responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فيض القدير نویسنده : المناوي، عبد الرؤوف    جلد : 3  صفحه : 71
2781 - (أوحى الله تعالى إلى ابراهيم: يا خليلي) أي يا صديقي فيا له من خطاب ما أشرفه (حسن خلقك) بضم اللام مع سائر الأنام (ولو مع الكفار) فإنك إن فعلت ذلك (تدخل مداخل الأبرار) أي الصادقين الأتقياء الذين أحسنوا طاعة مولاهم تحروا محابه وتوقوا مكارهه (فإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أن أظله في عرشي) أي في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظله (وأن أسكنه حظيرة قدسي) أي جنتي وأصل الحظيرة موضع يحاط عليه لتأوي إليه الإبل والغنم يقيها نحو برد وريح وأن أدنيه من جواري بكسر الجيم وضمها والكسر أفصح أي أقربه مني يقال جاوره مجاورة وجوارا إذا لاصقه في المسكن وقد امتثل هذا السيد الجليل أمر ربه فبلغ من حسن الخلق وكمال الدربة ما لم يبلغه أحد سواه إلا ما كان من ولده نبينا انظر حين أراد أن ينصح أباه ويعظه فيما كان متورطا فيه من الخطأ العظيم والزيغ الشنيع الذي عصى أمر العقل وانسلخ من قضية التمييز والغباوة التي لبس بعدها شيء كيف رتب الكلام معه في أحسن اتساق وساقه في أرشف مساق مع استعماله الملاطفة والمجاملة والرفق واللين والأدب الجميل وكمال حسن الخلق منتصحا في ذلك بنصيحة ربه مسترشدا بإرشاده <تنبيه> قال الراغب: التخلق والتشبيه بالأفاضل ضربان محمود وهو ما كان على سبيل الارتياض والتدرب على الوجه الذي ينبغي وبالمقدار الذي ينبغي ومذموم وهو ما كان رياء وتصنعا ويتحراه فاعله ليذكر به ويسمى تصنعا وتشيعا ولا ينفك صاحبه من اضطراب يدل على تشيعه. <فائدة> قال العارف ابن عربي: ينبغي لطالب مقام الخلة أن يحسن خلقه لجميع الخلق مؤمنهم وكافرهم طائعهم وعاصيهم وأن يقوم في العالم مقام الحق فيهم فإن المرء على دين خليله من شمول الرحمة وعموم لطائفه من حيث لا يشعرهم أن ذلك الإحسان منه فمن عامل الخلق بهذه الطريقة صحت له الخلة وإذا لم يستطع بالظاهر لعدم الموجود أمدهم بالباطن فيدعو لهم بينه وبين ربه وهكذا حال الخليل فهو رحمة كله
(الحكيم) الترمذي عن أبي هريرة قال الزيلعي: وهذا معضل (طس عن أبي هريرة) وضعفه المنذري ولم يوجهه وقال الهيثمي: فيه مؤمل بن عبد الرحمن وهو ضعيف

2782 - (أوحى الله إلى داود) عليه السلام يا داود (أن قل للظلمة لا يذكروني فإني أذكر من يذكرني وإن ذكري إياهم أن ألعنهم) أي أطردهم عن رحمتي وأبعدهم عن إكرامي ودار كرامتي قال حجة الإسلام: هذا في عاص غير غافل في ذكره فكيف إذا اجتمعت الغفلة والعصيان
(ابن عساكر) في ترجمة داود (عن ابن عباس) قضية صنيع المؤلف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير وهو قصور فقد خرجه الحاكم والبيهقي في الشعب والديلمي باللفظ المزبور عن ابن عباس المذكور

