responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فيض القدير نویسنده : المناوي، عبد الرؤوف    جلد : 1  صفحه : 520
1057 - (أشد الناس بلاء الأنبياء) قالوا ثم من يا رسول الله؟ قال (ثم الصالحون) لأن أعظم البلاء سلب المحبوب وحمل المكروه والمحبوبات مسكون إليها ومن أحب شيئا شغل به والمكروه مهروب منه ومن هرب من شيء أدبر عنه والأمثلون أحباء الله فيسلبهم محبوبهم في العاجل ليرفع درجتهم في الأجل (لقد) بلام التأكيد (كان أحدهم يبتلى بالفقر) الدنيوي الذي هو قلة المال وعدم المرافق (حتى ما يجد إلا العباءة يجوبها) بجيم وواو فموحدة: أي يخرقها ويقطعها وكل شيء قطع وسطه فهو مجبوب (فيلبسها) ومع ذلك يرى أن ذا من أعظم النعم عليه علما منه بأن المال ظل زائل وعارية مسترجعة وليس في كثرته فضيلة ولو كان فيه فضيلة لخص الله به من اصطفاه لرسالته واجتباه لوحيه وقد كان أكثر الأنبياء مع ما خصهم به من كرامته وفضلهم على سائر خلقه فقراء لا يجدون بلغة ولا يقدرون على شيء حتى صاروا في الفقر مثلا. قال البحتري:
فقر كفقر الأنبياء وغربة. . . وصبابة ليس البلاء بواحد
(ويبتلى بالقمل) فيأكل من بدنه (حتى يقتله) حقيقة أو مبالغة عن شدة الضنا ومزيد النحول والأذى (ولأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء من أحدكم بالعطاء) لأن المعرفة كلما قويت بالمبتلى هان عليه البلاء وكلما نظر إلى الأجر الناشىء عنه سهل فلا يسألون رفعة بل يحصل الترقي لبعضهم حتى يتلذذ بالضراء فوق تلذذ أحدنا بالسراء ويعد عدمه مصيبة. وفي تاريخ ابن عساكر: سبب قطع العارف أبي الخير المغربي الأقطع أنه عاهد الله أن لا يتناول لشهوة نفسه شيئا يشتهى فرأى يوما كمام شجرة زعرور فأعجبته فقطع غصنا فذكر عهده فترك فرآه صاحب الشرطة فظنه لصا فقطعه فكان يقول قطعت عضوا فقطعت مني عضوا
(هـ ع ك عن أبي سعيد) الخدري قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو محموم فوضعت يدي من فوق القطيفة فوجدت حرارة الحمى فقلت ما أشد حماك يا رسول الله فذكره قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي

1058 - (أشد الناس حسرة) أي تلهفا (يوم القيامة: رجل أمكنه طلب العلم) الشرعي (فلم يطلبه) لما يراه من عظم إفضال الله على العلماء العاملين ومزيد رفعه لدرجاتهم ولأن المصالح قسمان: روحانية وجسمانية وأشرف المصالح -[521]- الروحانية العلم الذي هو غذاء للروح كالغذاء للبدن وأشرف المصالح الجسمانية تعديل المزاج وتسوية البنية فإذا انكشف له الغطاء بالخروج من هذا العالم اشتدت ندامته وتضاعفت حسرته حيث آثر تعديل الفاني وأهمل معاناة النافع الباقي قال الماوردي: ربما امتنع من طلب العلم لتعذر المادة وشغله بالاكتساب ولا يكون ذلك إلا لذي شره رغيب وشهوة مستعبدة. فينبغي أن يصرف للعلم حظا من زمانه فليس كل الزمن زمن اكتساب ولا بد للمكتسب من أوقات راحة وأيام عطلة ومن صرف كل نفس منه إلى الكسب حتى لم يترك له فراغا لغيره فهو من عبيد الدنيا وأسراء الحرص وربما منعه من العلم ما يظنه من صعوبته وبعد غايته ومخافة من قلة ذهنه وبعد فطنته. وهذا الظن اعتذار ذوي النقص وخشية أولي العجز. لأن الإخبار قبل الاختبار جهل. والخشية قبل الابتلاء عجز (ورجل علم علما فانتفع به من سمعه منه دونه) لكون من سمعه عمل به ففاز بسببه وهلك هو بعدم العمل به. والحديث ناع على من أمكنه التعلم فتركه تقصيرا وإهمالا ومن علم ولم يعمل أو وعظ ولم يتعظ فمن سوء صنيعه وخبث نفسه وإن فعل فعل الجاهل بالشرع والأحمق الخالي عن العقل <تنبيه> خرج بكونه أمكنه طلب العلم: ما إذا لم يمكنه لنحو بلادة خلقية فإنه معذور ولهذا قال حكيم: صقلك سيفا ليس له جوهر من سنخه خطأ وحملك الصعب المشق على الرياضة غباوة. قال أبو تمام:
السيف ما لم يكن منه مصاقلة. . . من سنخه لم ينتفع بصقالي
(ابن عساكر عن أنس) بن مالك وقال إنه منكر

نام کتاب : فيض القدير نویسنده : المناوي، عبد الرؤوف    جلد : 1  صفحه : 520
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست