-[450]- 2272 - (إن رجالا يتخوضون) بمعجمتين من الخوض المشي في الماء وتحريكه ثم استعمل في التصرف في الشيء أي يتصرفون (في مال الله) الذي جعله لمصالح المسلمين من نحو فيء وغنيمة (بغير) قسمة بل بالباطل بلا تأويل صحيح واللفظ وإن كان أعم من أن يكون بقسمة أو غيرها لكن تخصيصه بالقسمة هو ما دلت عليه أخبار أخر (فلهم النار) أي نار جهنم (يوم القيامة [1]) خبر إن محذوف وأدخل الفاء لأن اسمها نكرة موصوفة بالفعل وفيه ردع للولاة أن يتصرفوا في بيت المال بغير حق قال الراغب: الخوض الشروع في الماء والحدور فيه ويستعار في الأمور وأكثر ما ورد فيما يذم شرعا بنحو {ذرهم في خوضهم يلعبون} اه وقال الزمخشري: من المجاز خاضوا في الحديث وتخاوضوا فيه وهو يخوض مع الخائضين أي يبطل مع المبطلين
(خ) في الخمس (عن خولة) الأنصارية زوجة حمزة ابن عبد المطلب أو غيرها وليس لها في البخاري إلا هذا الحديث ولم يخرجه مسلم [1] فيه إشعار بأنه لا ينبغي التخوض في مال الله ورسوله والتصرف فيه بمجرد التشهي
2273 - (إن روح القدس) أي الروح المقدسة وهو جبريل عليه السلام سمي به لأنه يأتي بما فيه حياة القلب فإنه المتولي لإنزال الكتب الإلهية التي بها تحيا الأرواح الربانية والقلوب الجسمانية فهو كالمبدأ لحياة القلب كما أن الروح مبدأ لحياة الجسد وأضيف إلى القدس لأنه مجبول على الطهارة والنزاهة من العيوب وخص بذلك وإن كانت جميع الملائكة كذلك لأن روحانيته أتم وأكمل ذكره الإمام الرازي قال وإطلاق الروح عليه مجاز لأن الروح هو المتردد في مخارق الإنسان ومنافذه وجبريل عليه السلام لا كذلك فتسميته بالروح على منهج التشبيه من حيث أن الروح كما أنه سبب لحياة الإنسان فجبريل سبب لحياة القلوب بالعلوم والمعارف وقال الحرالي: الروح لمحة من لمحات الله وأمر الله قيومته في كليته خلقا وملكوتا فما هو قوام الخلق كله هو الإله الحق وما هو قوام صوره من جملة الخلق هو الروح الذي هو لمحة من ذلك الأمر ولقيام عالم الملكوت وخصوصا حملة العرش بعالم الملكوت وخصوصا أمر الدين الباقي سماهم الله روحا ومن أخصهم روح القدس والقدس الطهارة العلمية الدائمة التي لا يلحقها نجس ظاهر ولا رجس باطن (نفث) بفاء ومثلثة تفل بغير ريق (في روعي) بضم الراء أي ألقى الوحي في خلدي وبالي أو في نفسي أو قلبي أو عقلي من غير أن أسمعه ولا أراه والنفث ما يلقيه الله إلى نبيه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إلهاما كشفيا بمشاهدة عين اليقين أما الروع بفتح فهو الفزع لا دخل له هنا (إن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها) الذي كتبه لها الملك وهي في بطن أمها فلا وجه للوله والتعب والحرص والنصب إلا عن شك في الوعد (وتستوعب رزقها) كذلك فإنه سبحانه وتعالى قسم الرزق وقدره لكل أحد بحسب إرادته لا يتقدم ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص بحسب علمه القديم الأزلي ولهذا سئل حكيم عن الرزق فقال إن قسم فلا تعجل وإن لم يقسم فلا تتعب (فاتقوا الله) أي ثقوا بضمانه لكنه أمرنا تعبدا بطلبه من حله فلهذا قال (وأجملوا في