2294 - (إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته) بضم الخاء طول صلاته بالنسبة إلى قصر خطبته فليس المراد طولها في نفسها بحيث يشق على المقتدين فلا تعارض بينه وبين الأخبار الآمرة بالتخفيف (مئنة) بفتح الميم ثم همزة مكسورة ثم نون مشددة مفعلة بنيت من إن المكسورة المشددة فإنها لشدة مشابهتها الفعل لفظا ومعنى أجريت مجراه في بناء الكلمة منها ومن أغرب ما قيل فيها إن الهمزة بدل من ظاء المظنة وميمها في ذلك كلمة زائدة وقيل أصلية (من فقهه) أي علامة يتحقق فيها فقهه وحقيقتها مكان لقول القائل إنه فقيه (فأطيلوا) أيها الأمة (الصلاة) أي صلاة الجمعة (وأقصروا الخطبة) ندبا لأن الصلاة أصل مقصود بالذات والخطبة فرع عليها وتوطئة ومقدمة لها ومن القضايا الفقهية إيثار الأصل على الفرع بالزيادة والفضل (وإن من البيان لسحرا) أي منه ما يصرف قلوب السامعين إلى قبول ما يستمعون وإن كان غير حق هذا ذم لتزيين الكلام وتعبيره بعبارة يتحير فيها السامعون كما يتحيرون بالسحر وكما يكتسب الإثم بالسحر يكتسب بعض البيان والمراد بطول صلاة الجمعة أنها أطول من خطبتها وإلا فهي قصيرة كخطبتها لخبر مسلم كانت صلاته قصدا وخطبته قصدا أي بين الطول الظاهر والتخفيف الماحق وقصد كل شيء تحسينه وقصر الخطبة مندوب وأوجبه الظاهرية قال ابن حزم شاهدت خطيب قرية أطال الخطبة فأخبرني بعض الوجوه أنه بال في ثيابه إذ لم يمكنه الخروج من المقصورة. (1)
(حم م) في الجمعة من حديث أبي وائل (عن عمار بن ياسر) قال أبو وائل خطبنا عمار فأوجز وأبلغ فقلنا يا أبا اليقظان أوجزت وأبلغت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول وساقه ولم يخرج البخاري إلا قوله إن من البيان لسحرا
(1) [وحيث قال صلى الله عليه وسلم في الحديث 5010: صل بصلاة أضعف القوم. . . فالسنة التقصير في الصلاة كذلك غير أن الخطبة تكون أقصر من الصلاة كما ورد هنا
وقد أخطأ من أطال الخطبة طارحا لنص السنة الصريح وعاملا برأيه وقد زاد في الخطأ من جعل مترجما إلى اللغة الأجنبية في بلاد المهجر فضاعف ذلك في طولها بالإضافة إلى تعداد الخطباء الذي يفسد الخطبة عند بعض المجتهدين. ومن المدهش أنه عندما روجع أولئك أجابوا أنه للضرورة؟ وما ذلك إلا جهل بليغ إذ أن السنة في تقصير الصلاة والخطبة هي أصلا بسبب الضرورة ولرفع الحرج كما علله صلى الله عليه وسلم في الحديث 490: إذا أم أحدكم الناس فليخفف فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض وذا الحاجة. وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء. متفق عليه. وورد مثله في الحديث الصحيح 3244. وليس بعد كلام رسول الله كلام
وقد وجد أن مثل تلك الجمع لا تنتهي مع صلاتها إلا قبيل أذان العصر بدقائق مما يزيد في المخالفة. فهلا وسعتنا السنة فقصرنا الخطبة وعينا خطيبا واحدا يجيد اللغتين؟ فإنا لله وإنا إليه راجعون. دار الحديث]
2295 - (إن عامة عذاب القبر) يعني معظمه وأكثره (من البول) أي من التقصير في التحرز عنه لأن التطهير منه مقدمة -[458]- للصلاة التي هي أفضل الأعمال البدنية وأول ما يخاطب به في الدنيا بعد الإيمان وأول ما يحاسب عليه يوم القيامة والقبر أول درجات الآخرة وهو مقدمة لها فناسب أن يعد في مقدمة الآخرة على مقدمة الصلاة التي هي أول ما يحاسب عليه في الآخرة (فتنزهوا) تحرزوا أن يصيبكم وتنظفوا (منه) ما استطعتم بحيث لا تنتهوا إلى الوسواس المذموم [1] ومما شدد على الأمم السابقة أنه كان على أحدهم إذا أصاب البول بدنه أن بقرضه بمقراض والتنزه التباعد عن الشيء ومنه فلان يتنزه عن الأقذار أي يباعد نفسه منها قال الزمخشري: ومن المجاز رجل نزه ونزيه عن الريب وهو يتنزه عن المطامع
(ابن حميد والبزار) في مسنده (طب) وكلهم (عن ابن عباس) وفي الباب غيره أيضا قال الولي العراقي: وفي إسناده ضعف لكن يقويه ما رواه ابن أبي شيبة من رواية حسرة حدثتني عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت على امرأة من اليهود فقالت إن عذاب القبر من البول قلت كذبت قالت بلى أنه يقرض منه الجلد والثوب فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقد ارتفعت أصواتنا ما هذا فأخبرته فقال صدقت [1] فالاستبراء عقب البول مندوب وقيل واجب والقول بالوجوب محمول على ما إذا غلب على ظنه بقاء شيء