9894 - (لا صلاة لمن لم يقرأ) فيها (بفاتحة الكتاب) أي لا صلاة كائنة لمن لم يقرأ فيها وعدم الوجود شرعا هو عدم الصحة هذا هو الأصل بخلاف لا صلاة لجار المسجد ولا صلاة لآبق ونحو ذلك فإن قيام الدليل على الصحة أوجب كون المراد كونا خاصا أي كاملة فعلية يكون من حذف الخبر لا من وقوع الجار والمجرور خبرا والشافعية يثبتون ركنية الفاتحة وعلى معنى الوجوب عند الحنفية فإنهم لا يقولون بوجوبها قطعا بل ظنا لكنهم لا يخصون الفرضية والركنية بالقطعي فيتعين قراءتها عندهم فتبطل الصلاة بتركها ولا يقوم غيرها مقامها وعند الحنفية أنها مع الوجوب ليست شرطا للصحة بل الفرض قراءة ما تيسر من القرآن لآية {فاقرؤوا ما تيسر منه} وقوله لا صلاة إلا بالفاتحة أو غيره {وإنه لفي زبر الأولين} وأجيب عن الأول بأن المراد الفاتحة أو من لا يعرفها جمعا وإلا لزم النسخ والمجاز والتعبد أولى منه وعن الثاني بأن راويه مطعون فيه وأن قوله أو غيرها أدناه وعن الثالث بأنه مجاز والمأمور به القراءة حقا اه وإذا قلنا بوجوبها فعجز عنها أتى بسبع آيات فإن عجز فذكر بعدد حروفها خلافا لمالك قياسا على الصوم وتمسكا بأن من كان معه شيء من القرآن فليقرأ وإلا فليسم الله ورد الأول بالفرق والثاني بأنه لبيان إثبات ما قدر ثم هذا الحديث ليس فيه إلا وجوب قراءتها وأما تعينها في كل ركعة فعلم من دليل آخر
<تنبيه> قال ابن القيم في البدائع: قولهم قرأت الكتاب يتعدى بنفسه وأما قرأت بأم القرآن وحديث لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ففيه نكتة بديعة قل من يفطن لها هي أن الفعل إذا عدى بنفسه فقلت قراءة سورة كذا اقتضى اقتصارك عليها تخصيصا بالذكر إذا عدى بالباء فمعناه لا صلاة لمن لم يأت بهذه السورة في قراءته أو في صلاة في جملة ما يقرأ به وهذا لا يعطى الاقتصار عليها بل يشعر بقراءة غيرها معها
<تنبيه> قال ابن عربي: شرعت المناجاة بالكلام الإلهي في القيام في الصلاة دون غيره من أحواله للاشتراك في القيومية من كون العبد قائما في الصلاة والله قائم على كل نفس بما كسبت فما للعبد ما دام قائما حديث إلا مع ربه فإن قيل الرفع من الركوع قيام ولا قراءة فيه قلنا إنما شرع للفصل بينه وبين السجود فلا يسجد إلا من قيام فلو سجد من ركوع كان خضوعا من خضوع ولا يصح خضوع من خضوع لأنه عين الخروج عما يوصف بالدخول فيه فيكون لا خضوع مثل عدم العدم ومن ثم فصل بين السجدتين برفع ليفصل بين حال الخضوع ونقيضه ولهذا كانت الملوك يحيون بالانحناء وهو الركوع أو بوضع الوجه بالأرض وهو السجود وإذا تواجهوا وأثنوا عليهم قام المتكلم أو المثني بين يديه فلا يكلمه في غير حال القيام
(حم ق 4) في الصلاة (عن عبادة) بن الصامت
9895 - (لا صلاة) صحيحة (لمن لا وضوء له) وفي لفظ لا صلاة إلا بوضوء (ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) أي لا وضوء كاملا لمن لم يسم الله أوله فالتسمية أوله مستحبة عند الشافعية والحنفية وأوجبها أحمد في رواية تمسكا بظاهر هذا الحديث قال القاضي البيضاوي: هذه الصيغة حقيقة في نفي الشيء وتطلق مجازا على نفي الاعتداد به لعدم صحته نحو -[430]- لا صلاة إلا بطهور أو كماله نحو لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد والأول أشيع وأقرب إلى الحقيقة فيجب المصير إليه ما لم يمنع مانع وهنا محمول على نفي الكلام خلافا لأهل الظاهر لخبر من توضأ فذكر اسم الله كان طهورا لجميع بدنه ومن توضأ ولم يذكر اسم الله كان طهورا لأعضاء وضوئه أو لم يرد به الطهور عن الحدث فإنه لا يتجزأ بل الطهور عن الذنوب اه وقال ابن حجر: يعارض هذا الخبر خبر المسيء صلاته إذا قمت فتوضأ كما أمرك الله الحديث لم يذكر التسمية وخبر أبي داود وغيره أنه لم يرد السلام على من سلم عليه وهو يتوضأ فلما فرغ قال: لم يمنعني إلا أني كنت على غير وضوء فإذا امتنع من ذكر الله قبل الوضوء فكيف يوجب التسمية حينئذ وهو من ذكر الله اه وهذا الحديث رواه أيضا الدارقطني باللفظ المزبور وزاد فيه ولا يؤمن بالله من لم يؤمن بي ولا يؤمن بي من لم يحب الأنصار اه بنصه ورواه الطبراني بلفظه وزاد ولا صلاة لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ولا صلاة لمن لا يحب الأنصار
(حم د هـ ك) من طريق يعقوب بن سلمة (عن أبي هريرة) وقال الحاكم: صحيح وتعقبه الذهبي بأن إسناده فيه لين وقال المنذري: صححه الحاكم وليس كما قال فهم رووه كلهم عن يعقوب بن سلمة الليثي عن أبيه عن أبي هريرة وقد قال البخاري وغيره: لا يعرف لسلمة سماع من أبي هريرة ولا ليعقوب سماع من أبيه وأبو سلمة لا يعرف فالصحة من أين وقال ابن حجر: ظن الحاكم أن يعقوب هو الماجشون فصحح على شرط مسلم فوهم ويعقوب بن سلمة هو الليثي مجهول الحال اه. وقال ابن الهمام بعد ما عزاه لأبي داود: ضعف بالانقطاع وبقول أحمد لا أعلم في التسمية حديثا ثابتا
(هـ عن سعيد ابن زيد) هذا حديث اختلف في تحسينه وتضعيفه فمن ظاهر كلامه تحسينه البخاري فإنه أجاب الترمذي حين سأله عنه بأنه أحسن شيء في هذا الباب وقال جمع منهم ابن القطان: بل هو ضعيف جدا فيه ثلاثة مجاهيل وقال ابن الجوزي: حديث غير ثابت وانتصر مغلطاي للأول