الطلب) بأن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة بغير كد ولا حرص ولا تهافت على الحرام والشبهات (ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق) أي حصوله (أن يطلبه بمعصية الله [1] فإن الله تعالى لا ينال عنده) من الرزق -[451]- وغيره (إلا بطاعته) قال الطيبي رحمه الله: والاستبطاء يعني الإبطاء والسير للمبالغة وفيه أن الرزق مقدر مقسوم لا بد من وصوله إلى العبد [2] لكنه إذا سعى وطلب على وجه مشروع وصف بأنه حلال وإذا طلب بوجه غير مشروع فهو حرام فقوله ما عنده إشارة إلى أن الرزق كله من عند الله الحلال والحرام وقوله أن يطلبه بمعصية إشارة إلى ما عند الله إذا طلب بمعصية سمي حراما وقوله إلا بطاعته إشارة إلى أن ما عند الله إذا طلب بطاعته مدح وسمي حلالا وفيه دليل ظاهر لأهل السنة أن الحرام يسمى رزقا والكل من عند الله تعالى خلافا للمعتزلة روي أنه لما نزل قوله سبحانه وتعالى {وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون} قالت الملائكة هلكت بنو آدم أغضبوا الرب حتى أقسم لهم على أرزاقهم قال الرافعي رحمه الله: واحتج به الشافعي رضي الله عنه على أن من الوحي ما يتلى قرآنا ومنه غيره كما هنا وله نظائر انتهى ثم إن النفث المذكور هو أحد أنواع الوحي فإنه ستة أنواع أحدها كان يأتيه كصلصلة الجرس وهو أشد جاءه مرة وفخذه على فخذ زيد بن ثابت فثقل على زيد حتى كاد يرض فخذه الثاني يتمثل له الملك رجلا فيكلمه الثالث النومية الرابع الإلقاء في القلب الخامس يأتيه جبريل عليه السلام في صورته الأصلية له ست مئة جناح تسد الأفق السادس يكلمه الله تعالى كما كلمه ليلة الإسراء وهو أسمى درجاته <تنبيه> جعلهم نفخ الروح في الروع من أقسام الوحي يؤذن باختصاصه بالأنبياء لكن صرح العارف ابن عربي رضي الله عنه بأنه يقع للأولياء أيضا وعبارته العلوم ثلاث مراتب علم العقل وهو كل علم يحصل ضرورة أو عقب نظر في دليل بشرط العثور على وجه ذلك الدليل الثاني علم الأحوال ولا سبيل له إلا بالرزق فلا يمكن عاقل وجدانه ولا إقامة دليل معرفة كالعلم بحلاوة العسل ومرارة الصبر ولذة الجماع والوجد والشوق فهذه علوم لا يعلمها إلا من يتصف بها ويذوقها الثالث علم الأسرار وهو فوق طور العقل وهو علم نفث روح القدس في الروع ويختص به النبي والولي وهو نوعان والعالم به يعلم العلوم كلها ويستغرقها وليس أصحاب تلك العلوم كذلك انتهى
(حل عن أبي أمامة) الباهلي ورواه عنه أيضا الطبراني ورواه ابن أبي الدنيا والحاكم عن ابن مسعود ورواه البيهقي في المدخل وقال منقطع [1] أي على طلبه بمعصيته فلا يطلبوه بها وإن أبطأ عليكم وهذا وارد مورد الحث على الطاعة والتنفير من المعصية فليس مفهومه مرادا [2] فائدة: ذكر المقريزي أن بعض الثقات أخبره أنه سار في بلاد الصعيد على حائط العجوز ومعه رفقة فاقتلع أحدهما منها لبنة فإذا هي كبيرة جدا فسقطت فانفلقت عن حبة فول في غاية الكبر وكسروها فوجدوها سالمة من السوس كأنها كما حصدت فأكل كل منهم قطعة فكانت ادخرت لها من زمن فرعون فإن حائط العجوز بنيت عقب غرقه فلن تموت نفس حتى تستوفي رزقها