responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فيض القدير نویسنده : المناوي، عبد الرؤوف    جلد : 2  صفحه : 179
1610 - (أما بعد فإن الدنيا) في الرغبة والميل إليها وحرص النفوس عليها كالفاكهة التي هي (خضرة) في المنظر (حلوة) في المذاق وكل منهما يرغب فيه منفردا فكيف إذا اجتمعا وقال الأكمل الحلو ما يميل إليه الطبع السليم والأخضر الطري الناعم وأراد أن صورة الدنيا ومتاعها حسن المنظر يعجب الناظر (وإن الله مستخلفكم فيها) أي جاعلكم خلفا في الدنيا (فناظر كيف تعملون) يعني أن الأموال التي في أيديكم إنما هي أموال الله خلقها وخولكم إياها وخولكم الاستمتاع فيها وجعلكم خلفا بالتصرف فيها فليست هي بأموالكم حقيقة بل أنتم فيها بمنزلة الوكلاء فناظر هل تتصرفون فيها على الوجه الذي يرضى به المستخلف أو لا والمراد مستخلفكم فيما كان بأيدي من قبلكم بتوريثكم إياهم فناظر هل تعتبرون بحالهم أو لا وكيفية النظر من المتشابه نؤمن بأنه يصير ولا تشتغل بكيفيته والحديث مسوق للحذر من زخرف الدنيا وزهرتها (فاتفوا الدنيا واتقوا النساء) خصص بعد ما عمم إيذانا بأن الفتنة بهن أعظم الفتن الدنيوية فإنه سبحانه أخبر بأن الذي زين به الدنيا من ملاذها وشهواتها وما هو غاية أما في طلابها ومؤثريها على الآخرة سبعة أشياء أعظمها النساء اللاتي هن أعظم زينتها وشهوتها وأعظمها فتنة وقد أخرج ابن عساكر عن ابن عمر أن إبليس لقي موسى عليه الصلاة والسلام فقال يا موسى إن لك علي حقا إياك أن تجالس أمرأة ليست بمحرم فإني رسولها إليك ورسولك إليها انتهى. ومن ثم قال (فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) يريد قتل النفس التي أمر -[180]- بنو إسرائيل فيها بذبح البقرة واسم المقتول عاميل قتله ابن أخيه أو عمه ليتزوج ابنته أو زوجته. وقال في المطامح: يحتمل كونه أشار إلى قصة هاروت وماروت لأنهما فتنا بسبب امرأة من بني إسرائيل ويحتمل أنه أشار إلى قضية بلعام بن باعوراء لأنه إنما هلك بمطاوعة زوجته وبسببهن هلك كثير من العلماء (ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى) أي متفرقة قال في الصحاح: أمر شتت بالفتح أي متفرق وشتته فرقه وقوم شتى وأشتاتا أي متفرقون وقال الزمخشري: تقول تفرقوا شتى وأشتاتا (منهم من يولد ويحيا مؤمنا ويموت مؤمنا) وهذا الفريق هم سعداء الدنيا والآخرة (ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت كافرا) وهذا القسم هم أهل الشقاوة (ومنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت كافرا) أي يسبق عليه الكتاب فيختم له بالكفر (ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت مؤمنا) أي يختم له بالإيمان فيصير من أهل السعادة
(ألا إن الغضب جمرة توقد) أي تتوقد فحذف إحدى التاءين للتخفيف (في جوف ابن آدم ألا ترى إلى حمرة عينيه) عند الغضب (وانتفاخ أوداجه) جمع ودج بفتح الدال وتكسر وهو عرق الاخدع الذي يقطعه الذابح فلا يبقى معه حياة ويسمى الوريد أيضا وذلك لأن الله خلقه من نار وعجنه بطينة الإنسان فمهما نوزع في شيء من الأغراض اشتعلت نار الغضب فيه وفارت فورانا يغلي منه دم القلب وينتشر في العروق فيرتفع إلى أعلى البدن ارتفاع الماء في القدر ثم ينصب في الوجه والعينين فيحمرا منه إذ البشرة لصفائها تحكي ما وراءها وإذا تكيف بهذه الحالة ارتعدت أطرافه واضطربت حركاته وأزبدت أشداقه واحمرت أحداقه وخرج عن حيز الاعتدال حتى لو رأى نفسه سكن غضبه حياء من قبح صورته ولو كشف له عن باطنه لرآه أقبح من ظاهره فإنه عنوانه الناشىء عنه. قال الغزالي: قال بعض الأنبياء لإبليس بأي شيء تغلب ابن آدم قال آخذه عند الغضب وعند الهوى وظهر إبليس لراهب فقال له أي أخلاق بني آدم أعون لك قال الحدة فإذا كان العبد حديدا قلبناه كما تقلب الصبيان الكرة (فإذا وجد أحدكم) في نفسه (شيئا من ذلك) يعني من بوادر الغضب (فالأرض الأرض) أي فليضطجع بالأرض ويلصق نفسه فيها