-[279]- 3395 - (التاجر الجبان) ضد الشجاع (محروم والتاجر الجسور) أي ذو الإقدام في البيع والشراء (مرزوق) قال الديلمي: ليس معناه أن الجبان يحرم الرزق لجبن قلبه ولا الجسور يرزق أكثر بل معناه أنهما يظنان كذلك وهما مخطئان في ظنيهما وما قسم لهما من الرزق لا يزاد فيه ولا ينقص ويؤيده خبر إن الرزق لا يجره حرص حريص ولا يرده كره كاره والجبان المهيب عن الإقدام على الأمور فلعل جبنه من البذل لعزة المال عنده وقنوطه من عوده إلى يده سبب لحرمان الرزق وذلك ينشأ من ظلمة الشرك والشك فيحرم الرزق فيعذب قلبه ويتعسر أمره والجسور يقدم سخاوة نفسه على بذل ما في يده ومنشأه من كمال التوحيد والثقة بوعده تعالى فتسهل عليه أسباب الرزق ببركته فنبه على أن ربح الدنيا والدين ببركة بذل الدنيا وإخراجها انتهى والأقرب إجراؤه على ظاهره ولا مانع من أن يجعل الله جسارة التاجر وعدم تهيئته للإقدام على البيع والشراء بقصد الاعتماد على الله في تحصيل الربح سببا لسعة رزقه ومن ثم قيل:
لا تكونن للأمور هيوبا. . . فإلى خيبة يكون الهيوب
(القضاعي) في مسند الشهاب (عن أنس) بن مالك قال شارحه العامري: حسن
3396 - (التثاؤب) بمثناة فوقية فمثلثة فهمزة بعد مدة أي سببه وهو كثرة الغذاء وثقل البدن (من الشيطان) أي ناشئ عن إبليس لأنه ينشأ من الامتلاء وثقل النفس وكدورة الحواس واسترخائها ويميل بالبدن إلى الكسل والنوم فأضافه إليه لأنه الداعي إلى إعطاء النفس حظها من الشهوة وأراد به التحذير من السبب الذي يتولد منه وهو التوسع في المطعم والشبع فيثقل البدن عن الطاعة (فإذا تثاءب أحدكم) زاد الترمذي في الصلاة مع أنها غير قيد لكن طلب الرد فيها آكد (فليرده) أي فليأخذ في أسباب رده (ما استطاع) بأن يسد فمه مهما أمكن لقبحه وليس المراد أنه يملك رده لأن الواقع لا يرد (فإن أحدكم إذا قال ها) مقصور من غير همز حكاية صوت التثاؤب (ضحك منه الشيطان) فرحا بموافقة غرضه المذموم فأضافه إليه كأنه يحبه ويرتضيه ويتوسل به إلى ما يبتغيه من الكسل عن الصلاة والفتور عن العبادة ولأنه إنما يغلب غالبا من الشره وشدة الشبع الذي هو من عمل الشيطان والشيطان هو الداعي إلى إعطاء النفس حظها من الشهوة
(ق عن أبي هريرة رضي الله عنه) وفي الباب أبو سعيد
3397 - (التثاؤب الشديد) بمثلثة بعد الفوقية وهو التنفس الذي ينفتح منه الفم لدفع البخار المختنق في عضلات الفم الشديد الذي يشوه صورة الإنسان (والعطسة الشديدة من الشيطان) ومن ثم عدوا من خصائص الأنبياء أنهم ما تثاءب أحد منهم قط ولا احتلم فإذا أحس الإنسان بتثاؤب أو عطس فليكظم وليضع يده على فمه ويخفض صوته ما أمكنه لئلا يبلغ الشيطان مراده من تشويه صورته ودخوله فمه وفيه وفيما قبله كراهة التثاؤب في الصلاة وغيرها وبه صرح في التحقيق للشافعية قال الحافظ ابن حجر: والمراد بكونه مكروها أنه لا يجري معه وإلا فدفع وروده غير مقدور له وإنما خص الصلاة في بعض الروايات لأنها أولى الأحوال به
(ابن السني في عمل يوم وليلة عن أم سلمة)
3398 - (التحدث بنعمة الله شكر) أي إشاعتها من الشكر {وأما بنعمة ربك فحدث} والشكر ثلاثة أقسام شكر اللسان بالتحدث -[280]- بالنعمة وشكر الأركان بالقيام بالخدمة وشكر الجنان بالاعتراف بأن كل نعمة منه تعالى (وتركها كفر) أي ستر وتغطية لما حقه الإظهار والإذاعة قال بعض العارفين: ذكر النعم يورث الحب في الله ثم هذا الخبر موضعه ما لم يترتب على التحدث بها ضرر كحسد وإلا فالكتمان أولى كما يفيده قول الزمخشري: وإنما يجوز مثل هذا إذا قصد أن يقتدى به وأمن على نفسه الفتنة وإلا فالستر أفضل ولو لم يكن فيه إلا التشبه بأهل السمعة والرياء لكفى (ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير) فاشكر لمن أعطى ولو سمسمة (ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله) أي من كان طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم كان عادته كفران نعم الله وترك الشكر له أو المراد أن الله لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس وينكر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر (والجماعة بركة والفرقة عذاب) أي اجتماع جماعة المسلمين وانتظام شملهم زيادة خير وأو أجر وتفرقهم يترتب عليه من الفتن والحروب والقتل وغير ذلك مما هو أعظم من كل عذاب في الدنيا وأمر الآخرة إلى الله. (فائدة} أخرج في الحلية عن وهب أن بعض الأنبياء عليه السلام سأل ربه عن سبب سلب بلعام بعد تلك الآيات والكرامات فقال تعالى: إنه لم يشكرني يوما على ما أعطيته ولو شكرني على ذلك مرة واحدة لما سلبته نعمتي
(هب عن النعمان بن بشير) وفيه أبو عبد الرحمن الشامي أورده الذهبي في الضعفاء وقال الأزدي كذاب ورواه عنه أحمد بسند رجاله ثقات كما بينه الهيثمي فكان ينبغي للمؤلف عزوه له