2383 - (إن للشيطان مصالي) هي تشبه الشرك جمع مصلاة وأراد ما يستغربه الإنسان من زينة الدنيا وشهواتها (وفخوخا) جمع فخ آلة يصاد بها (وإن) من (مصاليه وفخوخه البطر بنعم الله) أي الطغيان عند النعمة (والفخر بعطاء الله) أي ادعاء العظم والشرف (والكبر على عباد الله) أي التعاظم والترفع عليهم (واتباع الهوى) بالقصر (في غير ذات الله) فهذه الخصال أخلاقه وهي فخوخه ومصائده التي نصبها لبني آدم فإذا أراد الله بعبد شرا خلا بينه وبين الشيطان فتحلى بهذه الأخلاق فوقع في شبكته فكان من الهالكين ومن أراد به خيرا أيقظه ليتجنب تلك الخصال ويتباعد عنها ليصير من أهل الكمال
(ابن عساكر) في التاريخ (عن النعمان بن بشير) قضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأشهر من ابن عساكر وهو عجب فقد خرجه البيهقي في الشعب باللفظ المزبور عن النعمان المذكور وفيه إسماعيل بن عياش أورده الذهبي في الضعفاء وقال مختلف فيه
2384 - (إن للشيطان لمة) بالفتح قرب وإصابة من الإلمام وهو القرب (يابن آدم وللملك لمة) المراد بها فيهما ما يقع في القلب بواسطة الشيطان أو الملك (فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق) فإن الملك والشيطان يتعاقبان تعاقب الليل والنهار فمن الناس من يكون ليله أطول من نهاره وآخر بضده ومنهم من يكون زمنه نهارا كله وآخر بضده قال القاضي: والرواية الصحيحة إيعاد على زنة إفعال في الموضعين (فمن وجد ذلك) أي إلمام الملك (فليعلم أنه من الله) يعني مما يحبه ويرضاه (فليحمد الله) على ذلك (ومن وجد الأخرى) أي لمة الشيطان (فليتعوذ بالله من الشيطان) تمامه ثم قرأ {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء} اه قال القاضي: والإيعاد وإن اختص بالشر عرفا يقال أوعد إذا وعد وعدا شرا إلا أنه استعمل في الخير للازدواج والأمن من الاشتباه بذكر الخير بعده اه ونسب لمة الملك إلى الله تعالى تنويها بشأن الخير وإشادة بذكره في التمييز بين اللمتين لا يهتدي إليه أكثر الناس والخواطر بمنزلة البذر فمنها ما هو بذر السعادة ومنها ما هو بذر الشقاوة وسبب اشتباه الخواطر أربعة أشياء لا خامس لها كما قاله العارف السهروردي ضعف اليقين أو قلة العلم بمعرفة صفات النفس وأخلاقها أو متابعة الهوى بخرم قواعد التقوى أو محبة الدنيا ومالها وجاهها وطلب المنزلة والرفعة عند الناس فمن عصم من هذه الأربعة فرق بين لمة الملك ولمة الشيطان ومن ابتلى بها لم يفرق وانكشاف بعض الخواطر دون بعض لوجود هذه الأربعة دون بعض واتفقوا على أن كل من أكل من الحرام لا يفرق بين الوسوسة والإلهام <تنبيه> قال الغزالي: الآثار الحاصلة في القلب هي الخواطر سميت به لأنها تخطر بعد أن كان القلب غافلا عنها والخواطر هي المحركة للإرادات وتنقسم إلى ما يدعو إلى الشر أعني ما يضر في العاقبة وإلى ما يدعو إلى -[500]- الخير أي ما ينفع في الآخرة فهما خاطران مختلفان فافتقر إلى اسمين مختلفين فالخاطر المحمود يسمى إلهاما والمذموم يسمى وسواسا وهذه الخواطر حادثة وكل حادث لا بد له من سبب ومهما اختلفت الحوادث دل على اختلاف الأسباب فمهما استنار حيطان البيت بنور النار وأظلم سقفه واسود علم أن سبب السواد غير سبب الاستنارة وكذا الأنوار في القلب وظلماته سببان فسبب الخاطر الداعي للخير يسمى ملكا والداعي للشر شيطانا واللطف الذي به تهيأ القلب لقبول لمة الملك يسمى توقيفا واللطف الذي به تهيأ القلب لقبول وسواس الشيطان إغواءا وخذلانا فإن المعاني مختلفة إلى أسامي مختلفة والملك عبارة عن خلق خلقه الله شأنه إفاضة الخير وإفادة العلم وكشف الحق والوعد بالمعروف والشيطان عبارة عن خلق شأنه الوعيد بالشر والأمر بالفحشاء فالوسوسة في مقابلة الإلهام والشيطان في مقابلة الملك والتوفيق في مقابلة الخذلان وإليه يشير بآية {ومن كل شيء خلقنا زوجين} والقلب متجاذب بين الشيطان والملك فرحم الله عبدا وقف عند همه فما كان لله أمضاه وما كان من عدوه جاهده والقلب بأصل الفطرة صالح لقبول آثار الملائكة وآثار الشياطين صلاحا متساويا لكن يترجح أحدهما باتباع الهوى والاكباب على الشهوات والإعراض عنها ومخالفتها واعلم أن الخواطر تنقسم إلى ما يعلم قطعا أنه داعي إلى الشر فلا يخفى كونه وسوسة وإلى ما يعلم أنه داعي إلى الخير فلا يشك كونه إلهاما وإلى ما يتردد فيه فلا يدري أنه من لمة الملك أو لمة الشيطان فإن من مكايد الشيطان أن يعرض الشر في معرض الخير والتمييز بينهما غامض فحق العبد أن يقف عند كل هم يخطر له ليعلم أنه لمة الملك أو لمة الشيطان وأن يمعن النظر فيه بنور البصيرة لا بهوى الطبع ولا يطلع عليه إلا بنور اليقين وغزارة العلم {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا}
(ت ن) كلاهما في التفسير (حب عن ابن مسعود) قال الترمذي حسن غريب لا نعلمه مرفوعا إلا من حديث أبي الأحوص وسندهما سند مسلم إلا عطاء بن السائب فلم يخرج له مسلم إلا متابعة