responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 137
وَتَعَاظَمَ: تَفَاعَلَ بِمَعْنَى الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَبْنَى لِزِيَادَةِ الْمَعْنَى، فَإِنَّ الْفِعْلَ الْوَاحِدَ إِذَا جَرَى بَيْنَ اثْنَيْنِ يَكُونُ مُزَاوَلَتُهُ أَشَقَّ مِنْ مُزَاوَلَتِهِ وَحْدَهُ، وَلِذَا قِيلَ: الْمُفَاعَلَةُ إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلْمُبَالَغَةِ فَهِيَ لِلْمُبَالَغَةِ أَيْ: نَسْتَعْظِمُ غَايَةَ الِاسْتِعْظَامِ، وَقَوْلُهُ: أَحَدُنَا؛ رُوِيَ بِرَفْعِ الدَّالِ، وَمَعْنَاهُ يَجِدُ أَحَدُنَا التَّكَلُّمَ بِهِ عَظِيمًا لِقُبْحِهِ، وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ: يَعْظُمُ، وَيَشُقُّ التَّكَلُّمُ بِهِ عَلَى أَحَدِنَا (قَالَ: (أَوَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ) ؟ الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ التَّقْرِيرِيِّ، وَالْوَاوُ الْمَقْرُونَةُ بِهَا لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: (حَصَلَ ذَلِكَ) ، وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ، وَالضَّمِيرُ لِمَا يَتَعَاظَمُ أَيْ: ذَلِكَ الْخَاطِرُ فِي أَنْفُسِكُمْ تَقْرِيرًا وَتَأْكِيدًا، فَالْوِجْدَانُ بِمَعْنَى الْمُصَادَفَةِ، أَوِ الْمَعْنَى أَحَصَلَ ذَلِكَ الْخَاطِرُ الْقَبِيحُ، وَعَلِمْتُمْ أَنَّ ذَلِكَ مَذْمُومٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ فَالْوِجْدَانُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ. (قَالُوا: نَعَمْ) . قَالَ: (ذَاكَ) : إِشَارَةٌ إِلَى مَصْدَرِ وَجَدَ أَيْ: وِجْدَانُكُمْ قُبْحَ ذَلِكَ الْخَاطِرِ، أَوْ مَصْدَرُ يَتَعَاظَمُ أَيْ: عِلْمُكُمْ بِفَسَادِ تِلْكَ الْوَسَاوِسَ، وَامْتِنَاعُ نُفُوسِكُمْ، وَتَجَافِيهَا عَنِ التَّفَوُّهِ بِهَا (صَرِيحُ الْإِيمَانِ) أَيْ: خَالِصُهُ يَعْنِي أَنَّهُ أَمَارَتُهُ الدَّالَّةُ صَرِيحًا عَلَى رُسُوخِهِ فِي قُلُوبِكُمْ، وَخُلُوصِهَا مِنَ التَّشْبِيهِ، وَالتَّعْطِيلِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ يُصِرُّ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ تَشْبِيهِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِالْمَخْلُوقَاتِ، وَيَعْتَقِدُهُ حَسَنًا، وَمَنِ اسْتَقْبَحَهَا، وَتَعَاظَمَهَا لِعِلْمِهِ بِقُبْحِهَا، وَأَنَّهَا لَا تَلِيقُ بِهِ تَعَالَى كَانَ مُؤْمِنًا حَقًّا، وَمُوقِنًا صِدْقًا فَلَا تُزَعْزِعُهُ شُبْهَةٌ، وَإِنْ قَوِيَتْ، وَلَا تَحُلُّ عُقَدَ قَلْبِهِ رِيبَةٌ، وَإِنْ مُوِّهَتْ، وَلِأَنَّ مَنْ كَانَ إِيمَانُهُ مَشُوبًا يَقْبَلُ الْوَسْوَسَةَ، وَلَا يَرُدُّهَا. وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنَّ الْوَسْوَسَةَ أَمَارَةُ الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّ اللِّصَّ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ الْخَالِيَ، وَلِذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي لَا وَسْوَسَةَ فِيهَا إِنَّمَا هِيَ صَلَاةُ الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى (رَوَاهُ مُسْلِمٌ
) .

