5704 - (العلماء قادة) أي يقودون الناس إلى أحكام الله من أمر ونهي إذ فهم أكمل الناس علما بوحدانيته تعالى ومعرفة أحكامه والعلم منشأ جميع النعم وأصلها (والمتقون سادة) أي أشراف الناس وأما جدهم (ومجالستهم زيادة) للجالس في تشبيهه بالمتقي والعمل بعلمه واقتفاء أثره والاستضاءة بأنواره
(ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) ورواه الطبراني في حديث طويل قال الهيثمي: رجاله موثقون
5705 - (العلماء ورثة الأنبياء) لأن الميراث ينتقل إلى الأقرب وأقرب الأمة في نسبة الدين العلماء الذين أعرضوا عن الدنيا وأقبلوا على الآخرة وكانوا للأمة بدلا من الأنبياء الذين فازوا بالحسنيين العلم والعمل وحازوا الفضيلتين الكمال والتكميل. كتب قطب زمانه شيخ الإسلام أبو حفص السهروردي إلى الإمام الرازي إذا صفت مصادر العلم وموارده من الهوى أمدته كلمات الله التي تنفذ البحار دون نفاذها ويبقى العلم على كمال قوته لا يضعفه تردده في تجاويف الأفكار وبقوته يتلقى الفهوم المستقيمة وهذه رتبة الراسخين في العلم المتسمين بصورة العمل وهم وراث الأنبياء كبر عملهم على العلم وعلمهم على العمل فصفت أعمالهم ولطفت فصارت مسامرات سرية ومحاورات روحية فتشكلت الأعمال بالعلوم لمكان لطافتها وتشكلت العلوم بالأعمال لقوة فعلها وسرايتها إلى الاستعدادات وهو الميراث الأكبر لأن الورثة إنما يورثون ميراث الدنيا بحكم أهل الدنيا والرسل إنما يورثون ورثتهم الحكم الربانية واعلم أنه كما لا رتبة فوق رتبة النبوة فلا شرف فوق شرف وارث تلك الرتبة قال ابن عربي: ومقام الوارثين لا مقام أعلى منه شهود لا يتحرك معه لسان ولا يضطرب معه جنان فاغرة أفواههم استولت عليهم أنوار الذات وبدت عليهم رسوم الصفات هم عرائس الله المخبؤون عنده المحجوبون لديه الذين لا يعرفهم سواه كما لا يعرفون سواه توجهم بتاج البهاء وإكليل السناء وأقعدهم على منابر الضياء عن القرب في بساط الأنس ومناجاة الديمومية بلسان القومية لم تزل القوة الإلهية تمدهم بالمشاهدة فهم بالحق وإن خاطبوا الخلق وعاشروهم فليسوا معهم وإن رأوهم لم يروهم إذ لا يرون منهم إلا كونهم من جملة أفعال الله فهم يشاهدون الصنعة والصانع ولا تحجبهم الصنعة عن الصانع وذلك غير ضار إلا إن شغل القلب حسن الصنعة فهؤلاء هم الوارثون حقا فهنيئا لهم بما نالوا من حقائق المشاهدة وهنيئا لنا على التصديق والتسليم لهم بالموافقة والمساعدة (يحبهم أهل السماء) أي سكانها من الملائكة (ويستغفر لهم الحيتان في البحر إذا ماتوا إلى يوم القيامة) لأنهم لما ورثوا عنهم تعليم الناس الإحسان وكيفيته والأمر به إلى كل شيء ألهم الله الأشياء الاستغفار لهم مكافأة على ذلك ذكره الخطابي وقال القاضي: إنما يستغفر أهل السماوات لأنهم عرفوا بتعريفه وعظموا بقوله -[385]- وأهل الأرض لأن بقاءهم وصلاحهم مربوط برأيه وقوله يستغفر لهم مجاز عن إرادة استقامة حالة المستغفر له من طهارة النفس ورفعة المنزلة ورخاء العيش لأن الاستغفار من العقلاء حقيقة ومن الغير مجاز وقال ابن جماعة: وجهه أنها لمصالح العباد ومنافعهم والعلماء هم المبينون ما يحل ويحرم منها ويحثون على الإحسان إليها ودفع الضر عنها وقال السيد السمهودي: لا رتبة فوق مرتبة من يشغل الملائكة وغيرهم من المخلوقات بالاستغفار والدعاء لهم حتى تقوم القيامة فإن قلت ما وجه زيادته إلى يوم القيامة قلت لأن العلم ينتفع به بعد موت العالم إلى يوم القيامة ولهذا كان ثوابه لا ينقطع بموته قال الزمخشري: ففيه دليل على شرف العلم وإنافة محله وتقدم حملته وأهله وأن نعمته من أجل النعم وأجزل القسم وأن من أوتيه فقد أوتي فضلا عظيما وما سماهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة لأنهم القوام بما بعثوا من أجله
(ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) ضعفه جمع وقال ابن حجر: له طرق وشواهد يعرف بها أن للحديث أصلا اه. وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير وهو غفول فقد خرجه أبو نعيم والديلمي والحافظ عبد الغني وغيرهم باللفظ المذكور بعضهم من حديث أنس وبعضهم من حديث البراء