نام کتاب : قوت المغتذي على جامع الترمذي نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 2 صفحه : 680
العلوم فرض عين، وهذا ظاهر، وأما إدراك فضل علم على علم بالنظر إلى ذاته لا بالنظر إلى حال متعلمه، ولا قصده، ولا ما عرض من كونه في وقت معيَّن أو زمنٍ مُعَيَّن، بل من حيث كونه علمًا فالحق فيه أنَّ شرف العلم بشرف معلومه، فكلما كان متعلق العِلم أشرف كان العلم أشرف، فعلى هذا الأشرف من العِلم الموصل إلى معرفة الله تعالى، ومعرفة صِفاته، والغوص في معاني كلامه، والفهم عنه، وتحقيق توحيده، وتنزيهه، إما بالأدلة، وذلك شأن علماء أصول الدِّين القائمين بحقه، أو بالمعارف الإلهية، وذلك شأن العارفين بالله تعالى، ويحتاج إدراك هذا العلم إلى المبالغة في تزكية النفس، وتطهير القلب، والتنزه عن أوضار الذنوب، ورذائل الأخلاق.
إذا تقرر هذا فشرف العالم وفضله بشرف العِلم وفضله، فكلما كان العِلم أشرف، وأفضل كان العالم به من حيث اتصافه به أشرف وأفضل من المتصف بما دونه من حيث اتصافه به، نعم قد يعرض للمتصف بالعِلم المفضول حالة يكون فيه أفضل من المتَّصف بالعِلم الذي هو أعلى رُتبة منه كما يعرض للعلم المفضول [به] حالة يكون فيها أفضل من العِلم الفاضِل فيكون التفضيل في هذا المقام بحسب العَوارض فإذا انتفت العَوارض،
أو قطع النظر عنها رجع الأمر إلى تفضيل العِلم على الاخر من حيث هو هو، فلذلك لا نقطع القول بإطلاق تفضيل العالم في الجملة فإنه قد لا يكون عالمًا بعلم يقتضي التفضيل بل العالم بالعلم الذي يقتضي التفضيل، كالعالم بعلم الشريعة الذي هو وراثة النبوة وعلم الحلال والحرام الذي يهتدي به إلى طريق الآخرة إذا لم يكن قائمًا بحق علمه
نام کتاب : قوت المغتذي على جامع الترمذي نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 2 صفحه : 680