65 - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ، فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
65 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يَأْتِي الشَّيْطَانُ) أَيْ: يُوَسْوِسُ إِبْلِيسُ، أَوْ أَحَدُ أَعْوَانِهِ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ عَلَى طَرِيقِ التَّلْبِيسِ (أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟) : يَعْنِي السَّمَاءَ مَثَلًا (مَنْ خَلَقَ كَذَا؟) : يَعْنِي الْأَرْضَ، وَغَرَضُهُ أَنْ يُوقِعَهُ فِي الْغَلَطِ، وَالْكُفْرِ، وَيُكْثِرُ السُّؤَالَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ (حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟) : وَهُوَ قَدِيمٌ خَالِقٌ كُلِّ شَيْءٍ (فَإِذَا بَلَغَهُ) : ضَمِيرُ الْفَاعِلِ لِأَحَدِكُمْ، وَضَمِيرُ الْمَفْعُولِ رَاجِعٌ إِلَى مَصْدَرِ يَقُولُ أَيْ: إِذَا بَلَغَ أَحَدُكُمْ هَذَا الْقَوْلَ يَعْنِي مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ، أَوِ التَّقْدِيرُ بَلَغَ الشَّيْطَانُ هَذَا الْقَوْلَ (فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ) : طَرْدًا لِلشَّيْطَانِ إِشَارَةً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 40] وَإِيمَاءً إِلَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) فَإِنَّ الْعَبْدَ بِحَوْلِهِ، وَقُوَّتِهِ لَيْسَ لَهُ قُوَّةُ الْمُغَالَبَةِ مَعَ الشَّيْطَانِ، وَمُجَادَلَتِهِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَلْتَجِئَ إِلَى مَوْلَاهُ، وَيَعْتَصِمَ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي هَذَا الْخَاطِرِ الَّذِي لَا أَقْبَحَ مِنْهُ؛ فَيَقُولُ بِلِسَانِهِ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَيَلُوذُ بِجَنَابِهِ إِلَى جَنَابِهِ أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ شَرَّهُ، وَكَيْدَهُ، فَإِنَّهُ مَعَ اللُّطْفِ الْإِلَهِيِّ لَا أَضْعَفَ مِنْهُ، وَلَا أَذَلَّ، فَإِنَّهُ مُشَبَّهٌ بِالْكَلْبِ الْوَاقِفِ عَلَى الْبَابِ، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76] أَيْ: بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقُوَّةِ الْإِلَهِيَّةِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ تَعَالَى حِكَايَةً: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} [يوسف: 28] (وَلْيَنْتَهِ) : بِسُكُونِ اللَّامِ، وَتُكْسَرُ؛ أَيْ: لِيَتْرُكِ التَّفَكُّرَ فِي هَذَا الْخَاطِرِ، وَلْيَشْتَغِلْ بِأَمْرٍ آخَرَ؛ لِئَلَّا يَسْتَحْوِذَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَوْقَعَهُ فِيهِ رَجَاءَ أَنْ يَقِفَ مَعَهُ، وَيَتَمَكَّنَ فِي نَفْسِهِ فَيَحْصُلَ لَهَا شَكٌّ وَرَيْبٌ فِي تَنْزِيهِهِ تَعَالَى عَنْ سِمَاتِ الْحُدُوثِ، وَإِنْ دَقَّتْ وَخَفِيَتْ، فَمَنْ تَنَبَّهَ، وَكَفَّ عَنِ الِاسْتِرْسَالِ مَعَ ذَلِكَ الْخَاطِرِ، وَأَشْغَلَ نَفْسَهُ حَتَّى انْصَرَفَتْ عَنْهُ فَقَدْ خَلَصَ، وَمَنْ لَا فَقَدِ ارْتَبَكَ فَيُخْشَى عَلَيْهِ مَزَلَّةُ الْقَدَمِ فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ، وَإِنَّمَا أُمِرَ بِذَيْنِكَ دُونَ الِاحْتِجَاجِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 137
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست