4401 - (رب أشعث) أي جعد الرأس (أغبر) أي غير الغبار لونه لطول سفره في طاعة كحج وجهاد وزيارة رحم وكثرة عبادة (ذي طمرين) تثنية طمر وهو الثوب الخلق (ينبو عنه أعين الناس) أي ترجع وتغض عن النظر إليه احتقارا له واستهانة به يقال نبا السيف عن الضرب إذا رجع من غير قطع ونبا الطبع عن الشيء نفر فلم يقبله (لو أقسم على الله لأبره) أي لو سأل الله وأقسم عليه أن يفعله لفعل ولم يخيب دعوته وذلك لأن الانكسار ورثاثة الحال والهيئة من أعظم أسباب الإجابة ومن ثم ندب ذلك في الاستسقاء قال الحسن: احترقت أخصاص [1] بالبصرة إلا خص وسطها فقيل لصاحبها: ما لخصك لم تحترق قال: أقسمت على ربي أن لا يحرقه. ورأى أبو حفص رجلا مدهوشا فقال: مالك قال: ضل حماري ولا أملك غيره فوقف أبو حفص وقال: لا أخطو خطوة ما لم ترد حماره فظهر حماره فورا قال الغزالي: وهذا يجري لذوي الأنس وليس لغيرهم التشبه بهم وقال الجنيد: أهل الأنس يقولون في خلوتهم أشياء هي كفر عند العامة وفيه أن العبرة بالقلوب والأديان لا باللباس والمتاع والأبدان
(ك) في الرقائق (حل) كلاهما (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وأقول: فيه عند أبي نعيم محمد بن زيد الأسلمي ضعفه النسائي وقبله وغيره [1] جمع خص قال في المصباح: الخص بيت من قصب والجمع أخصاص مثل قفل وأقفال
4402 - (رب ذي طمرين لا يؤبه به) أي لا يبالي به ولا يلتفت إليه لحقارته (لو أقسم على الله لأبره) أي لأمضاه وتمامه في رواية ابن عدي لو قال اللهم إني أسألك الجنة لأعطاه الجنة ولم يعطه من الدنيا شيئا اه. قال بعض الصوفية: وهذه الطائفة العلية أهل الولاية الكبرى المكتسبة بالتخلق والتحقق وهم النازلون في العالم منزلة القلب في الجسد فهم تحت حكم الحق وتحت رتبة الأنبياء وفوق العامة بالتصريف وتحتهم بالافتقار وهم أهل التسليم والأدب والعلم والعمل والانكسار والافتقار والذلة والعجز والصبر على البلاء والقيام تحت الأسباب وتجرع الغصص الموت الأحمر والأزرق والأبيض والأسود وأهل الهمة والدعوة والخفاء والظهور والإلهام والتقييد والإطلاق وحفظ حقوق المراتب والأسباب وأهل القدم الراسخ النافذ في كل شيء وهم أتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم وورثته ونوابه وحفظته ووكلاؤه وأهل الحشر والنشر والحساب والوزن والمشي على الصراط كما يمشي عليه أدنى المؤمنين فهم المجهولون عند غالب الناس في الدارين لعدم ظهورهم في الدنيا بشيء من صفات السادة وهم الذين لا يحزنهم الفزع الأكبر أهل الثبات عند كشف الساق في المحشر وهم المطلعون على جريان الأقدار وسريانها في الخلق وهم العبيد اختيارا سادة اضطرارا المكاشفون بعلم دهر الدهور من الأبد إلى الأزل في نفس واحد فكما تنزل الحق تعالى بإخباره لنا أنه ينزل إلى سماء الدنيا ليعلمنا التواضع مع بعضنا فكذا هم يتنزلون مع العامة بقدر أفهامهم اه. وفيه إيماء إلى مدح الخمول وقيل: الاقتصار على الخمول أدعى -[16]- إلى السلامة ورب حقير أعظم قدرا عند الله من كثير من عظماء الدنيا والناس إنما اطلاعهم على ظواهر الأحوال ولا علم لهم بالخفيات وإنما الذي يعتبر عند الله خلوص الضمائر وتقوى القلوب وعلمهم من ذلك بمعزل فينبغي أن لا يتجرأ أحد على أحد استهزاء بمن تقتحمه عينه إذا رآه رث الحال وذا عاهة في بدنه أو غير لين في محادثته فلعله أخلص ضميرا وأتقى قلبا منه فيظلم نفسه بتحقير من وقره الله والاستهانة بمن عظمه الله وقد بلغ السلف إفراط توقيهم وتصونهم إلى أن قال عمرو بن شرحبيل: لو رأيت رجلا يرضع عنزا فضحكت منه خشيت أن أصنع مثل الذي فعله ذكره الزمخشري <تنبيه> قال بعض العارفين: لا تحقر أحدا من خلق الله فإنه تعالى ما احتقره حين خلقه فلا يكون الله يظهر العناية بإيجاد من أوجده من عدم وتأتي أنت تحتقره فإن ذلك احتقار بمن أوجده وهو من أكبر الكبائر
(البزار) في مسنده (عن ابن مسعود) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير جارية بن هرم وقد وثقه ابن حبان على ضعفه