-[542]- 6199 - (كاد الفقر) أي الفقر مع الاضطرار إلى ما لا بد منه كما ذكره الغزالي (أن يكون كفرا) أي قارب أن يوقع في الكفر لأنه يحمل على حسد الأغنياء والحسد يأكل الحسنات وعلى التذلل لهم بما يدنس به عرضه ويلثم به دينه وعلى عدم الرضا بالقضاء وتسخط الرزق وذلك إن لم يكن كفرا فهو جار إليه ولذلك استعاذ المصطفى صلى الله عليه وسلم من الفقر وقال سفيان الثوري: لأن أجمع عندي أربعين ألف دينار حتى أموت عنها أحب إلي من فقر يوم وذلي في سؤال الناس قال: ووالله ما أدري ماذا يقع مني لو ابتليت ببلية من فقر أو مرض فلعلي أكفر ولا أشعر فلذلك قال: كاد الفقر أن يكون كفرا لأنه يحمل المرء على ركوب كل صعب وذلول وربما يؤديه إلى الاعتراض على الله والتصرف في ملكه كما فعل ابن الراوندي في قوله:
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه. . . وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا
هذا الذي ترك الأوهام حائرة. . . وصير العالم التحرير زنديقا
والفقر نعمة من نعم الله إلى الإنابة والالتجاء إليه والطلب منه وهو حلية الأنبياء ورتبة الأولياء وزي الصلحاء ومن ثم ورد خبر: إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين فهو نعمة جليلة بيد أنه مؤلم شديد التحمل <تنبيه> قال الغزالي: هذا الحديث ثناء على المال ولا تقف على وجه الجمع بين المدح والذم إلا بأن تعرف حكمة المال ومقصوده وإفادته وغوائله حتى ينكشف لك أنه خير من وجه شر من وجوه وليس بخير محض ولا بشر محض بل هو سبب للأمرين معا يمدح مرة ويذم مرة والبصير المميز يدرك أن المحمود منه غير المذموم (وكاد الحسد أن يكون سابق القدر) أي كاد الحسد في قلب الحاسد أن يغلب على العلم بالقدر فلا يرى أن النعمة التي حسد عليها أنها صارت إليه بقدر الله وقضائه كما أنها لا تزول إلا بقضائه وقدره وغرض الحاسد زوال نعمة المحسود ولو تحقق القدر لم يحسده واستسلم وعلم أن الكل بقدر <تنبيه> قال ابن الأنباري في الانتصاف: لا يستعمل أن مع كاد في اختيار ولذلك لم يأت في القرآن ولا في كلام فصيح فأما حديث كاد الفقر أن يكون كفرا فإن صح فزيادة أن من كلام الراوي لا من كلام الرسول لأنه أفصح من نطق بالضاد وقال النووي: إثبات أن مع كاد جائز لكنه قليل وقال ابن مالك: وقوع خبر كاد مقرونا بأن قد خفي على أكثر النحاة وقوعه والصحيح جوازه لكنه قليل ولذلك لم يقع في القرآن لكن عدم وقوعه فيه لا يمنع من استعماله قياسا
(حل) من حديث المسيب بن واضح عن يوسف بن أسباط عن سفيان عن حجاج بن قرافصة عن يزيد الرقاشي (عن أنس) ويزيد الرقاشي قال في الميزان: تالف وحجاج قال أبو زرعة: ليس بقوي ورواه عنه أيضا البيهقي في الشعب وفيه يزيد المذكور ورواه الطبراني من وجه آخر بلفظ كاد الحسد أن يسبق القدر وكادت الحاجة أن تكون كفرا قال الحافظ العراقي: وفيه ضعف وقال السخاوي: طرقه كلها ضعيفة قال الزركشي: لكن يشهد له ما خرجه النسائي وابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد مرفوعا اللهم إني أعوذ بك من الفقر والكفر فقال رجل ويعتدلان قال نعم
6200 - (كادت النميمة) أي قارب نقل الحديث من قوم لقوم على وجه الإفساد (أن تكون سحرا) أي خداعا ومكرا أو صرفا للشيء عن وجهه وإخراجا للباطل في صورة الحق فلما كادت النميمة أن تجذب السامع إلى بغض المنقول عنه ويوقع بينه وبين الشرور شبهت بالسحر الحقيقي
(ابن لال) في المكارم (عن أنس) وفيه الكديمي وقد مر غير مرة ضعفه والمعلى بن الفضل قال الذهبي في الضعفاء: له مناكير ويزيد الرقاشي قد تكرر أنه متروك
6201 - (كافل اليتيم) أي المربي له أو القائم بأمره من نحو نفقة وكسوة وتأديب وغير ذلك (له) كقريبه (أو لغيره) -[543]- كالأجنبي (أنا وهو كهاتين) وأشار بالسبابة والوسطى (في الجنة) مصاحبا له فيها وقد تطابقت الشرائع والأديان على الحث على الإحسان إلى اليتيم وحق على من سمع هذا الحديث العمل به ليكون رفيق المصطفى صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة أفضل من ذلك وفيه إشارة إلى أن بين درجة النبي صلى الله عليه وسلم وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى من كلام داود عليه السلام كن لليتيم كالأب الرحيم واعلم أنك كما تزرع تحصد رواه الطبراني وكذا البخاري في الأدب المفرد
(عن أبي هريرة) ورواه البخاري بدون قوله ولغيره اه والتقديم والتأخير مع اتحاد المعنى لا أثر له ورواه الطبراني بزيادة قيل حسن لا بد منه. ولفظه كافل اليتيم أو لغيره إذا اتقى معي في الجنة كهاتين قال الهيثمي: رجاله ثقات والمراد اتقى في التصرف لليتيم