2349 - (إن لله عبادا يعرفون الناس) أي أحوالهم وضمائرهم (بالتوسم) أي التفرس غرقوا في بحر شهوده فجاد عليهم بكشف الغطاء عن قلوبهم فأبصروا بها بواطن الناس واطلعوا على ضمائرهم وأما من شغل بنفسه ودواهيها فليس من أهل هذا الباب بل فراسته خدعت نفسه له حتى تدسه في التراب وتمام الحديث ثم قرأ {إن في ذلك لآيات للمتوسمين}
(تتمة) قال الداراني: القلب بمنزلة قبة مضروبة حولها أبواب مغلقة فأي باب فتح من القلب بعمله انفتح له باب إلى جهة الملكوت والملأ الأعلى وينفتح ذلك الباب بالمجاهدة والورع والإعراض عن الشهوات ولذلك كتب عمر إلى أمراء الأجناد احفظوا ما تسمعون من المطيعين فإنه ينجلي لهم أمور صادقة وقال بعضهم: يد الله على أفواه العلماء لا ينطقون إلا بما هيأه الله لهم من الحق وقال آخر لو شئت لقلت إن الله يطلع الخاشعين على بعض سره وقال الجنيد: المحدث إذا قرن بالقديم اضمحل ولم يبق له أثر وشتان بين من ينطق عن درسه أو نفسه وبين من ينطق عن ربه {وما ينطق عن الهوى} وقال ابن عربي: لا تنكر على الصوفية النطق عن الغيب مع إيمانك بالمثال المحسوس: أن المرآة إذا صقلت وجلى عنها الصدأ وتجلت صورة الناظر فيها أليس يرى نفسه حسنا أو قبيحا فإن جاء أحد خلفه تجلت صورته في المرآة فأبصره على أية صورة هو ولم يره بعينه المعهودة فمن عمد إلى مرآة قلبه فجلاها من صدأ الأغيار وأماط عنها كل حجاب يحجبها عن تجلي صور المعقولات والمغيبات بأنواع الرياضات والمجاهدات صفت وتجلى فيها كل ما قابلها من المغيبات فنطق على شاهد ووصف ما رأى {ما كذب الفؤاد ما رأى}
(الحكيم) الترمذي في نوادره (والبزار) في مسنده وكذا الطبراني وأبو نعيم وابن جرير وابن السني (عن أنس) قال الهيثمي: إسناده حسن وتبعه السخاوي لكن في الميزان عن أبي حاتم في ترجمة بشر بن الحكم أنه روى خبرا منكرا وهو هذا والله أعلم
2350 - (إن لله تعالى عبادا اختصهم بحوائج الناس) أي بقضائها ولفظ رواية الطبراني بدل عبادا اختصهم إلى آخره: خلقا خلقهم لحوائج الناس (يفزع الناس إليهم) أي يلجئون إليهم ويستغيثون بهم (في حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب الله) أضافهم إليه إضافة اختصاص وخصهم بالنيابة عنه في خلقه وجعلهم خزائن نعمه الدينية والدنيوية لينفقوا على المحتاجين فيجب شكر هذه النعمة ومن شكرها بذلها للطالبين وإغاثة الملهوفين ليحفظ أصول النعم وتثمر الزيادة من المنعم كما خص قوما بحجج العلوم الدينية في العقائد وبعلوم شريعة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومعرفة الحلال والحرام في الفروع الفقهية فإن هؤلاء قوم عرفوا الله معرفة التوحيد واعترفوا له باللسان وقبلوا العبودية وقاموا بحقوق الخلق إعظاما لجلال الحق فجوزوا بالأمان من عذاب النيران وهذا يوضحه خبر الطبراني أيضا " إن لله عبادا استخصهم لنفسه لقضاء حوائج الناس وآلى على نفسه أن لا يعذبهم بالنار فإذا كان يوم القيامة أجلسوا على منابر من نور يتحادثون إليه والناس في الحساب "
(طب عن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه شخص ضعفه -[478]- الجمهور وأحمد بن طارق الراوي عنه لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح