-[276]- (فصل في المحلى بأل من هذا الحرف) [أي حرف التاء]
3385 - (التائب من الذنب) توبة مخلصة صحيحة (كمن لا ذنب له) لأن العبد إذا استقام ضعفت نفسه وانكسر هواه وتغيرت أحواله وساوى الذي قبله ممن لا صبوة له قال الطيبي: هذا من قبيل إلحاق الناقص بالكامل مبالغة كما نقول زيد كالأسد ولا يكون المشرك التائب معادلا بالنبي المعصوم
(هـ) من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود (عن) أبيه عبد الله (بن مسعود) قال في الميزان: قال أبو حاتم: حديث ضعيف وابن أبي سعيد مجهول رواه عنه مجهول هو يحيى بن خالد قال المنذري بعد ما عزاه لابن ماجه والطبراني: رواة الطبراني رواة الصحيح لكن أبو عبيد لم يسمع من أبيه وقال ابن حجر: حسن (الحكيم) الترمذي (عن أبي سعيد) الخدري وحمل السخاوي تحسين ابن حجر رحمه الله للطريق الأول على أنه باعتبار شواهده قال وإلا فأبو عبيدة جزم غير واحد بأنه لم يسمع من أبيه
3386 - (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) لأن التائب حبيب الله {إن الله يحب التوابين} وهو سبحانه لا يعذب حبيبه بل يغفر له ويستره ويسامحه (وإذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب) لأن المحب يستر الحبيب فإن بدا منه شين غفره فإذا أحب عبدا فأذنب ستره فصار كمن لا ذنب له فالذنب يدنس العبد والرجوع إلى الله يطهره وهو التوبة فرجعته إليه تصيره في محل القرب منه كذا ظهر لي في تقريره ثم رأيت حجة الإسلام قال: معناه إذا أحبه تاب عليه قبل الموت فلم تضره الذنوب الماضية وإن كثرت كما لا يضره الكفر الماضي بعد الإسلام
(القشيري في الرسالة) المشهورة في التصوف (وابن النجار) في التاريخ (عن أنس) ورواه الديلمي أيضا باللفظ المزبور
3387 - (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) أخذ منه الغزالي أن التوبة تصح من ذنب دون ذنب إذ لم يقل التائب من الذنوب كلها لكن التوبة عما تمائل في حق الشهوة كمدمن الخمر دون آخر منه غير ممكن نعم تجوز التوبة عن الخمر دون النبيذ لتفاوتهما في السخط وعن الكثير دون القليل لأن لكثرة المعصية تأثيرا في كثرة العقوبة وقد اختلف في حد التوبة قال في المفهم: وأجمع العبارات وأسدها أنها اختيار ترك ذنب سبق حقيقة وتقديرا لأجل الله (والمستعفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه) ومن ثم قيل: الاستغفار باللسان توبة الكذابين وقالت ربيعة رحمها الله: استغفارنا يحوج إلى استغفار قال الغزالي: والاستغفار الذي هو توبة الكذابين هو ما يكون بمجرد اللسان ولا جدوى له فإن إنضاف له تضرع القلب وابتهاله في سؤال المغفرة عن صدق فهذه حسنة في نفسها تصلح لأن يدفع بها السيئة وعليه تحمل الأخبار الواردة في فضل الاستغفار والحاصل أن النطق بالاستغفار وإن خلا عن حل عقد الإصرار من أوائل الدرجات وليس يخلو عن الفائدة أصلا فلا ينبغي أن يظن أن وجوده كعدمه ذكره بعض الأكابر وقال النووي رضي الله عنه: فيه أن الذنوب وإن تكررت مئة مرة بل ألفا وتاب في كل مرة قبلت توبته أو تاب عن الكل مرة واحدة صحت توبته وفي الأذكار عن الربيع بن خيثم: لا تقل أستغفر الله وأتوب إليه فيكون ذنبا وكذبا إن لم تكن تفعل بل قل اللهم اغفر وتب علي قال النووي رضي الله عنه: هذا حسن وأما كراهة أستغفر الله وتسميته كذبا -[277]- فلا يوافق عليه لأن معنى أستغفر الله أطلب مغفرته وليس كذبا ويكفي في رده خبر أبي داود من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كان قد فر من الزحف قال ابن حجر: هذا في لفظ أستغفر الله أما أتوب إليه فهو الذي عنى الربيع أنه كذب وهو كذلك إذا قاله ولم يتب وفي الاستدلال للرد عليه بالخبر نظر لجواز كون المراد ما إذا قالها وفعل شروط التوبة ويحتمل أن الربيع قصد مجموع اللفظين لا خصوص أستغفر الله (ومن آذى مسلما كان عليه من الذنوب مثل منابت النخل) أي في الكثرة المفرطة التي لا تحصى وضرب المثل بمنابت النخل دون غيرها لأن المدينة كانت كثيرة النخل ولا شيء أكثر منه فيها فخاطبهم بما يعرفون
(هب وابن عساكر) في التاريخ وكذا الطبراني والديلمي وابن أبي الدنيا كلهم (عن ابن عباس) قال الذهبي: إسناده مظلم وقال السخاوي: سنده ضعيف وفيه من لا يعرف وقال المنذري: الأشبه وقفه وقال في الفتح: الراجح أن قوله والمستغفر إلخ موقوف