2365 - (إن لله تعالى ملكا أعطاه سمع العباد) أي قوة يقتدر بها على سماع ما ينطق به كل مخلوق من إنس وجن وغيرهما (فليس من أحد يصلي علي) صلاة (إلا) سمعها و (أبلغنيها وإني سألت ربي أن لا يصلي علي عبد) أي إنسان (صلاة) واحدة (وإلا صلى عليه عشر أمثالها) هذه إحدى الروايتين للطبراني عن عمار وفي رواية ثانية له عنه إن لله ملكا أعطاه أسماع الخلائق كلها وهو قائم على قبري إذا مت إلى يوم القيامة فليس أحد من أمتي يصلي علي صلاة إلا سماه باسمه واسم أبيه وقال يا محمد صلى عليك فلان فيصلي الرب تعالى وتبارك عليه بكل واحدة عشرة
(طب عن عمار بن ياسر) قال الهيثمي: فيه نعيم بن ضمضم ضعيف وابن الحميري لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح
2366 - (إن لله عز وجل تسعة وتسعين اسما) الاسم كلمة وضعت بإزاء مسمى متى أطلقت فهم منها ذلك المسمى (مئة غير واحدة) قال الرافعي في أماليه: قاله دفعا لتوهم أنه للتقريب ودفعا للاشتباه وقال البيضاوي: فائدة التأكيد المبالغة في المنع عن الزيادة بالقياس أو لئلا يلتبس تسعة وتسعين بسبعة وتسعين أو سبعة وسبعين أو تسعة وسبعين من زلة الكاتب وهفوة القلم فينشأ الاختلاف في المسموع من المسطور وتأنيث واحدة لإرادة الكلمة أو الصفة أو التسمية وهذا العدد لا يدل على الحصر هنا فقد ثبت في الكتاب: الرب المولى النصير المحيط الكافي العلام وغير ذلك وفي السنة: الحنان المنان الجميل وغيرها وخصها بالذكر لكونها أشهر لفظا وأظهر معنى وهذا ذكره القاضي وسيجيء عن الطيبي ما يرده (إنه وتر) أي فرد (يحب الوتر) أي يثيب عليه ويرضاه ويقبله (وما من عبد) أي إنسان (يدعو) الله بها أي بهذه الأسماء (إلا وجبت له الجنة) أي دخولها مع السابقين أو بغير سبق عذاب بشرط صدق النية وخلوص الطوية (تتنبيه) قال ابن عربي: كل حكم يثبت في باب العلم الإلهي للذات إنما هو للألوهية وهي أحكام ونسب وإضافات وسلوب فالكثرة في النسب لا في العدد وهنا زل قدم من شرك بين من يقبل التشريك ومن لا يقبله عند كلامهم في الصفات واعتمدوا فيه على الأمور الجامعة التي هي الدليل والحقيقة والعلة والشرط وحكموا بها غائبا وشاهدا فأما شاهدا فقد يسلم وأما غائبا فلا
(حل عن علي) أمير المؤمنين رضي الله عنه
2367 - (إن لله عز وجل تسعة وتسعين اسما) بتقديم التاء على السين فيهما (من أحصاها) أي من قرأها كلمة كلمة على منهج الترتيل كأنه يعدها أو من عدها وتدبر معانيها واطلع على حقائقها أو من أطاقها أي أطاق القيام بحقها والعمل بمقتضاها بأن تأمل معانيها واستعمل نفسه فيما يناسبها فالمعنى الأول عام والثاني خاص والثالث أخص ولذا قبل الأول للعوام والثاني للعلماء والثالث للأولياء (دخل الجنة) يعني من أتى عليها حصرا وتعدادا وعلما وإيمانا فدعا الله بها وذكره وأثنى عليه استحق بذلك دخول الجنة قال القاضي وأسماء الله ما يصح أن يطلق عليه سبحانه بالنظر إلى ذاته واعتبار صفة من صفاته السلبية كالقدوس والأول أو الحقيقة كالعليم والقادر أو الإضافية كالحميد والملك أو باعتبار فعل من أفعاله كالخالق والرازق (هو الله) علم دال على الإله الحق دلالة جامعة لجميع معاني الأسماء الآنية بعده قيل أصله لاها بالسريانية فعرب وقيل عربي وضع لذاته وصف في أصله لكنه غلب عليه فلم يستعمل في غيره ولا في الكفر
