ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمداً، فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله، ولا تشربن خمراً، فإنه رأس كل فاحشة، وإياك والمعصية، فإن بالمعصية حل سخط الله، وإياك والفرار من الزحف وإن هلك الناس، وإذا أصاب الناس موت وأنت فيهم فاثبت، وأنفق على عيالك من طولك، ولا ترفع عنهم عصاك أدباً، وأخفهم في الله)) ، رواه أحمد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكذا إخراج ماله (متعمداً) احتراز من السهو والنسيان والضرورة (فقد برئت منه ذمة الله) بكسر الراء أي لا يبقى في أمن من الله في الدنيا والآخرة. قال ابن حجر: كناية عن سقوط احترامه؛ لأنه بذلك الترك عرض نفسه بالعقوبة بالحبس عند جماعة من العلماء، ولقتله حداً لا كفراً بشرط إخراجها عن وقتها الضروري، وأمره بها في الوقت عند أئمتنا الشافعية، ولقتله كفراً فلا يصلى عليه ولا يكفن بمقابر المسلمين عند أحمد وآخرين. (فإنه) أي شربها (رأس كل فاحشة) أي قبيحة؛ لأن المانع من الفواحش هو العقل، ولذا سمي عقلاً لأنه يعقل صاحبه عن القبائح، فيزاوله عن الإنسان يقع في كل فاحشة عرضت له، ولذا سميت أم الخبائث. وورد في رواية "الخمر جماع الإثم" كما سميت الصلاة أم العبادات؛ لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر. (وإياك والمعصية) تحذير وتعميم بعد تخصيص، وإيذان بأن المعاصي السابقة أعظمها ضرراً. (فإن بالمعصية حل سخط الله) أي نزل وثبت على فاعلها، واسم إن ضمير الشان المحذوف أي فإنه (وإياك والفرار من الزحف) تخصيص بعد تعميم (وإن هلك الناس) أي بالفرار أو القتل، وإن وصلية. قال ابن حجر: شرط للمبالغة باعتبار الأكمل أيضاً، وإلا فقد علم من قوله تعالى: {الآن خفف الله عنكم} الآية [8:66] أن الكفار حيث زادوا على المثلين جاز الانصراف. (وإذا أصاب الناس موت) أي طاعون ووباء (وأنت فيهم) الجملة حالية (فاثبت) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا وقع الطاعون ببلد وأنتم فيهم فلا تخرجوا منه، وإذا وقع ببلد ولستم فيه فلا تدخلوا إليه)) . ومحل الأمرين حيث لا ضرورة إلى الخروج أو الدخول، وإلا فلا إثم كما هو الظاهر. (على عيالك) بكسر العين أي من تجب عليك نفقته شرعاً (من طولك) بفتح أوله أي فضل مالك، وفي معناه الكسب بقدر الوسع والطاقة على طريق الاقتصاد. (ولا ترفع عنهم عصاك أدباً) مفعول له أي للتأديب لا للتعذيب. والمعنى إذا استحقوا الأدب بالضرب فلا تسامحهم. (وأخفهم في الله) أي أنذرهم في مخالفة أوامر الله بالنصيحة والتعليم، وبالحمل على مكارم الأخلاق. (رواه أحمد) (ج5 ص238) وأخرجه أيضاً الطبراني في الكبير. قال المنذري: وإسناد أحمد صحيح لو سلم من الانقطاع، فإن عبد الرحمن بن جبير بن نفير لم يسمع من معاذ - انتهى. وأخرجه الطبراني في الأوسط عنه قال: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: يارسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمنى عملاً إذا عملته دخلت الجنة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تشرك بالله وإن قتلت أو حرقت ... )) الحديث، وفيه عمر بن واقد، ضعفه البخاري وجماعة، وقال الثوري: كان صدوقاً. كذا في مجمع الزوائد.