2583 - (إنما أنا رحمة) أي ذو رحمة أو مبالغ في الرحمة حتى كأني عينها لأن الرحمة ما يترتب عليه النفع ونحوه وذاته كذلك وإن كانت ذاته رحمة فصفاته التابعة لذاته كذلك (مهداة) بضم الميم أي ما أنا إلا ذو رحمة للعالمين أهداها الله إليهم فمن قبل هديته أفلح ونجا ومن أبى خاب وخسر وذلك لأنه الواسطة لكل فيض فمن خالف فعذابه من نفسه كعين انفجرت فانتفع قوم وأهمل قوم فهي رحمة لها ولا يشكل على الحصر وقوع الغضب منه كثيرا لأن الغضب لم يقصد من بعثه بل القصد بالذات الرحمة والغضب بالتبعية بل في حكم العدم فانحصر فيها مبالغة أو المعنى أنه رحمة على الكل لا غضب على الكل أو أنه رحمة في الجملة فلا ينافي الغضب في الجملة أنه رحمة في الجملة ويكفي في المطلب إثبات الرحمة
(ابن سعد) في الطبقات (والحكيم) في النوادر (عن أبي صالح مرسلا) أبو صالح في التابعين كثير فكان ينبغي تمييزه (ك) في الإيمان (عنه) أي عن أبي صالح (عن أبي هريرة) يرفعه قال الحاكم على شرطهما وتفرد الثقة مقبول انتهى وأقره عليه الذهبي
2584 - (إنما بعثت) أي أرسلت (لأتمم) أي لأجل أن أكمل (صالح) وفي رواية بدله مكارم (الأخلاق) بعد ما كانت ناقصة وأجمعها بعد التفرقة قال الحكيم: أنبأنا به أن الرسل قد مضت ولم تتم هذه الأخلاق فبعث بإتمام ما بقي عليهم وقال بعضهم: أشار إلى أن الأنبياء عليهم السلام قبله بعثوا بمكارم الأخلاق وبقيت بقية فبعث المصطفى صلى الله عليه وسلم بما كان معهم وبتمامها وقال الحرالي: صالح الأخلاق هي صلاح الدنيا والدين والمعاد التي جمعها في قوله اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي وقال العارف ابن عربي: معنى الحديث أنه لما قسمت الأخلاق إلى مكارم وإلى سفساف وظهرت مكارم الأخلاق كلها في شرائع الرسل وتبين سفسافها من مكارمها عندهم وما في العالم إلا أخلاق الله وكلها مكارم فما ثم سفساف أخلاق فبعث نبينا صلى الله عليه وسلم بالكلمة الجامعة إلى الناس كافة وأوتي جوامع الكلم وكل شيء يقدمه على شرع خاص فأخبر عليه الصلاة والسلام أنه بعث لتتم صالح الأخلاق فصار للكل مكارم أخلاق فما ترك في العلم سفساف أخلاق جملة واحدة لمن عرف مقصد الشرع فأبان لنا مصارفه لهذا المسمى سفسافا من نحو حرص وشره وحسد وبخل وكل صفة مذمومة فأعطانا لها مصارف إذا أجريناها عليها عادت مكارم أخلاق وزال عنها اسم الذم فكانت محمودة فتمم الله به مكارم الأخلاق فلا ضد لها كما أنه لا ضد للحق لكن منا من عرف المصارف ومنا من جهلها
(ابن سعد) -[573]- في الطبقات (خد ك هب عن أبي هريرة) ورواه عنه أحمد أيضا باللفظ المزبور قال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح انتهى فكأن المصنف أغفله ذهولا وقال ابن عبد البر حديث متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة وغيره