-[484]- كما مر تفصيله (الذي لا إله إلا هو) صفته (الرحمن الرحيم) اسمان بنيا من الرحمة وهي لغة رقة تقتضي الإنعام على من رق له فرحمة الله إما إرادة الإنعام ودفع الضر وإما نفس الإنعام والدفع والرحمن أبلغ لزيادة بنائه كما سلف فراجعه وحظ العارف من هذين الاسمين أن يتوجه بشراشره إلى جناب قدسه فيتوكل عليه ويلتجئ فيما يعن له إليه ويشغل سره بذكره استبدادا به عن غيره ويرحم عباد الله فيعاون المظلوم ويدفع الظالم عن ظلمه بالتي هي أحسن وينبه الغافل وينظر إلى العاصي بعين الرحمة لا الإزدراء (الملك) ذو الملك والمراد به القدرة على الإيجاد والإختراع من قولهم فلان يملك الانتفاع بكذا إذا تمكن منه أو المتصرف في الأشياء بالخلق والإبداع والإماتة والإحياء (القدوس) المنزه عن سمات التقص وموجبات الحدوث فعول من القدس وهو الطهارة قال بعضهم: حقيقة القدس الإعتلاء عن قبول التغير ومنه الأرض المقدسة لأنها لا تتغير بملك الكافر كما يتغير غيرها من الأراضي والقدوس هو الذي لا يجوز عليه نقص في ذات ولا وصف ولا فعل ولا اسم وبذلك يتصف الملك على الإطلاق وإنما أتبع هذا الاسم اسم الملك لما يعرض للملوك من تغير أحوالهم بنحو جور وظلم وغيرهما فأبان أن ملكه ملك لا يعرض له تغير أصلا (السلام) المسلم عباده من المهالك أو المسلم عليهم في الجنة أو ذو السلامة من كل آفة ونقص وهو مصدر نعت به وقيل مالك تسليم العباد من المخاوف والمهالك وقيل ذو السلام على المؤمنين في الجنان بدليل {سلام قولا من رب رحيم} (المؤمن) أي المصدق رسله بقوله الصدق أو الذي أمن البرية بخلق أسباب الأمان وسد طرق المخاوف وإفادة آلات تدفع بها المضار أو الذي يؤمن الأبرار يوم العرض من الفزع الأكبر (المهيمن) الرقيب المبالغ في المراقبة والحفظ من هيمن الطير إذا نشر جناحه على فرخه وصونا له أو معناه الشاهد أي العالم أو الشاهد على كل نفس بما كسبت وقيل أصله مؤيمن قلبت الهمزة هاء ومعناه الأمين الصادق أو القائم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم قال الحرالي: وهذا من الأسماء التي علت بعلو معناها عن مجاز الاشتقاق وهو اسم جامع لما يرجع لمعنى العلم والكلام (العزيز) ذو العزة أو المعتز أو الرفيع أو النفيس أو العديم النظر أو القاهر لجميع الممكنات قولا وفعلا وفسره إمام الحرمين بالغلبة. قال بعضهم: ويكنى به عن التمكن من إمضاء الأحكام بإمضاء القدرة وإحاطة العلم بحكم الترتيب على مقتضى اسم الملك فهو اسم جامع لمعنى القدرة (الجبار) من الجبر وهو إصلاح الشيء بضرب من القهر ثم يطلق تارة في الإصلاح المجرد نحو يا جابر كل كسير وتارة في القهر المجرد ثم تجوز فيه لمجرد العلو لأن القهر مسبب عنه فقيل معناه المصلح لأمور خلقه على ما يشاء لا انفكاك لهم عما شاء من الأخلاق والأعمال والأرزاق والآجال وقيل معناه المتعالي عن أن يناله كيد الكافرين ويؤثر فيه قصد القاصدين (المتكبر) ذو