responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 135
[2] بَابٌ فِي الْوَسْوَسَةِ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
63 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ، أَوْ تَتَكَلَّمْ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[2] بَابٌ فِي الْوَسْوَسَةِ
الْخَوَاطِرُ إِنْ كَانَتْ تَدْعُو إِلَى الرَّذَائِلِ فَهِيَ وَسْوَسَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ إِلَى الْفَضَائِلِ فَهِيَ إِلْهَامٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مِنْ غَيْرِ الْمَعْصُومِ؛ لِأَنَّهُ لَا ثِقَةَ بِخَوَاطِرِهِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
63 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ) أَيْ: عَفَا (عَنْ أُمَّتِي) أَيْ: أُمَّةِ الْإِجَابَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ: تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي، أَيْ: لَمْ يُؤَاخِذْهُمْ بِذَلِكَ لِأَجْلِي فَلَهُ الْمِنَّةُ الْعُظْمَى الَّتِي لَا مُنْتَهَى لَهَا عَلَيْنَا (مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا) : بِالرَّفْعِ فَاعِلًا أَيْ: مَا خَطَرَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْخَوَاطِرِ الرَّدِيئَةِ، فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْمُحَاوَرَةِ، وَيَجُوزُ نَصْبُهُ مَفْعُولًا بِهِ. قِيلَ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْوَسْوَسَةَ لَازِمٌ، لَنِعْمَ وَجْهُ النَّصْبِ الظَّرْفِيَّةُ إِنْ سَاعَدَتْهُ الرِّوَايَةُ، وَرُوِيَ مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُهَا بِالرَّفْعِ، وَالنَّصْبُ بَدَلُهُ (مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ) أَيْ: مَا دَامَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ الْعَمَلُ إِنْ كَانَ فِعْلِيًّا (أَوْ تَكَلَّمَ) : بِهِ أَيْ: مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ إِنْ كَانَ قَوْلِيًّا كَذَا فِي الْأَزْهَارِ، قَالَ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ فِي شَرْحِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ أَفْعَالَ الْقُلُوبِ إِذَا اسْتَقَرَّتْ يُؤَاخَذُ بِهَا فَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا» ) مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ تَسْتَقِرَّ، وَذَلِكَ مَعْفُوٌّ بِلَا شَكٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْفِكَاكُ عَنْهُ بِخِلَافِ الِاسْتِقْرَارِ، ثُمَّ نَقَلَ صَاحِبُ الْأَزْهَارِ عَنِ الْإِحْيَاءِ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّ لِأَعْمَالِ الْقَلْبِ أَرْبَعَ مَرَاتِبَ. الْأَوَّلُ: الْخَاطِرُ كَمَا لَوْ خَطَرَ لَهُ صُورَةُ امْرَأَةٍ مَثَلًا خَلَفَ ظَهْرِهِ فِي الطَّرِيقِ لَوِ الْتَفَتَ إِلَيْهَا يَرَاهَا. وَالثَّانِي: هَيَجَانُ الرَّغْبَةِ إِلَى الِالْتِفَاتِ إِلَيْهَا، وَنُسَمِّيهِ مَيْلُ الطَّبْعِ، وَالْأَوَّلُ حَدِيثُ النَّفْسِ، وَالثَّالِثُ: حُكْمُ الْقَلْبِ بِأَنْ يَفْعَلَ أَيْ: يَنْظُرُ إِلَيْهَا فَإِنَّ الطَّبْعَ إِذَا مَالَ لَمْ تَنْدَفِعِ الْهِمَّةُ، وَالنِّيَّةُ، مَا لَمْ تَنْدَفِعَ الصَّوَارِفُ، وَهِيَ الْحَيَاءُ، وَالْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ مِنْ عِبَادِهِ، وَنُسَمِّيهِ اعْتِقَادًا. وَالرَّابِعُ: تَصْمِيمُ الْعَزْمِ عَلَى الِالْتِفَاتِ، وَجَزْمِ النِّيَّةِ فِيهِ، وَنُسَمِّيهِ عَزْمًا بِالْقَلْبِ، أَمَّا الْخَاطِرُ فَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ، وَكَذَا الْمَيْلُ، وَهَيَجَانُ الرَّغْبَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ تَحْتَ الِاخْتِيَارِ، وَهُمَا الْمُرَادَانِ بَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي) الْحَدِيثَ. وَأَمَّا الثَّالِثُ، وَهُوَ الِاعْتِقَادُ: فَهُوَ مُرَدَّدٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارًا لَا يُنْكِرُهُ، وَاضْطِرَارًا يُنْكِرُهُ، فَالِاخْتِيَارِيُّ يُؤَاخَذُ، وَالِاضْطِرَارِيُّ لَا يُؤَاخَذُ، وَأَمَّا الرَّابِعُ وَهُوَ الْعَزْمُ، وَالْهَمُّ بِالْفِعْلِ، فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ، وَعَلَيْهِ تَنْزِلُ الْآيَاتُ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى مُؤَاخَذَةِ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ إِلَّا أَنَّهُ إِنْ تَرَكَ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ؛ لِأَنَّ هَمَّهُ سَيِّئَةٌ، وَامْتِنَاعَهُ عَنْهَا مُجَاهَدَةٌ مَعَ نَفْسِهِ فَتَكُونُ حَسَنَةً تَزِيدُ عَلَيْهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا لِعَائِقٍ، أَوْ فَاتَهَا ذَلِكَ لِعَدَمِ الْحُصُولِ كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ لِلْعَزْمِ، وَالْهِمَّةِ الْجَازِمَةِ، وَالدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ: ( «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ، وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ) قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: (إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ» ) . وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ صَارَ إِلَى النَّارِ، وَوَقَعَ فِيهَا بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ، وَالنِّيَّةِ، وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْمَلْ وَقُتِلَ مَظْلُومًا، وَكَيْفَ لَا يُؤَاخَذُ بِأَعْمَالِ الْقَلْبِ الْجَازِمَةِ، وَالْكِبْرُ، وَالْعُجْبُ، وَالنِّفَاقُ، وَالْحَسَدُ، وَغَيْرُهَا مِنَ الْأَوْصَافِ الذَّمِيمَةِ يُؤَاخَذُ بِهَا. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «الْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ» ) . وَقَالَ: " «الْبِرُّ مَا اطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ، وَتَرَدَّدَ فِي صَدْرِكَ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ» ) اهـ.
أَقُولُ: الِاسْتِدْلَالُ بِالْحَدِيثِ الْأَخِيرِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْإِثْمَ عَيْنَ مَا تَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَا لَمْ يَسْتَقِرَّ لَا يَكُونُ إِثْمًا، فَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ مَا تَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ أَنَّهُ إِثْمٌ، أَوْ غَيْرُ إِثْمٍ فَفِعْلُهُ إِثْمٌ احْتِيَاطًا، كَمَا إِذَا تَعَارَضَ دَلِيلُ التَّحْرِيمِ، وَالتَّحْلِيلِ فِي شَيْءٍ فَيَحْرُمُ. قِيلَ: الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّجَاوُزَ الْمَذْكُورَ خَاصِّيَّةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَعَلَى التَّوْجِيهِ الَّذِي نَقَلَهُ صَاحِبُ الْأَزْهَارِ مِنَ الرَّوْضَةِ، وَالْإِحْيَاءِ يَلْزَمُ أَنَّهُ يَكُونُ عَامًّا لِجَمِيعِ الْأُمَمِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الِاخْتِيَارِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ شَخْصٌ مِنَ الْأَشْخَاصِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ مِنْ أَنَّ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 135
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست