1524 - (اللهم افتح مسامع قلبي) أي آذانه جمع مسمع كمنبر الأذن كما في الصحاح (لذكرك) ليدرك لذة ما نطق به كل لسان ذاكر وأن كل قلب لم يدرك لذة الذكر فهو كالميت بل الميت خير منه. كان رجل في بني إسرائيل أقبل على الله ثم أعرض عنه فقال يا رب كم أعصيك ولا تعاقبني فأوحى إلى نبي ذلك الزمان قل لفلان كم عاقبتك ولم تشعر ألم أسلبك حلاوة ذكري ولذة مناجاتي (وارزقني طاعتك) أي كمال لزوم أوامرك (وطاعة رسولك) النبي الأمي الذي أوجبت علينا طاعته وألزمتنا متابعته (وعملا بكتابك) القرآن أي العمل بما فيه من الأحكام فإن من وفق لفهم أسراره وصرف إليه عنايته اكتفى به عن غيره ودله على كل خير وحذره من كل شر وهو الكفيل بذلك على أتم الوجوه وفيه أسباب الخير والشر مفصلة مبينة {ما فرطنا في الكتاب من شيء}
(طس) من حديث الحارث الأعور (عن علي) أمير المؤمنين قال الحارث دخلت على علي بعد العشاء فقال ما جاء بك الساعة قلت إني أحبك قال الله آلله قلت نعم والله قال ألا أعلمك دعاء علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم افتح إلى آخره قال الهيثمي الحارث ضعيف
1525 - (اللهم إني أسألك صحة في إيمان) يعني في بدني مع تمكن التصديق من قلبي ويحتمل أن معناه أسألك صحة إيماني أي قوة إيقاني (وإيمانا في حسن خلق) بالضم أي وأسألك إيمانا يصحبه حسن خلق (ونجاحا) أي حصولا للمطلوب (يتبعه فلاح) أي فوز ببغية الدنيا والآخرة (ورحمة منك وعافية) من البلايا والمصائب (ومغفرة منك) أي سترا للعيوب (ورضوانا) منك يعني فإنه مناط الفوز بخير الدارين قال الحرالي: وهو بكسر الراء وضمها اسم مبالغة في معنى الرضا
(طس ك) كلاهما (عن أبي هريرة) قال أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمان الخير فقال إن رسول الله يريد أن يمنحك كلمات تسألهن الرحمن ترغب إليه فيهن وتدعو بهن في الليل والنهار قل اللهم إلى آخره قال الهيثمي رجاله ثقات
1526 - (اللهم اجعلني أخشاك كأني أراك وأسعدني بتقواك) فإنها سبب كل خير وسعادة في الدارين وقد أثنى الله في التنزيل على المتقين {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور} ووعدهم بالحفظ والحراسة من الأعداء بقوله {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا} وبالنصر والتأييد بقوله {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} وقوله {والله مع المتقين} ولا سعادة أعظم من هذه المعية (ولا تشقني بمعصيتك) قاله مع كونه معصوما اعترافا بالعجز وخضوعا لله وتواضعا لعزته وتعليما لأمته (وخر لي في قضائك) فإنك لا تفعل بي إلا ما هو الأوفق والأصلح لي أي اجعل لي خير الأمرين فيه. قال الزمخشري: تقول استخرت الله في كذا فخار لي أي طلبت منه خير الأمرين فاختاره لي (وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت) فإن الخير كله في الرضا والتسليم. قال العارف الشاذلي: -[142]- ترددت هل ألزم القفار للطاعة والأذكار أو أرجع إلى الديار لصحبة الأخيار فوصف لي شيخ برأس جبل فوصلت لغاره ليلا فبت ببابه فسمعته يقول اللهم إن قوما سألوك أن تسخر لهم خلقك ففعلت فرضوا وأنا أسألك عني اعوجاج الخلق حتى لا يكون لي ملجأ إلا أنت فقلت يا نفس انظري من أي بحر يغترف هذا الشيخ فأصبحت فدخلت عليه فأرهبت من هيبته فقلت كيف حالكم فقال إني أشكو إلى الله من برد الرضا والتسليم كما تشكو من حر التدبير والاختيار فقلت أما شكواي من حرهما فذقته وأما شكواي من بردهما فلماذا قال أخاف أن تشغلني حلاوتهما عن الله تعالى قلت سمعتك الليلة تقول كذا فتبسم وقال عوض ما تقول سخر لي خلقك قل كن لي تراه إذا كان لك لا يفوتك شيء فما هذه الجبانة (واجعل غناي في نفسي) فإن الغنى بالحقيقة إنما هو غنى النفس لا المال (وأمتعني) انفعني زاد في رواية البيهقي من الدنيا (بسمعي وبصري) الجارحتين المعروفتين وقيل العمرين وانتصر له بحديث هذان السمع والبصر ويبعده ما في رواية البيهقي عقب وبصري وعقلي (واجعلهما الوارث مني) قال في الكشاف: استعارة من وارث الميت لأنه يبقى بعد فنائه (وانصرني) ظفرني (على من ظلمني) تعدى وبغى علي (وأرني فيه ثأري) أشار به إلى قوة المخالفين وحث على تصحيح الالتجاء وصدق الرغبة هذا عصارة ما قرره محققوا أهل الظاهر وقال بعض الصوفية: المتعة بالبصر استعماله فيما له ركب في العين فإنه تعالى جعله في الجسد بمكان عال ومحل رفيع ألا ترى أنه جاء في حديث إن العبد يؤخذ منه يوم القيامة بنعمة البصر فيستفرغ حسناته وتبقى سائر النعم عليه مع السعة ومن رفيع درجة البصر إلى جميع الجوارح أنه ينظر إلى الله في داره يوم الزيادة وبه ينظر إلى الغير في الدنيا فالعين قالب البصر والبصر من نور الروح والروح مسكنه الدماغ ثم بث في جميع البدن بشرا وشعرا فالروح نور والعقل نور والمعرفة نور ولكل نور بصر وبصر القلب متصل ببصر الروح ولطاقة الروح ما دق منه وصفاه وهو في العين وإذا نظر ناظر إلى حدقة عين أبصر تلك اللطافة والرقة في الحدقة في ذلك السواد فتلك لطافة الروح فالإمتاع بالبصر أن يرى عجائب صنع الله في تدبيره في الدارين ويرى كل شيء كما خلقه الله فسأله الإمتاع بسمعه
وبصره ليتقرب إلى الله بما ينظره ويسمعه وسأله أن يجعلهما الوارث منه معناه أن يختم له بالنبوة والتوحيد وأن لا يسلبه ذلك (وأقر بذلك عيني) أي فرحني بالانتقام منه
(طس عن أبي هريرة) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يدعو بهذا الدعاء. قال الهيثمي: وفيه إبراهيم بن خيثم بن عراك وهو متروك