الكبرياء وهو الملك أو الذي يرى غيره حقيرا بالإضافة إليه فينظر إلى غيره نظر المالك إلى عبده وهو على الإطلاق لا يتصور إلا لله تعالى وتقدس فإنه المنفرد بالعظمة والكبرياء بالنسبة لكل شيء من كل وجه ولذلك لا يطلق على غيره إلا في معرض الذم (الخالق) من الخلق وأصله التقدير المستقيم فتبارك الله أحسن الخالقين أي المقدرين {وتخلقون إفكا} أي تقدرون كذبا ويستعمل بمعنى الإبداع وإيجاد الشيء من غير أصل كقوله تعالى {خلق الله السماوات والأرض} بمعنى التكوين نحو خلق الإنسان من نطفة فالله خالق كل شيء بمعنى أنه مقدره أي موجده من أصل أو غير أصل (الباري) من البرء وأصله خلوص الشيء من غيره إما على منهج التقصي كبرىء فلان من مرضه والمديون من دينه أو على سبيل الإنشاء منه ومنه برأ الله النسمة وهو البارىء لها وقيل البارىء الذي خلق الخلق برىء من التفاوت والتنافر المخلين بالنظام الأكمل يميز بعضها عن بعض بالأشكال المختلفة (المصور) مبدع صور المخترعات ومزينها بحكمته فهو من معاني الحكيم والمعرفة بهذه الأسماء الثلاثة تنفي التدبير والإختيار لقوله تعالى {وربك يخلق ما يشاء ويختار} ما كان لهم من الخيرة أي ما جعلناها لهم لأن الذي يخلق ما يشاء هو الذي يختار ما يشاء فيهييء كل مخلوق لما أعد له ويظهره في الصورة التي شاء أن يركبه فيها
-[485]- (الغفار) من الغفر وهو ستر الشيء بما يصونه ومعناه ستار القبائح والذنوب بإسبال الستر عليها في الدنيا وترك المؤاخذة بها والعفو عنها في العقبى وقال الحرالي: من الغفر وهو ستر ما يقتضي العلم غيبة وترك العقاب يلحقه من معنى العفو (القهار) الذي لا موجود إلا وهو مقهور تحت قدرته ومسخر بقضائه وقوته أو الذي أذل الجبابرة وقصم ظهورهم بالإهلاك (الوهاب) كثير النعم دائم العطاء (الرزاق) خالق الأرزاق والأسباب التي يتمتع بها والرزق وهو المنتفع به وكل شيء ينتفع به فهو رزق هبة مباحا أو حراما (الفتاح) الحاكم بين الخلائق من الفتح بمعنى الحكم أو مبدئ الفتح قال في الكشاف: والفتاح الحاكم لأنه يفتح المستغلق وقيل هو الذي يفتح خزائن الرحمة على أصناف البرية وقيل مبدع الفتح والنصر (العليم) لكل معلوم أو البالغ في العلم فعلمه تعالى شامل لجميع المعلومات محيط بها سابق على وجودها (القابض) الذي يضيق الرزق على من أراد (الباسط) الذي يوسعه لمن يشاء وقيل الذي يقبض الأرواح عن الأشباح عند الممات وينشر الأرواح في الأجساد عند الحياة (الخافض) الذي يخفض الكفار بالخزي والصغار (الرافع) الذي يرفع المؤمنين بالنصر والإعزاز فيخفض أعداءه بالإذلال والإبعاد ويرفع أولياءه بالتقريب والإسعاد (المعز) الذي يجعل من يشاء مرغوبا فيه والإعزاز الحقيقي تخليص المرء عن ذل الحاجة واتباع الشهوة وجعله غالبا على أمره قاهرا على نفسه (المذل) الذي يجعل من يشاء مرغوبا عنه والإذلال ضد الإعزاز الحقيقي (السميع) مدرك كل مسموع (البصير) مدرك جميع المبصرات وهما في حقه صفتان تنكشف بهما المسموعات والمبصرات انكشافا تاما (الحكم) الحاكم الذي لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ومرجع الحكم إما