أن لا تعتدوا في السبت)) ، قال فقبلا يديه ورجليه وقالا: نشهد أنك نبي. قال فما يمنعكم أن تتبعوني؟ قالا: إن داود - عليه السلام - دعا ربه أن لا يزال من ذريته نبي، وإنا نخاف إن تبعناك أن يقتلنا اليهود، رواه الترمذي وأبوداود والنسائي.
59- (11) وعن أنس قال: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاث من أصل الإيمان، الكف عمن قال
ـــــــــــــــــــــــــــــ
معمولاً لفعله المحذوف، أي أخص اليهود خصوصاً. (ألا تعتدوا) بتأويل المصدر في محل الرفع على أنه مبتدأ من الاعتداء (في السبت) أي لا تتجاوزوا أمر الله في تعظيم السبت، بأن لا تصيدوا السمك فيه، وقيل "عليكم" اسم فعل بمعنى خذوا، و"أن لا تعتدوا" مفعوله أي الزموا ترك الاعتداء. (نشهد أنك نبي) إذ هذا العلم من الأمي معجزة، لكن نشهد أنك نبي إلى العرب (أن تتبعوني) بتشديد التاء، وقيل بالتخفيف أي من أن تقبلوا نبوتي وتتبعوني في الأحكام الشرعية (دعا أن لا يزال من ذريته نبي) أي فنحن ننتظر ذلك النبي لنتبعه. وهذا منهم تكذيب لقولهم نشهد أنك نبي، وأنهم ما قالوا عن صدق اعتقاد ضرورة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدعى ختم النبوة به - صلى الله عليه وسلم -، فالقول بأنه نبي يستلزم صدقه فيه، وانتظار نبي آخر ينافيه، فانظر إلى تناقضهم وكذبهم، قاله السندهي. وقال الطيبي: يعني دعا داود - عليه السلام - أن لا ينقطع النبوة عن ذريته إلى يوم القيامة، فيكون دعاءه مستجاباً البتة؛ لأنه لا يرد الله تعالى دعاء نبي، فإذا كان كذلك فيكون نبي في ذريته ويتبعه اليهود، وربما يكون لهم الغلبة والشوكة، فإن تركنا دينهم واتبعناك لقتلنا اليهود إذا ظهر لهم نبي وقوة، وهذا كذب منهم وافتراء على داود - عليه السلام -؛ لأنه لم يدع بهذا الدعاء، ولا يجوز لأحد أن يعتقد في داود - عليه السلام - هذا الدعاء؛ لأنه قرأ في التوراة والزبور بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - وأنه خاتم النبيين وأنه ينسخ به جميع الأديان والكتب، فكيف يدعو على خلاف ما أخبره الله تعالى به من شأن محمد - صلى الله عليه وسلم - انتهى. ولئن سلم فعيسى من ذرية داود وهو نبي باقٍ إلى يوم الدين، ظهرت المعجزات على يده أيضاً فلم يصدقوه، فعلم أن التكذيب عادة لهم، وعذرهم هذا كذب وافتراء. والحديث يدل على جواز تقبيل اليد والرجل، ويأتي الكلام عليه في باب المصافحة والمعانقة (رواه الترمذي) في آخر الاستئذان والأدب وفي تفسير سورة بني إسرائيل، وقال: حديث حسن صحيح. (وأبو داود) لم أجده في سننه. وقال الحافظ في الدراية: رواه الأربعة إلا أبا داود. وهذا يدل على أن أبا داود لم يخرجه في سننه، ويدل عليه أيضاً أنه لم يعز هذا الحديث أحد لأبي داود (والنسائي) في المحاربة، وأخرجه أيضاً أحمد في مسنده (ج4 ص239،240) ، وابن ماجة في الأدب مختصراً، والحاكم في المستدرك، وقال: صحيح لا نعرف له علة بوجه من الوجوه ووافقه الذهبي، وأخرجه أيضاً الطيالسي، وأبونعيم، والبيهقي، والطبراني، وابن جرير وغيرهم.
59-قوله: (ثلاث) خصال (من أصل الإيمان) أي أساسه وقاعدته، أحداًها أو منها (الكف عمن قال