-[511]- 6106 - (قدمت المدينة ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية) هما يوم النيروز والمهرجان (وإن الله تعالى قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الفطر ويوم النحر) قال الطيبي: وهذا نهي عن اللعب والسرور فيهما وفيه نهاية من اللطف وأمر بالعبادة وأن السرور الحقيقي فيهما {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا} قال مخرجه البيهقي: زاد الحسن فيه أما يوم الفطر فصلاة وصدقة وأما يوم الأضحى فصلاة ونسك قال المظهر: وفيه دليل على أن تعظيم يوم النيروز والمهرجان ونحوهما منهي عنه وقال أبو حفص الحنفي: من أهدى فيه بيضة لمشرك تعظيما لليوم كفر وكان السلف يكثرون فيه الاعتكاف بالمسجد وكان علقمة يقول اللهم إن هؤلاء اعتكفوا على كفرهم ونحن على إيماننا فاغفر لنا وقال المجد ابن تيمية: الحديث يفيد حرمة التشبه بهم في أعيادهم لأنه لم يقرهما على العيدين الجاهليين ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة وقال أبدلكم والإبدال يقتضي ترك المبدل منه إذ لا يجتمع بين البدل أو المبدل منه ولهذا لا تستعمل هذه العبارة إلا في ترك اجتماعهما
(هق عن أنس) رمز المصنف لحسنه وفيه محمد بن عبد الله الأنصاري أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أبو داود تغير شديدا
6107 - (قدمتم خير مقدم وقدمتم من الجهاد الأصغر) وهو جهاد العدو المباين (إلى الجهاد الأكبر) وهو جهاد العدو المخالط قالوا وما الجهاد الأكبر قال (مجاهدة العبد هواه) فهي أعظم الجهاد وأكبره لأن قتال الكفار فرض كفاية وجهاد النفس فرض عين على كل مكلف في كل وقت {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا} {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك} فإن البدن كالمدينة والعقل أعني المدرك من الإنسان كملك مدبر لها وقواه المدركة من الحواس الظاهرة والباطنة كجنوده وأعوانه وأعضاؤه كرعية والنفس الأمارة بالسوء التي هي الشهوة والغضب كعدو ينازعه في مملكته ويسعى في هلاك رعيته فصار بدنه كرباط وثغر ونفسه كمقيم فيه مرابط فإن جاهد عدوه فهزمه وقهره على ما يحب حمد أثره إذا عاد إلى الحضرة {فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة} وإن ضيع ثغره وأهل رعيته ذم أثره وانتقم منه عند لقاء الله فيقال له يوم القيامة يا راعي السوء أكلت اللحم وشربت اللبن ولم ترد الضالة اليوم أنتقم منك وإلى هذه المجاهدة الكبرى أشار بالحديث قال ابن أدهم: أشد الجهاد جهاد الهوى فمن منع النفس هواها فقد استراح من الدنيا وبلاها وقال الحرالي: من لم يحترق بنار المجاهدة أحرقته نار الخوف ومن لم يحترق بنار الخوف أحرقته نار السطوة فعلى العاقل أن يجاهد نفسه ساعة فساعة ويخاطبها خطاب النصوح الآمر بنحو: أيتها النفس المطمئنة أنت على جناح سفر ودارك هذه غرور وكدر والمسافر إذا لم يتزود ركب متن الخطر وخير الزاد التقوى كما أنزل على سيد البشر فجدي السير وشدي المئزر بتجريد عزم التوبة والتلبس بلباس الحوبة وملازمة ذكر هاذم اللذات ومفرق الجماعات فلا تتركي عمل اليوم لغد فالوقت كالسيف إذا لم تقطعه قطعك
(خط) في ترجمة واصل الصوفي كذا الديلمي (عن جابر) ورواه عنه البيهقي أيضا في كتاب الزهد وهو مجلد لطيف وقال: إسناده ضعيف وتبعه العراقي
6108 - (قدموا قريشا ولا تقدموها) بفتح التاء والقاف والتشديد بضبط المصنف أصله تتقدموها وحذفت تاء التفعيل -[512]- لا تاء المضارعة أي ولا تتقدموا عليها في أمر شرع تقديمها فيه كالإمامة (وتعلموا منها ولا تعالموها) بفتح المثناة مفاعلة من العلم أي لا تغالبوها بالعلم ولا تفاخروها فيه فإنهم المخصوصون بالأخلاق الفاضلة والأعمال الكاملة وكانوا قبل الإسلام طبيعتهم قابلة للفضائل والفواضل والخيور الهوامل لكنها معطلة عن فعله ليس عندهم علم منزل من السماء ولا شريعة موروثة عن نبي ولا هم مشتغلون بالعلوم العقلية المحضة من نحو حساب وطب إنما علمهم ما سمحت به قرائحهم من نحو شعر وبلاغة وفصاحة وخطب فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى أخذوه بعد المجاهدة الشديدة والمعالجة على نقلهم عن عادتهم الجاهلية وظلماتهم الكفرية بتلك الفطرة الجيدة السنية والقريحة السوية المرضية فاجتمع لهم الكمال بالقوة المخلوقة فيهم والكمال المنزل إليهم كأرض جيدة في نفسها لكنها معطلة عن الحرث أو ينبت بها شوك فصارت مأوى الخنازير والسباع فإذا طهرت عن المؤذي وزرع فيها أفضل الحبوب والثمار أنبتت من الحرث ما لا يوصف مثله
(الشافعي) في المسند (والبيهقي في) كتاب (المعرفة) كلاهما (عن ابن شهاب) الزهري (بلاغا) أي أنه قال بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك (عد عن أبي هريرة) وظاهر صنيع المصنف أن الشافعي لم يخرجه إلا بلاغا فقط وليس كذلك فقد أفاد الشريف السمهودي في الجواهر وغيره أن الشافعي في مسنده وأحمد في المناقب خرجاه من حديث عبد الله بن حنطب قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال أيها الناس قدموا قريشا ولا تقدموها وتعلموا منها ولا تعلموها انتهى. وقال الحافظ ابن حجر: خرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح لكنه مرسل وله شواهد