إلى القول الفاصل بين الحق والباطل وإما إلى المميز بين الشقي والسعيد بالعقاب والثواب وقيل أصله المنع وسمي العلم حكما لأنها تمنع صاحبها عن شيم الجهال (العدل) العادل البالغ في العدل وهو الذي لا يفعل إلا ما له فعله (اللطيف) أي الملطف كالجميل بمعنى المجمل أو العليم بخفيات الأمور ودقائقها وما لطف منها أو المحسن الموصل للمنافع برفق وقال الحرالي: اللطيف من اللطف وهو إخفاء الأمور في صور أضدادها من نحو ما أخفى ليوسف عليه الصلاة والسلام أناله الملك في إلباس ثوب الرق حتى قال {إن ربي لطيف لما يشاء} (الخبير) العليم ببواطن الأمور من الخبرة وهو العلم بالخفايا الباطنة أو المتمكن من الإخبار عما علمه (الحليم) الذي لا يستفزه غضب ولا يحمله غيظ على استعجال عقوبة وتسارع إلى الانتقام (العظيم) من عظم الشيء إذا كبر عظمة ثم استعير لكل جسم كبير المقدار كبرا يملأ العين كالفيل والجمل أو كبرا يمنع إحاطة البصر بجميع أقطاره كالسماء والأرض ثم لكل شيء كبير القدر على الرتبة وعلى هذا القياس والعظيم المطلق البالغ إلى أقصى مراتب العظمة هو الذي لا يتصوره عقل ولا يحيط بكنهه بصر ولا بصيرة هو الله سبحانه (الغفور) كثير المغفرة وهي صيانة العبد عما يستوجبه من الانتقام بالتجاوز عن ذنبه من الغفر وهو إلباس الشيء ما يصونه عن الدنس قيل والغفار أبلغ منه لزيادة بنائه وقيل الفرق بينهما أن المبالغة في الغفور من جهة الكيفية وفي الغفار من جهة الكمية (الشكور) الذي يعطي الثواب الجزيل على العمل القليل أو المثني على عباده المطيعين أو المجازي عباده على شكرهم (العلي) فعيل من العلو وهو البالغ في علو المرتبة إلى حيث لا رتبة إلا وهي منحطة عنه (الكبير) نقيض الصغير وهما في الأصل يستعملان في الأجسام باعتبار مقاديرها ثم لعالي الرتبة ودانيها والله تعالى كبير بالمعنى الثاني إما باعتبار أنه أكمل الموجودات وأشرفها وإما باعتبار أنه كبير عن مشاهدة الحواس وإدراك العقول (الحفيظ) الحافظ جدا يحفظ الموجودات من الزوال والاختلال مدة ما شاء
-[486]- (المقيت) خالق الأقوات البدنية والروحانية وموصلها إلى الأشباح والأرواح أو المقتدر أو الحافظ للشيء أو المشاهد له (الحسيب) الكافي في الأمور من أحسبني إذا كفاني فعيل بمعنى مفعل كالأثيم أو المحاسب يحاسب الخلائق يوم القيامة فعيل بمعنى فاعل وقيل الشريف والحسب الشرف (الجليل) المنعوت بنعوت الجلال وهو من الصفات التنزيهية كالقدوس قاله الإمام الرازي والفرق بينه وبين الكبير والعظيم أن الكبير الكامل في الذات والجليل الكامل في الصفات والعظيم الكامل فيهما (الكريم) المتفضل الذي يعطي من غير مسألة ولا وسيلة أو المتجاوز الذي لا يستقصي في العقاب أو المقدس من النقائص والعيوب (الرقيب) الذي يراقب الأشياء ويلاحظها فلا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء (المجيب) للداعي إذا دعاه (الواسع) الغني الذي وسع غناه مفاقر عباده ووسع رزقه كافة خلقه أو المحيط علمه بكل شيء (الحكيم) ذو الحكمة وهي عبارة عن كمال العلم وإحسان العمل والإتقان فيه وقد يستعمل بمعنى العليم والمحكم