44 - (ابتغوا الخير) كلمة جامعة تعم كل طاعة ومباح دنيوي وأخروي والمراد هنا الحاجة الأخروية أو الدنيوية كما يفسره رواية أبي يعلى والبيهقي والخرائطي " اطلبوا الحوائج " ورواية ابن عدي " اطلبوا الحاجات " (عند حسان) جمع حسن محركا والحسن بالضم الجمال. وقال الراغب الحسن عبارة عن كل بهيج مرغوب فيه وهو ثلاثة أضرب مستحسن من جهة العقل ومستحسن من جهة الهوى ومستحسن من جهة الحسن. والحسن أكثر ما يقال في تعارف العامة في المستحسن بالبصر وفي القرآن للمستحسن من جهة البصيرة (الوجوه) لأن حسن الوجه وصباحته يدل على الحياء والجود والمروءة غالبا لكن قد يتخلف كما يشير إليه تعبيره في بعض الروايات " برب " أو المعنى اطلبوا حوائجكم من وجوه الناس أي أكابرهم ويؤيده خبر " إن سألت فاسأل الصالحين " قال بعضهم: الرؤساء والأكابر يحتقرون ما أعطوه والصلحاء لا يشهدون لهم ملكا مع الله أو المراد بحسن الوجه بشاشته عند السؤال وبذل المسؤل عند الوجدان وحسن الاعتذار عند الفقد والعدم
(قط في) كتاب (الأفراد) عن علي بن عبد الله بن ميسرة عن محمد بن جعفر بن عبد الله الغفاري عن يزيد بن عبد الملك النوفلي عن عمران بن إياس (عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي موضوع الغفاري يضع انتهى. وتعقبه المؤلف في مختصر الموضوعات بأن ابن أبي الدنيا خرجه عن مجاهد بن موسى عن سفيان عن يزيد بن عبد الملك به فزالت تهمة الغفاري فكان ينبغي له أعني المؤلف أن يعزوه لابن أبي الدنيا الذي ذكر أن طريقه قد خلت عن الوضاع وأن لا يعزوه للدارقطني لأنه سلم أن في طريقه رضاعا. وقد ذكر السخاوي الحديث من عدة طرق عن نحو عشرة من الصحب. ثم قال طرقه كلها ضعيفة لكن المتن غير موضوع انتهى وسبقه لنحوه ابن حجر فقال: طرقه كلها ضعيفة وبعضها أشد ضعفا من بعض
45 - (أبد) بفتح الهمزة وكسر الدال فعل أمر (المودة لمن وادك) أي أظهر ندبا المحبة الشديدة لمن أخلص حبه لك (فإنها) أي هذه الخصلة وفي رواية " فإنه " أي هذا الفعل (أثبت) أي أدوم وأرسخ والود خالص الحب وهو منه بمنزلة الرأفة من الرحمة والمعنى إذا أحببت إنسانا لغير منهي عنه شرعا فاظهر له ذلك أي أعلمه بأنك تحبه ويأتي تعليله في خبر بأنه يجد لك مثل ما تجد له. قال القاضي:
وبذلك يتأكد الحب وتدوم الألفة والألفة إحدى فرائض الإسلام وأركان الشريعة ونظام شمل الدين. ومما يجلب المودة المحافظة على الابتداء بالسلام مراعاة لأخوة الإسلام وتعظيما لشعار الشريعة. قال: والود محبة الشيء مع تمنيه ولذلك يستعمل في كل منهما. وقال الحراني: الود صحة نزوع النفس للشيء المستحق نزوعها له. وقال الزمخشري: تقول ووددته ودا ومودة ووددت لو كان كذا وبودي لو كان كذا. وقال الراغب: الود محبة الشيء وتمني كونه قاله والثبات فيه ضد الزوال
(الحارث) بن محمد (بن أبي أسامة) التميمي صاحب المسند المشهور كان حافظا عارفا بالحديث تكلم فيه بلا حجة (طب) وابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان وأبو الشيخ [ابن حبان] في الثواب كلهم (عن أبي حميد) بالتصغير (الساعدي) عبد الرحمن وقيل المنذر بن سعيد شهد أحدا وما بعدها وعاش إلى خلافة يزيد قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره. قال الهيتمي: وفيه من لم أعرفهم انتهى. وحينئذ فرمز المؤلف لحسنه عليل
46 - (ابدأ) بالهمزة وبدونه فيه وفيما بعده كما ذكره الزركشي (بنفسك) أي بما تحتاجه من مؤنة وغيرها. والنفس ما به ينفس المرء على غيره -[75]- استبدادا منه واكتفاء بوجود نفاسته على من سواه ذكره الحراني والمراد هنا الذات أي قدم ذاتك فيما تحتاج إليه من نحو نفقة وكسوة (فتصدق عليها) لأنك المخصوص بالنعمة المنعم عليك بها فتلقاها بالقبول وقدم مهجتك وحاجتك على من تعول وسمى الانفاق عليها صدقة لأنه قربة إذا كان من حلال وكفافا وقد ينتهي إلى الوجوب وذلك عند الاضطرار (فإن) وفي رواية: " ثم إن " (فضل) بفتح الضاد ومضارعه بضمها وبكسر الضاد فمضارعه بفتحها وفضل بالكسر يفضل بالضم شاذ (شيء فلأهلك) أي زوجتك. قال الراغب: يعبر عن امرأة الرجل بأهله وذلك لأن نفقتها معاوضة وما بعدها مواساة (فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك) لأنهم في الحقيقة منك فيحصل بذلك الجبر التام بالمواساة وصلة الأرحام ثم إن حمل على التطوع شمل كل قريب أو الواجب اختص بمن تجب نفقته من أصل وفرع عند الشافعي وغيرهما أيضا عند غيره وله تفاريع في الفروع. قال الزين العراقي: وسكت عن القن ولعله لأن أكثر الناس لا أرقاء لهم أو لأن المخاطب لا قن له وزعم دخوله في الأهل للمناقشة فيه مجال وقدم الحنابلة القن على القريب عند التزاحم وسكت عنه الشافعية. قال الولي العراقي: وكأنه لأن له جهة ينفق منها وهي كسبه فإن تعذر بيع أو جزء منه لنفقته (فإن فضل عن ذوي قرابتك شيء فهكذا وهكذا) أي بين يديك وعن يمينك وشمالك كما فسره به في رواية مسلم والنسائي وكنى به عن تكثير الصدقة وتنويع جهاتها وليس المراد حقيقة هذه الجهات المخصوصة. وفيه الابتداء بالنفقة على الترتيب المذكور. قال المحقق أبو زرعة: ومحل تقديم النفس فيمن لا يصبر على الإضافة فمن صبر عليها فايثاره محبوب محمود في القرآن وفعله أكابر الأعيان. وفيه أن الإنسان إذا وجد بعض الصيعان في الفطرة قدم نفسه وإن وجدها كلها لأن في تأخيرها غرر لاحتمال أن المال يتلف قبل إخراجها. وفيه أن الحقوق والفضائل إذا تزاحمت قدم الآكد وأن الأفضل في صدقة النفل تنويعها في وجوه البر بالمصلحة ولا يحصرها في جهة ونظر الإمام في مصلحة رعيته وأمرهم بما فيه مراشدهم والعمل بالإشارة وأنها قائمة مقام النطق إذا فهم المراد بها إلا أن الشافعية لم يكتفوا بإشارة الناطق إلا في الأمور الخفية لا كالعقود والفسوخ
(ن عن جابر) بن عبد الله الأنصاري قال: " أعتق رجل عبدا له عن دبر فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألك مال غيره؟ قال: لا فقال: فمن يشتريه مني فاشتراه نعيم العدوي بثمان مئة درهم فجاء بها النبي صلى الله عليه وسلم فدفعها إليه ثم ذكره وإسناده صحيح