6010 - (قال الله تعالى من لم يرض بقضائي وقدري فليلتمس ربا غيري) أي ولا رب إلا الله فعلى العبد الرضى بقضائه وإحسان الظن به وشكره عليه فإن حكمته واسعة وهو بمصالح العباد أعلم وغدا يشكره العباد على البلايا إذا رأوا ثواب البلاء كما يشكر الصبي بعد البلوغ مؤدبه على ضربه وتأديبه والبلاء تأديب من الله وعنايته لعباده أتم وأوفر من عناية الآباء بأبنائهم روي أن بعض الأنبياء شكى إلى ربه الجوع والقمل عشر سنين فأوحى إليه كم تشكو؟ هكذا كان بدؤك عندي قبل أن أخلق السماوات والأرض هكذا قضيت عليك قبل أن أخلق الدنيا أفتريد أن أغير خلق الدنيا لأجلك أم أبدل ما قدرت عليك فيكون ما تحب فوق ما أحب؟ وعزتي وجلالي لئن تلجلج في صدرك هذا مرة أخرى لأمحونك من ديوان الأنبياء
(هب عن أنس)
6011 - (قال الله تعالى الصيام جنة يستجن بها العبد من النار وهولي وأنا أجزي به) صاحبه بأن أضاعف له الجزاء بلا حساب لأن فيه الإعراض عن لذات الدنيا والنفس وحظوظها ومن أعرض عنها ابتغاء وجه الله لم يجعل بينه وبينه حجاب واعلم أن الصوم من أخص أوصاف الربوبية إذ لا يتصف به على الكمال إلا الله فإنه يطعم ولا يطعم فإضافته إلى نفسه بقوله وأنا أجزي به لكونه لا يتصف به أحد على الحقيقة إلا هو لأنه الغني عن الأكل أبد الآبدين ومن سواه لا بد له منه حتى الملائكة فإن طعامهم التسبيح والأذكار وشرابهم المحبة الخالصة والمعارف والعلوم الصافية من الأكدار ومن عداهم طعامهم وشرابهم ما يليق بهم في دار الدنيا وكل دار وقد دعا الباري إلى الاتصاف بأوصافه وتعبدهم بها بعد الطاقة والصوم من أخصها وأصعب الأشياء على النفوس لكونه خلاف ما جبلوا عليه لما أن وجودهم لا يقوم إلا بمادة بخلاف الغنى عن كل شيء
(حم هب عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي: إسناد أحمد حسن