-[525]- 2458 - (إن من البيان سحرا) قال القاضي: البيان جمع الفصاحة في اللفظ والبلاغة باعتبار المعنى والسحر في الأصل الصرف قال {فأنى تسحرون} وسمي السحر سحرا لأنه مصروف عن جهته والمراد به هنا من البيان ما يصرف قلوب السامعين إلى قول الباطل ويروج عليهم ويخيل لهم ما ليس بحق حقا ويشغلهم بتمويه اللفظ عن تدبر المعنى فيكون صفة ذم ويؤيده ما ورد صريحا في مذمته ويكون المقصود من الكلام منع الحاضرين عن استعجابه والاغترار به وحثهم على أن يكون مجامع نظرهم في الاستحسان والاستقباح إلى جانب المعنى فإن حسن البيان وإن كان محمودا في الجملة ففيه ما هو مذموم لكونه معربا عن باطل وجنس الشعر وإن كان مذموما في الجملة لكنه قد يكون فيه ما هو محمود لاشتماله على حكم ومنه ما يستعذب ويقضى له بالتعجب ويقصر عنه منه العامة كالسحر الذي لا يقدر عليه كل أحد فيكون صفة مدح ويسمى السحر الحلال (وإن من العلم جهلا) لكونه علما مذموما والجهل به خير منه أو المراد من العلوم ما لا يحتاج إليه فيشتغل به عن تعلم ما يحتاجه في دينه فيصير علمه مما لا يعنيه (وإن من الشعر حكما) أكد هنا وفيما مر بأن في بعض الروايات باللام أيضا ردا على من أطلق كراهة الشعر فأشار إلى أن الشعر حسنه حسن وقبيحه قبيح وكل كلام ذو وجهين يختلف بحسب المقاصد وأما خبر الشعر مزامير الشيطان وخبر إنه جعل له كالقرآن فواهيان وبعد الإغضاء عن ذلك محمول على ما كان من غير ذلك القبيل أو على المجازفة والإفراط جمعا بين الأدلة (وإن من القول عيالا [1]) قال في النهاية: هو عرض الحديث على من لا يريده وليس من شأنه كأنه لم يهتد لمن يطلب علمه فعرضه على من لا يريده اه. وقال الراغب: العيال جمع عيل لما فيه من الثقل فكأنه أراد به الملال فالسامع إما عالم فيمل أو جاهل فلا يفهم فيسأم
(د) في الأدب من حديث صخر بن عبد الله بن بريدة عن أبيه (عن) جده (بريدة) بن الحصيب قال عبد الله: بينما هو - يعني بريدة - جالس بالكوفة في مجلس من أصحابه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال: فقال صعصعة بن صوحان وهو أحدث القوم سنأ صدق الله ورسوله ولو لم يقلها كان كذلك قال فتوسمه رجل من الحلقة فقال له بعد ما تفرق القوم من مجلسهم ما حملك على أن قلت صدق نبي الله ولو لم يقلها كان كذلك قال: أما قوله إن من البيان سحرا أن الرجل يكون عليه الحق وهو ألحن بحجته من صاحبه فليسحر القوم ببيانه فيذهب بالحق وهو عليه وأما قوله وإن من العلم جهلا فهو تكلف العالم إلى علمه ما لا يعلمه فيجهله ذلك وأما قوله إن من الشعر حكما فهي هذه المواعظ والأمثال التي يتعظ بها الناس وأما قوله إن من القول عيالا فعرضك كلامك من ليس من شأنه ولا يريده قال الحافظ العراقي في إسناده من يجهل [1] قال الخطابي هكذا رواه أبو داود ورواه غيره عيلا قال الأزهري من قولك علت الضالة أعيل عيلا وعيلا وعيالا إذا لم تدر أي جهة تبغيها قال أبو زيد كأنه لم يهتد إلى من يطلب علمه فعرضه على من لا يريده
2459 - (إن من التواضع لله الرضى بالدون) أي الأقل (من شرف المجالس) فمن هذب نفسه حتى رضيت منه بأن يجلس حيث انتهى به المجلس كما كانت عادة المصطفى صلى الله عليه وسلم سمي متواضعا لله حقا فالفضيلة إنما هي بالاتصاف بالكمالات العلمية والعملية لا برفعه المواضع ولا بالخلع ولا بالمناصب فلو جلس ذو الفضيلة عند النعال لصار موضعه صدرا وعكسه فليحذر من هذا التنافس المذموم شرعا فإنه سم قاتل وفي ضمن هذا الحديث الأخذ بمدحة التواضع والأمر به قال بعض العارفين: احذر أن تريد علوا في الأرض والزم الخمول وإن أعلى الله كلمتك فما أعلاها إلا الحق وإن رزقك الرفعة في قلوب الخلق فذلك إليه تعالى والذي عليك التواضع والذلة -[526]- والانكسار فإنك إنما أنشأك الله من الأرض فلا تعلو عليها فإنها أمك ومن تكبر على أمه فقد عقها وعقوق الوالدين محرم مذموم
(طب هب عن طلحة) بن عبيد الله قال الهيثمي وفيه أيوب بن سليمان بن عبد الله لم أعرفه ولا والده وبقية رجاله ثقات اه وأقول فيه أيضا سليمان بن أيوب الطلحي قال في اللسان صاحب مناكير وقد وثق وقال ابن عدي عامة حديثه لا يتابع عليه ثم أورد له أخبارا هذا منها اه نعم رواه الخرائطي في المكارم وأبو نعيم في الرياض عنه أيضا قال الحافظ العراقي وسنده جيد اه وكان ينبغي للمصنف إيثار العزو إليهما