أو هو مبالغة الحاكم (الودود) مبالغة الود ومعناه الذي يحب الخير لجميع الخلائق ويحسن إليهم في جميع الأحوال والمحب لأوليائه (المجيد) مبالغة الماجد من المجد وهو سعة الكرم (الباعث) لمن في القبور للنشور أو باعث الأرزاق لعباده والأولى تفسيره بالأعم (الشهيد) من الشهود وهو الحضور ومعناه العليم بظواهر الأشياء وما تمكن مشاهدته كما أن الخبير العالم ببواطنها وما يتعذر الإحساس به أو مبالغة الشاهد والمعنى يشهد على الخلق يوم القيامة (الحق) الثابت وفي مقابلته الباطل الذي هو المعدوم أو المحق أي المظهر للحق (الوكيل) القائم بأمور العباد وقال الحرالي: من الوكالة وهي تولي الترتيب والتدبير إقامة وكفاية أو تلقيا وترفها فهو سبحانه الوكيل على كل شيء بحكم إقامته له (القوي) الذي لا يلحقه ضعف في ذاته ولا صفاته ولا أفعاله فلا يمسه نصب ولا لعب ولا يدركه قصور ولا تعب والقوة تطلق على معان مترتبة أقصاها القدرة التامة البالغة إلى الكمال والله سبحانه وتعالى قوي بهذا المعنى أو الذي لا يستولي عليه العجز بحال وقال الحرالي: المقوي من القوي وهي وسط ما بين الحول وظاهر القدرة لأن أول ما يوجد في الباطن من منة العمل ويسمى حولا ثم يحس به في الأعضاء مثلا يسمى قوة وظهور العمل بصورة البطش والتنازل يسمى قدرة ولذلك كان في كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله رجع بالأمور والأعمال الظاهرة إلى مسند أمر الله انتهى وأبان بهذا أن القوة أمر زائد على القدرة ومثله في الخلائق ليقرب فهمه وإلا فتعالى ربنا عن الاتصاف بصفات الأجسام من الأعضاء والإحساس والظاهر والباطن في وصفه (المتين) الذي له كمال القوة بحيث لا يعارض ولا يشارك ولا يدانى ولا يقبل الضعف في قوته ولا يمانع في أمره بل هو الغالب الذي لا يغالب ولا يغلب ولا يحتاج في قوته لمادة ولا سبب (الولي) المحب الناصر أو متولي أمر الخلائق (الحميد) المحمود المستحق للثناء وقال الحرالي: من الحمد وهو ثبوت مقتضيات الثناء المستغرق الذي لا يشذ عنه وصف ولا يعقبه تطرق بذم (المحصي) العالم الذي يحصي المعلومات ويحيط بها إحاطة العاد بما يعده وقيل هو القادر قال الحرالي: من الإحصاء وهو الإحاطة بحساب الأشياء وما شأنه التعداد (المبدىء) المظهر من العدم إلى الوجود (المعيد) الذي يعيد المعدوم وقال الحرالي: الوارد في الكتاب من مضمون هذين الاسمين صيغة الفعل في قوله {إنه هو يبدىء ويعيد} فيبدىء من الإبداء وهو الإظهار على وجه التطويل المهيء للإعادة فهو سبحانه وتعالى بدأ الخلق على نحو ما يعيدهم عليه فهو بذلك المبدىء والمعيد (المحيي) ذو الحياة وهو الفعال الدراك معطي الحياة لمن شاء حياته (المميت) خالق الموت ومسلطه على من يشاء قال الحرالي: والوارد في الكتاب من مضمون هذين الاسمين صيغة الفعل في " لا إله إلا هو يحيي ويميت " فيحيي من الإحياء وهو الإظهار من غيب عن تكامل تكون الأمانة على مظهر تكامله عودا من نهاية ذلك التكامل تغييبا إلى بعض ذلك الغيب الذي هو مبدأ التكامل أي فحقيقة الحياة تكامل في الظهور وحقيقة الموت تراجع إلى الغيب (الحي القيوم) القائم بنفسه المقيم لغيره على الدوام على أعلى ما يكون من القيام فإن قوامه بذاته وقوام كل شيء به فيعول
-[487]- للمبالغة (الواجد) الذي يجد كل ما يريده ويطلبه ولا يفوته شيء أو الغنى مأخوذ من الوجد (الماجد) يعني المجيد إلا أن في المجيد مبالغة ليست في الماجد (الواحد) المتعال عن التجزىء فإن الوحدة تطلق ويراد بها عدم التجزئة والانقسام ويكره إطلاق الواحد بهذا المعنى والله تعالى من حيث تعاليه عن أن يكون له مثل فيطرق ذاته التعدد والاشتراك أحد ومن حيث أنه منزه عن التركيب والمقادير لا يقبل التجزئة والانقسام واحد وقال الأزهري: الفرق بين الواحد والأحد أن الأحد بني لنفي ما يذكر معه من العدد تقول ما جاءني أحد والواحد اسم بني لمفتتح العدد تقول جاءني واحد من الناس ولا تقول جاءني أحد فالواحد منفرد بالذات في عدم المثل والنظير والأحد منفرد بالمعنى (الصمد) السيد سمي به لأنه يصمد إليه في الحوائج ويقصد في الرغائب وقال الحرالي: الصمد اسم مطلق وهو الملجأ الذي لا يمكن الخروج عنه لإحاطة أمره فهو راجع إلى اسم الله ومن عرف أنه الصمد لم يصمد لغيره وكان غنيا به في كل أحواله وقال الزجاج: الصمد السيد الذي انتهى إليه السؤدد فلا سيد فوقه (القادر) المتمكن من الفعل بلا معالجة ولا واسطة وقال الحرالي: من القدرة وهي ظهور الأشياء في العيان والشهادة (المقتدر) من الاقتدار وهو الاستيلاء على كل من أعطاه حظا من قدرته ذكره الحرالي وقال القاضي: معناهما ذو القدرة إلا أن المقتدر أبلغ لما في البناء من معنى التكلف والاكتساب فإن ذلك وإن امتنع في حقه تعالى حقيقة لكنه يفيد المعنى مبالغة (المقدم المؤخر) هو الذي يقدم بعض الأشياء على بعض إما بالذات كتقديم البسائط في المركبات أو الوجود كتقديم الأسباب على المسببات أو بالشرف كتقديم الأنبياء والصلحاء على من عداهم وإما بغير ذلك وقال الحرالي: هما من التقديم والتأخير وهو إحكام ترتيب الأشياء بعضها على بعض فلذلك نزلا منزلة اسم واحد (الأول والآخر) قال الحرالي: هما اسما إحاطة بتقديم الأول على كل أول وإحاطة الآخر بكل آخر فيه البدء أو إليه الانتهاء فليس قبله شيء ولا بعده شيء بل هو مبدأ الوجود ومنتهاه منه أبدا وإليه يعود (الظاهر الباطن) أي الظاهر وجوده بآياته ودلائله المثبتة في أرضه وسمائه إذ ما من ذرة في السماوات ولا في الأرض إلا وهي شاهدة باحتياجها إلى مدبر دبرها ومقدر قدرها والباطن بذاته المحتجب عن نظر العقل بحجب كبريائه (الوالي) الذي تولى الأمور وملك الجمهور (المتعالي) البالغ في العلاء المرتفع عن النقائص (البر) المحسن الذي يوصل الخيرات لمن كتبها له بلطف وإحسان وقال الحرالي: البر اسم مطلق لكونه على بناء فعل وليس من أبنية الاشتقاق والجاري على الاشتقاق منه بار ولم يحفظ من أسماء الله تعالى وهو تمام الاكتفاء بما به التربية من مقتضى اسم الرب (التواب) الذي يرجع بالإنعام على كل مذنب حل عقد أصره ورجع إلى التزام الطاعة بقبول توبته من التوب وهو الرجوع أو الذي يوفق المذنبين للتوبة فسمي المسبب للشيء باسم المباشر له (المنتقم) المعاقب للعصاة على