لتنكسر حدته وتذهب حدة غضبه وفي رواية فليلزق بالأرض وفي أخرى فليجلس ولا يعدو به الغضب فيجلسه في نفسه ولا يعديه إلى غيره بإيذائه والانتقام منه ولاستحالة هذا المعنى في حقه تعالى كان غضبه هو إرادة الانتقام فتكون صفة ذات أو الانتقام نفسه فتكون صفة فعل (ألا إن خير الرجال) ذكر الرجال وصف طردي والمراد الآدميين ذكورا أو إناثا (من كان بطيء الغضب سريع الرضا وشر الرجال من كان) بعكس ذلك (سريع الغضب بطيء الرضا فإذا كان الرجل بطيء الغضب بطيء الفيء) أي الرجوع (وسريع الغضب سريع الفيء فإنها بها) أي فإن إحدى الخصلتين تقابل الأخرى فلا يستحق مدحا ولا ذما ومن هنا قال الراغب والغزالي في الغضب نار تشتعل والناس مختلفون فيه فبعضهم كالحلفاء سريع الوقود سريع الخمود وبعضهم كالغضا بطيء الوقود بطيء الخمود وبعضهم سريع -[181]- الوقود بطيء الخمود وبعضهم بالعكس وهو أحمدهم ما لم يفض به إلى زوال حميته وفقد غيرته واختلافهم تارة يكون بحسب الأمزجة فمن كان طبعه حارا يابسا يكثر غضبه ومن كان بخلافه يقل وتارة يكون بحسب اختلاف العادة فمن الناس من تعود السكون والهدوء وهو المعبر عنه بالذلول والهين واللين ومنهم من تعود الطيش والانزعاج فيتحدث بأدنى ما يسمعه ككلب يسمع حسا فيعوي قبل أن يعرف ما هو فأسرع الناس غضبا الصبيان والنساء وأكثرهم ضجرا الشيوخ وأجل الناس شجاعة وأفضلهم مجاهدة وأعظمهم قوة من كظم الغيظ. (ألا إن خير الناس التجار) بضم التاء جمع تاجر (من) أي تاجر (كان حسن القضاء) أي الوفاء لما عليه من ديون التجارة ونحوها (حسن الطلب) أي سهل التقاضي يرحم المعسر وينظره ولا يضايق الموسر في الأشياء التافهة ولا يلجئه إلى الوفاء في وقت معين ولا من مال معين (وشر التجار من كان سيء القضاء) أي لا يوفي لغريمه دينه إلا بكلفة ومشقة وتماطل مع يساره (سيء الطلب) أي ملح على مديونه بالطلب من غير مرحمة ولا شفقة بل بصعوبة مع علمه باعساره إذ ذاك (فإذا كان الرجل) التاجر وذكر الرجل وصف طردي لأن غالب المتجر إنما يتعاناه الرجال لا لإخراج النساء (حسن القضاء سيء الطلب أو كان) بعكسه (سيء القضاء حسن الطلب فإنها بها) أي فإحدى الخصلتين تقابل بالأخرى نظير ما تقدم ويجري ذلك كله في كل من له حق أو عليه حق وإنما خص التجار لأكثرية القضاء والتقاضي فيما بينهم (ألا إن لكل غادر لواء) أي ينصب له (يوم القيامة) لواء حقيقة (بقدر غدرته) فإن كانت كبيرة نصب له لواء كبير وإن كانت صغيرة فصغير وفي خبر أنه يكون عند إسته وقيل اللواء مجاز والمراد شهرة حاله وإذاعته بين الملأ في ذلك الموقف الأعظم (ألا وإن أكبر الغدر غدر أمير عامة) بالإضافة (ألا لا يمنعن رجلا مهابة الناس أن يتكلم بالحق إذا علمه) فإن ذلك يجب عليه وليست مهابة الناس عذرا في التخلف بشرط سلامة العاقبة (ألا إن أفضل الجهاد) أي أنواعه (كلمة حق) يتكلم بها كأمر بمعروف أو نهي عن منكر (عند سلطان جائر) أي ظالم فإن ذلك أفضل من جهاد العدو لأنه أعظم خطرا كما سلف تقريره عما قريب (ألا إن مثل ما بقي من الدنيا فيما مضى منها مثل ما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه) يعني ما بقي من الدنيا أقصر وأقل مما سلف منها فهي ولت حذاء ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء وإذا كانت بقية الشيء وإن كثرت في نفسها قليلة بالإضافة إلى معظمه كانت خليقة بأن توصف بالقلة ذكره الزمخشري
(حم ت ك هب) كلهم (عن أبي سعيد) الخدري قال صلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم العصر ثم قام خطيبا فلم يدع شيئا يكون إلى قيام الساعة إلا أخبرنا به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه وكان فيما قال أما بعد إلى آخره وفيه علي بن زيد بن جدعان أورده الذهبي في الضعفاء وقال أحمد ويحيى ليس بشيء

نام کتاب : فيض القدير نویسنده : المناوي، عبد الرؤوف    جلد : 2  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست