1507 - (اللهم اجعلني أعظم شكرك) أي وفقني لإكثاره لأكون قائما بما وجب علي من شكر نعمائك التي لا تحصى (وأكثر ذكرك) القلبي واللساني (وأتبع نصيحتك) بامتثال ما يقربني إلى رضاك ويبعدني عن غضبك (وأحفظ وصيتك) بالمداومة على فعل المأمورات وتجنب المنهيات أو المذكورة في قوله تعالى {ولقد وصينا اللذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم} الآية فإنها للأولين والآخرين وهي التقوى أو بالتسليم لله العظيم في جميع الأمور والرضا بالمقدور على ممر الدهور
(ت عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا أحمد من طريق أبي سعيد المدني قال الهيثمي ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات
1508 - (اللهم إني أسألك) أطلب منك (وأتوجه إليك بنبيك محمد) صرح باسمه مع ورود النهي عنه تواضعا لكون التعليم من جهته (نبي الرحمة) أي المبعوث رحمة للعالمين (يا محمد إني توجهت بك) أي استشفعت بك (إلى ربي) قال الطيبي: الباء في بك للاستعانة وقوله إني توجهت بك بعد قولك أتوجه إليك فيه معنى قوله تعالى {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} (في حاجتي هذه لتقضى لي) أي ليقضيها ربي لي بشفاعته سأل الله أولا أن يأذن لنبيه أن يشفع له ثم أقبل على النبي ملتمسا شفاعته له ثم كر مقبلا على ربه أن يقبل شفاعته والباء في بنبيك للتعدية وفي بل للاستعانة وقوله (اللهم فشفعه في) أي اقبل شفاعته في حقي ولتقضى عطف على أتوجه إليك بنبيك أي اجعله شفيعا لي فشفعه وقوله اللهم معترضة وما ذكر من أن سياق الحديث هو هكذا هو ما في نسخ الكتاب ووجهه ظاهر وفي المشكاة كأصلها لتقضي لي حاجتي وعليه قال الطيبي: إن قلت ما معنى لي وفي؟ قلت معنى لي كما في قوله تعالى {رب اشرح لي صدري} أجمل أولا ثم فصل ليكون أوقع في النفس ومعنى في كما في قول الشاعر:. . . يجرح في عراقيبها نصلي. . . أي أوقع القضاء في حاجتي واجعلها مكانا له ونظير الحديث قوله تعالى {وأصلح لي في ذريتي} انتهى. قال ابن عبد السلام: ينبغي كون هذا مقصورا على -[135]- النبي لأنه سيد ولد آدم وأن لا يقسم على الله بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا في درجته وأن يكون مما خص به تنبيها على علو رتبته وسمو مرتبته. قال السبكي: ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي إلى ربه ولم ينكر ذلك أحد من السلف [1] ولا من الخلف حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع ما لم يقله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مثله انتهى وفي الخصائص يجوز أن يقسم على الله وليس به ذلك لأحد ذكره ابن عبد السلام لكن روى القشيري عن معروف الكرخي أنه قال لتلامذته إذا كان لكم إلى الله حاجة فأقسموا عليه به فإني الواسطة بينكم وبينه الآن وذلك بحكم الوراثة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم
(ت هـ ك عن عثمان بن حنيف) بمهملة ونون مصغر بن وهب الأنصاري الأوسي المدني شهد أحدا وما بعدها ومسح سواد العراق وقسط وولى البصرة لعلي وكان من الأشراف قال: إن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ادعوا الله أن يعافيني فقال إن شئت أخرت لك وهو خير وإن شئت دعوت قال فادعه فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ويدعوا بهذا الدعاء قال الحاكم على شرطهما وأقره الذهبي [1] [أما بشأن قوله أنه لم ينكر التوسل أحدا من السلف فيكفي عليه دليلا رواية الترمذي وابن ماجه والحاكم لهذا الحديث وحكم الحاكم أنه صحيح على شرط البخاري ومسلم وتلقي الأمة له بالقبول والتطبيق مئات من السنين دون أي تردد في ذلك القبول
أما بشأن صحة إمكان استعمال هذا الدعاء على ممر الأجيال بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أجل وأصوب حكم حول ذلك الأمر (الذي هو من أمور العقيدة) بلا منازع على الإطلاق هو الصحابي عثمان بن حنيف نفسه حيث قد علمه أيضا لأحدهم أثناء خلافة عثمان رضي الله عنه وقضيت حاجته وكان هذا سببا لرواية الحديث فليتنبه. ولا عبرة لكلام من خالف الصحابة في أمور العقيدة كانوا من كانوا وإن كان لهم في أمور أخرى إسهام وفضل كبيرين على الأمة الإسلامية كابن تيمية رحمه الله وتجاوز عنا وعنه أخطاءنا برحمته آمين. دار الحديث]