ذنوبهم افتعال من نقم الشيء إذا كرهه غاية الكراهة قال ابن العربي: الألوهية تقتضي أن يكون في العالم بلاء وعافية فليس إزالة المنتقم من الموجود أولى من إزالة الغافر والعفو والمنعم ولو بقي من الأسماء ما لا حكم له لكان معطلا والتعطيل في الألوهية محال فعدم أثر الأسماء محال (العفو) الذي يمحو السيئات ويتجاوز عن المعاصي وهو أبلغ في الغفور لأن الغفران ينبىء عن الستر والعفو ينبئ عن المحو وأصل العفو القصد لتناول الشيء سمي به المحو لأنه قصد لإزالة المحو (الرؤوف) ذو الرأفة وهي شدة الرحمة وهو أبلغ من الرحيم بمرتبة ومن الراحم بمرتبتين (مالك الملك) الذي ينفذ مشيئته في ملكه تجري الأمور فيه على ما يشاء أو هو الذي له التصرف المطلق في علو ملكه ومالك بلا حجر ولا تردد ولا استثناء ولا توقف (ذو الجلال والإكرام) الذي لا شرف ولا كمال إلا وهو له ولا كرامة ولا مكرمة إلا وهي منه (المقسط) الذي ينتصف للمظلومين ويدرأ بأس الظلمة عن المستضعفين يقال
-[488]- قسط إذا جار وإذا عدل أو أزال الجور وقال الحرالي: من القسط وهو القيام بأتم الوزن وأعدل التكافىء (الجامع) المؤلف بين أشتات الحقائق المختلفة والمتضادة متزاوجة وممتزجة في الأنفس والأفاق أو الجامع لأوصاف الحمد والثناء (الغني) المستغني عن كل شيء (المغني) معطي كل شيء ما يحتاجه (المعطي) من شاء ما شاء لا مانع لما أعطى (المانع) الدافع لأسباب الهلاك والنقصان في الأبدان والأديان أو من المنعة أي يحوط أولياءه وينصرهم أو من المنع أي يمنع من يستحق المنع (الضار النافع) الذي يصدر عنه النفع والضر إما بواسط أو بغيره (النور) الظاهر بنفسه المظهر لغيره (الهادي) {الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} خاصته إلى معرفة ذاته فاطلعوا بها على معرفة مصنوعاته وهدى عامة خلقه إلى مخلوقاته فاستشهدوا بها على معرفة ذاته وصفاته (البديع) المبدع وهو الآتي بما لم يسبق إليه أو الذي لم يعهد مثله (الباقي) الدائم الوجود الذي لا يقبل الفناء (الوارث) الباقي بعد فناء العباد فيرجع إليه الأملاك بعد فناء الملاك (الرشيد) الذي ينساق تدبيره إلى غاية السداد من غير استشارة ولا إرشاد أو مرشد الخلق إلى مصالحهم فعيل بمعنى فاعل وقال الحرالي: الرشيد من الرشد وهو التولي بأمر لا يناله تعقب ولا يلحقه استدراك (الصبور) الذي لا يستعجل في مؤاخذة العصاة أو الذي لا تحمله العجلة على المنازعة إلى الفعل قبل أوانه وهو أعم من الأول وفارق الحليم بأن الصبور يشعر بأنه يعاقب في العقبى بخلافه وأصل الصبر حبس النفس عن المراد فاستعير لمطلق التأني في الفعل قال الحرالي: الصبور من الصبر وهو احتمال الأذى الذي هو وصف المتنزه بما يتنزه عنه ولاستحقاق التنزيه والتسبيح كان ذلك في حقه سبحانه وتعالى أشد
(ت) في الدعوات (حب ك هب) كلهم (عن أبي هريرة) قال التنائي غريب لا نعلم ذكر الأسماء إلا في هذا الخبر وذكره آدم ابن أبي إياس بسند آخر ولا يصح انتهى قال النووي في الأذكار إنه أي حديث الترمذي هذا حديث حسن وقدم المصنف هذه الرواية على ما بعدها لأنها أرجح الثلاثة وعليها شرح الأكثر