2783 - (أوحى الله إلى داود) عليه الصلاة والسلام (ما من عبد يعتصم) أي يتمسك (بي دون خلقي أعرف ذلك -[72]- من نيته) أي والحال أني أعرف من نيته أنه يستمسك بي وحدي وأن ظاهره كباطنه في الإلتجاء والتعويل علي وحدي وفي بعض النسخ أعرف ذلك من قلبه بدل نيته (فتكيده السماوات) السبع (بمن فيها) من الملائكة وغيرهم والكواكب وأفلاكها وغير ذلك من سائر خلق الله أي يخدعونه ويمكرون به يقال كاده كيدا أخدعه ومكر به والاسم المكيدة (إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا) أي مخلصا من خداعهم له ومكرهم قال به بعضهم: وإنما قال تعالى أعرف ذلك إلخ وفيه نصرته بذلك إشارة إلى أنه مقام يعز وجوده في غالب الناس ولهذا قال في الحكم لا ترفعن إلى غيره حاجة هو موردها عليك فكيف يرفع غيره ما كان له هو واضعا من لا يستطيع أن يرفع حاجة عن نفسه فكيف يستطيع أن يكون لها من غيره دافعا اه في بعض الكتب المنزلة: يقول الله: وعزتي وجلالي وارتفاعي في علو مكاني لأقطعن أمل كل مؤمل لغيري باليأس ولأكسونه ثوب المذلة عند الناس ولأنحينه من قربي ولأقطعنه من وصلي أتؤمل غيري وأنا الكريم وتطرق أبواب الغير وبيدي مفاتيحها وهي مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني من ذا الذي أملني لنائبة فقطعت به دونها ومن ذا الذي رجاني لعظيم وقطعت رجاه (وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماء من يديه) أي حجبت ومنعت عنه الطرق والجهات والنواحي التي يتوصل بها إلى الاستعلاء والسمو ونيل المطالب وبلوغ المآرب فمن اعتصم بمن لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا واغتر بعرض الدنيا فهو المخذول في دينه الساقط من عين الله قال في الصحاح: السبب كل شيء يتوصل به إلى غيره وأسباب السماء نواحيها قال الزمخشري: الأسباب الوصل وتقول ما لي إليه سبب أي طرق والسمو العلو ويقال سما يسمو سموا علا ومنه قيل سمت همته إلى معالي الأمور إذا طلب العز والشرف (وأرسخت الهوى من تحت قدميه) يحتمل أن الهوى بضم الهاء وكسر الواو وهو السقوط من علو إلى أسفل ويكون المعنى أثبت الهوى تحت قدميه فلا يزال في مهواه هابطا عن منازل العز والشرف متباعدا عن مولاه ويحتمل أنه الهوى بالقصر وهو ميل النفس وإشرافها إلى مذموم والهوى أيضا الشيء الخالي ومن كلامهم لا تتبع الهوى فمن تبع الهوى قال الإمام الرازي في تفسيره: الذي جربته طول عمري أن الإنسان كلما عول في أمر على غير الله صار سببا للبلاء والمحنة وإذا عول على الله ولم يرجع إلى أحد من الخلق حصل المطلوب على أحسن وجه فهذه التجربة قد استمرت من أول عمري إلى هذا الوقت فعلم أن كل من استند في نصرته إلى الخلق بنفسه أو بوكيله أو بقلبه تخلفت عنه نصرة الحق تعالى إلا أن يكون مشهده أن نصرة الخلق من جملة نصرة الحق تعالى له من جهة أنه الملهم لهم أن ينصروه فإنه تعالى ينصر عبده بواسطة وبدونها والكل منه فلا يقدح ذلك في مقام الاستناد إليه تعالى بل هو أكمل لأن فيه استعمال الآلة وعدم تعطيلها (وما من عبد يطيعني إلا وأنا معطيه قبل أن يسألني وغافر له) ما فرط منه من الصغائر ومقيلا له ما سقط فيه من هفوة أو عثرة (قبل أن يستغفرني) أي قبل أن يطلب مني الغفر أي الستر وإنما نزلناه على الصغائر والهفوات لأنه فرضه أولا مطيعا له
(ابن عساكر) في التاريخ (عن كعب بن مالك) ورواه عنه الديلمي أيضا في الفردوس

نام کتاب : فيض القدير نویسنده : المناوي، عبد الرؤوف    جلد : 3  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست