38 - (أبى الله) أي لم يرد. قال في الكشاف في قوله تعالى {ويأبى الله إلا أن يتم نوره} أجرى أبى مجرى لم يرد ألا ترى كيف قوبل: {يريدون أن يطفئوا} بقوله {ويأبى الله} وأوقعه موقع لم يرد. وقال الراغب: الإباء شدة الامتناع فكل إباء امتناع ولا عكس والأول هو المناسب هنا (أن يجعل) قال الحراني من الجعل وهو إظهار أمر عن سبب وتصيير. وقال الراغب: جعل لفظ عام في الأفعال كلها وهو أعم من فعل وصنع وسائر أخواتها (لقاتل المؤمن) بغير حق (توبة) إن استحل وإلا فهو زجر وتخويف أما كافر غير ذمي فيحل بل يجب قتله ومذهب أهل السنة أنه لا يموت أحد إلا بأجله وأن القانل لا يكفر ولا يخلد في النار وإن مات مصرا وأن له توبة. والقتل ظلما أكبر الكبائر بعد الكفر وبالقود أو العفو لا تبقى مطالبة أخروية ومن أطلق بقاءها أراد بقاء حق الله إذ لا يسقط إلا بتوبة صحيحة والتمكين من القود لا يؤثر إلا إن صحبه ندم من حيث الفعل وعزم أن لا يعود
(طب والضياء) الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي (في) كتاب الأحاديث (المختارة) مما ليس في الصحيحين (عن أنس) قال في الفردوس صحيح ورواه جمع عن عقبة بن مالك الليثي وسببه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية فأغاروا على قوم فشذ رجل منهم فاتبعه رجل من السرية شاهرا سيفه فقال: إني مسلم فقتله فنهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قولا شديدا ثم ذكره
39 - (أبى الله أن يرزق عبده المؤمن) المتقي المتوكل على ربه كما تؤذن به إضافته إليه وهو من انقطع إلى الله ومحص قصده للالتجاء إليه فلم يلتفت للأسباب وثوقا بالمسبب بدليل خبر الطبراني. " من انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤنة ورزقه من حيث لا يحتسب ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها ". والحديث يفسر بعضه بعضا ولهذا قال بعضهم هذا لا يكون إلا لخواص عباده لأنه تعالى يغار عليهم أن يعتمدوا أو يلتفتوا لأحد سواه فيصير رزقهم في الدنيا كحالهم في الجنة ليس لأحد من الخلق فيه منة (إلا) قال الحراني مركبة من أن ولا مدلولها نفي حقيقة ذات عن حكم ما قبلها (من حيث لا يحتسب) أي من جهة لا تخطر بباله ولا تختلج بآماله: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} والرزق إذا جاء من حيث لا يحتسب كان أهنأ وأمرأ كما أن الخبر السار إذا جاء من حيث لا يحتسب كان أسر والشر إذا جاء من حيث لا يحتسب كان أغم وأشر فالتقوى تصير رزقه من غير محتسبه فبسقوط المحتسبية عن قلبه يعلم أنه متق. قال سفيان الثوري: اتق الله فما رأيت تقيا محتاجا. والمحسبة مظان الرزق ومصادره وأسبابه. قال الحراني: وفيه إشعار بأنه عطاء متصل لا يتجدد ولا يتعدد لأن كل محسوب في الابتداء محاسب عليه في الإعادة فكان في الرزق بغير محسبة بشرى برفع الحساب عنه فالمؤمن الكامل يشهد الرزق بيد الرازق يخرج من خزائن الغيب فيجريه بالأسباب فإذا شهد ذلك كان قلبه مراقبا لما يصنع مولاه وعينه ناظرة لمختاره له معرضة عن النظر للأسباب فالساقط عن قلبه محسبة الرزق من أين وكيف ومتى بحيث لا يتهم ربه في قضائه يؤتى رزقه صفوا عفوا وتقواه معه وعلى رزقه طابع الإيمان والمتعلق بالأسباب قلبه جوال فإن لم يدركه لطف فهو كالهمج في -[72]- المزابل يطير من مزبلة إلى مزبلة حتى يجمع أوساخ الدنيا ثم يتركها وراء ظهره وينزع ملك الموت مخالبه التي اقتنص بها الحطام ويلقى الله بإيمان سقيم دنس وينادى عليه يوم القيامة هذا جزاء من أعرض عن الله وإحسانه واتهم مولاه فلم يرض بضمانه. فتح الله لنا طريق الهداية إليه ويسر لنا منهج التوكل عليه <تنبيه> الحصر المذكور في هذا الحديث غير مراد بل المراد أن هذا هو الغالب فلا ينافي احتراف بعض الأصفياء وقد كان زكريا نجارا وإدريس خياطا وداود زرديا وفي حديث سيجئ: " وجعل رزقي تحت ظل رمحي " وكان أبو بكر تاجرا قال بعض الصوفية المراد بالرزق هنا ما يشمل المعنوي كالعلوم والمعارف
(فر عن أبي هريرة) لكنه قال من حيث لا يعلم وفيه عمر بن راشد عن عبد الرحمن بن حرملة. قال الذهبي: قال ابن عدي: مجهول منكر الحديث وابن حرملة ضعفه القطان وغيره (هب) وكذا الحاكم في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين وقضية صنيع المؤلف أن البيهقي خرجه وسلمه ولا كذلك بل تعقبه بقوله لا أحفظه إلا بهذا الإسناد وهو ضعيف بمرة انتهى. وقد رواه العسكري بلفظ: " أبى الله أن لا يجعل أرزاق عباده المؤمنين من حيث لا يحتسبون " وسنده واه. وقال الحافظ العراقي: رواه عن علي أيضا ابن حبان في الضعفاء وإسناده واه جدا انتهى. وفي الميزان: متنه منكر بل قال ابن الجوزي: موضوع لكن نوزع