمَدِ مَا بَيْنَ التَّقْدِيرِ، وَالْخَلْقِ مِنَ الْمُدَدِ، أَوْ تَقْدِيرُهُ بِبُرْهَةٍ مِنَ الدَّهْرِ الَّذِي يَوْمٌ مِنْهُ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، وَهُوَ الزَّمَانُ، أَوْ مِنَ الزَّمَانِ نَفْسِهِ. فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يُحْمَلُ عَلَى الزَّمَانِ، وَلَمْ يُخْلَقِ الزَّمَانُ، وَلَا مَا يَتَحَدَّدُ بِهِ مِنَ الْأَيَّامِ، وَالشُّهُورِ، وَالسِّنِينَ؟ قُلْتُ: يُحْمَلُ الزَّمَانُ حِينَئِذٍ عَلَى مِقْدَارِ حَرَكَةِ الْفَلَكِ الْأَعْظَمِ الَّذِي هُوَ الْعَرْشُ، وَهُوَ مَوْجُودٌ حِينَئِذٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ (قَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) : وَفِي الْمَصَابِيحِ: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ يَعْنِي كَانَ عَرْشُ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ، وَالْأَرْضَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، وَالْمَاءُ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ، وَالرِّيحُ عَلَى الْقُدْرَةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَرْشَ، وَالْمَاءَ كَانَا مَخْلُوقَيْنِ قَبْلَ خَلْقِهِمَا، وَقِيلَ ذَلِكَ الْمَاءُ هُوَ الْقَلَمُ، وَقِيلَ: فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي الْعَالَمِ الْمَاءُ، وَإِنَّمَا أَوْجَدَ سَائِرَ الْأَجْسَامِ مِنْهُ تَارَةً بِالتَّلْطِيفِ، وَتَارَةً بِالتَّكْثِيفِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي أَوَّلِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَحَاصِلُهَا كَمَا بَيَّنْتُهَا فِي شَرْحِ شَمَائِلِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ أَوَّلَهَا النُّورُ الَّذِي خُلِقَ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، ثُمَّ الْمَاءُ، ثُمَّ الْعَرْشُ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

80 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ، وَالْكَيْسُ» ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
80 - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ) : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ) : (كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ) : بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ: بِمِقْدَارٍ مُرَتَّبٍ مَكْتُوبٍ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ قَبْلَ أَنْ يُوجَدَ فِي الْخَارِجِ عَلَى حَسَبِ مَا اقْتَضَتْهُ الْحِكْمَةُ (حَتَّى الْعَجْزُ، وَالْكَيْسُ) : بِفَتْحِ الْكَافِ وَرُوِيَ بِرَفْعِهَا عَطْفًا عَلَى كُلِّ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَيْ: حَتَّى الْعَجْزُ، وَالْكَيْسُ كَذَلِكَ أَيْ: كَائِنَانِ بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَبِجَرِّهِمَا عَطْفًا عَلَى شَيْءٍ. قِيلَ: وَالْأَوْجَهُ أَنْ يَكُونَ حَتَّى هُنَا جَارَّةٌ بِمَعْنَى إِلَى لِأَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ يَقْتَضِي الْغَايَةَ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ اكْتِسَابَ الْعِبَادِ، وَأَفْعَالَهُمْ كُلَّهَا بِتَقْدِيرِ خَالِقِهِمْ حَتَّى الْكَيْسُ الَّذِي يَتَوَسَّلُ صَاحِبُهُ بِهِ إِلَى الْبُغْيَةِ، وَالْعَجْزُ الَّذِي يَتَأَخَّرُ بِهِ عَنْهَا، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنَ الْعَجْزِ هُنَا عَدَمُ الْقُدْرَةِ، أَوْ تَرْكُ مَا يَجِبُ فِعْلُهُ، وَالتَّسْوِيفُ بِهِ، وَالتَّأْخِيرُ عَنْ وَقْتِهِ، أَوِ الْعَجْزُ عَنِ الطَّاعَةِ، وَالْكَيْسُ ضِدُّ الْعَجْزِ، وَهُوَ النَّشَاطُ، وَالْحِذْقُ بِالْأُمُورِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْعَاجِزَ قَدْ قُدِّرَ عَجْزُهُ، وَالْكَيِّسُ قَدْ قُدِّرَ كَيْسُهُ، وَقِيلَ: الْكَيْسُ هُوَ كَمَالُ الْعَقْلِ، وَشِدَّةُ مَعْرِفَةِ الْأُمُورِ، وَتَمْيِيزُ مَا فِيهِ النَّفْعُ مِمَّا فِيهِ الضُّرُّ، وَالْعَجْزُ مُقَابِلُهُ، وَقِيلَ: قُوبِلَ الْكَيْسُ بِالْعَجْزِ عَلَى الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْمُقَابِلَ الْحَقِيقِيَّ لِلْكَيْسِ الْبَلَادَةُ، وَلِلْعَجْزِ الْقُوَّةُ، وَفَائِدَةُ هَذَا الْأُسْلُوبِ تَقْيِيدُ كُلٍّ مِنَ اللَّفْظَيْنِ. مِمَّا يُقَابِلُ الْآخَرَ كَأَنَّهُ قِيلَ: حَتَّى الْكَيْسُ، وَالْقُوَّةُ، وَالْعَجْزُ، وَالْبَلَادَةُ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ رَدٌّ عَلَى مَنْ أَثْبَتَ الْقُدْرَةَ، وَالِاخْتِيَارَ لِلْعِبَادِ؛ لِأَنَّ مَصْدَرَ الْفِعْلِ الدَّاعِيَةُ، وَمَنْشَؤُهَا الْقَلْبُ الْمَوْصُوفُ بِالْكَيَاسَةِ وَالْبَلَادَةِ، ثُمَّ الْقُوَّةِ، وَالضَّعْفِ، وَمَكَانُهَا الْأَعْضَاءُ، وَالْجَوَارِحُ، وَإِذَا كَانَ الْكُلُّ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ فَأَيُّ شَيْءٍ يَخْرُجُ مِنْهُمَا، وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: الْكَيْسُ جَوْدَةُ الْقَرِيحَةِ، وَإِنَّمَا قُوبِلَ بِالْعَجْزِ؛ لِأَنَّهُ الْخَصْلَةُ الَّتِي تُفْضِي بِصَاحِبِهَا إِلَى الْجَلَادَةِ، وَإِتْيَانِ الْأُمُورِ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَذَلِكَ نَقِيضُ الْعَجْزِ، وَالْعَجْزُ هُنَا عَدَمُ الْقُدْرَةِ. وَقَالَ الْمُظْهِرُ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ عَاجِزًا وَضَعِيفًا فِي الْجُثَّةِ، أَوِ الرَّأْيِ، وَالتَّمْيِيزِ، أَوْ نَاقِصَ الْخِلْقَةِ لَا تُعَيِّرْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَلْقِهِ إِيَّاهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَمَنْ كَانَ كَامِلَ الْعَقْلِ بَصِيرًا بِالْأُمُورِ تَامَّ الْجُثَّةِ، فَهُوَ أَيْضًا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقُوَّتِهِ، وَقُدْرَتِهِ، فَإِنَّهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. قِيلَ الْوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ التُّورِبِشْتِيُّ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَكَذَا أَحْمَدُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست