responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فيض القدير نویسنده : المناوي، عبد الرؤوف    جلد : 1  صفحه : 487
972 - (استحيوا من الله) بترك القبائح والسيئات وفعل المحاسن والخيرات (حق الحياء) أي حياء ثابتا لازما. بحسب ما يجب وقدر ما يجب في الوقت الذي يجب ثم علله بما يفيده تفاوت الناس في الأخلاق الفضلة من الحياء وغيره (فإن الله) إلى آخره فكأنه يقول: استحيوا من الله جهدكم فإنكم إذا استقرغتم وسعكم في التلبس بالحياء منه لا يكلفكم إلا ذلك فإنه تعالى (قسم بينكم أخلاقكم) قبل أن يخلق الخلق بزمن طويل (كما قسم بينكم ارزاقكم) أي قدر أخلاقا لخلقه فيما يتخلفون فيها يتخلفون كل على حسب ما قدر له كما قدر الأرزاق فأعطى كلا من عباده ما يليق به في الحكمة. وكما قدر فيهم رحمة واحدة فقسمها بينهم على التفاوت فيها يتراحمون
(تخ عن ابن مسعود) رمز المصنف لحسنه ورواه أحمد في حديث طويل من حديث ابن مسعود أيضا قال الهيتمي ورجاله وثقوا وفيهم ضعف

973 - (استحيوا من الله حق الحياء) بترك الشهوات والنهمات وتحمل المكاره على النفس حتى تصير مدبوغة فعندها تطهر الأخلاق وتشرق أنوار الأسماء في صدر العبد ويقرر علمه فيعيش غنيا بالله ما عاش
قال البيضاوي: ليس حق الحياء من الله ما تحسبونه بل أن يحفظ نفسه بجميع جوارحه عما لا يرضاه من فعل وقول. وقال سفيان بن عيينة: الحياء أخف التقوى ولا يخاف العبد حتى يستحي وهل دخل أهل التقوى في التقوى إلا من الحياء؟ (من استحيى من الله حق الحياء فليحفظ الرأس) أي رأسه (وما وعى) ما جمعه من الحواس الظاهرة والباطنة حتى لا يستعملها إلا -[488]- فيما يحل (وليحفظ البطن وما حوى) أي وما جمعه باتصاله من القلب والفرج واليدين والرجلين فإن هذه الأعضاء متصلة بالجوف فلا يستعمل منها شيئا في معصية الله فإن الله ناظر في الأحوال كلها إلى العبد لا يوازيه شيء وعبر في الأول بوعي وفي الثاني يحوي للتفنن
قال الطيبي: جعل الرأس وعاء وظرفا لكل مالا ينبغي من رزائل الأخلاق كالفم والعين والأذن وما يتصل بها وأمر أن يصونها كأنه قيل كف عنك لسانك فلا تنطق به إلا خيرا. ولعمري أنه شطر الإنسان قال الشاعر:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده. . . فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
ولهذا سيجيء في خبر من صمت نجا. ولم يصرح بذكر اللسان ليشمل ما يتعلق بالفم من أكل الحرام والشبهات وكأنه قيل: وسد سمعك أيضا عن الإصغاء إلى ما لا يعنيك من الأباطيل والشواغل واغضض عينك عن المحرمات والشبهات ولا تمدن عينيك إلى ما تمتع به الكفار كيف لا وهو رائد القلب الذي هو سلطان الجسد ومضغة إن صلحت صلح الجسد كله وإن فسدت فسد الجسد كله؟ وهنا نكتة وهي عطف ما وعى على الرأس فحفظ الرأس مجملا عبارة عن التنزه عن الشرك فلا يضع رأسه لغير الله ساجدا ولا يرفعه تكبرا على عبادة الله وجعل البطن قطبا يدور على سرية الأعضاء من القلب والفرج واليدين والرجلين. وفي عطف وما حوى على البطن إشارة إلى حفظه من الحرام والاحتراز من أن يملأ من المباح وقد تضمن ذلك كله قوله (وليذكر الموت والبلى) لأن من ذكر أن عظامه تصير بالية وأعضاؤه متمزقة هان عليه ما فاته من اللذات العاجلة وأهمه ما يلزمه من طلب الآجلة وعمل على إجلال الله وتعظيمه وهذا معنى قوله (ومن أراد الآخرة) أي الفوز بنعيمها (ترك زينة الدنيا) لأن الآخرة خلقت لحظوظ الأرواح وقرة عين الإنسان والدنيا خلقت لمرافق النفوس وهما ضرتان: إذا أرضيت إحداهما أغضبت الأخرى فمن أراد الآخرة وتشبث بالدنيا كان كمن أراد أن يدخل دار ملك دعاه لضيافته وعلى عاتقه جيفة والملك بينه وبين الدار عليه طريقه وبين يديه ممره وسلوكه فكيف يكون حياؤه منه؟ فكذا مريد الآخرة مع تمسكه بالدنيا فإذا كان هذا حال من أراد الآخرة فكيف بمن أراد من ليس كمثله شيء؟ فمن أراد الله فليرفض جميع ما سواه استحياء منه بحيث لا يرى إلا إياه (فمن فعل ذلك فقد استحيى من الله حق الحياء) قال الطيبي: المشار إليه بقوله ذلك جميع ما مر فمن أهمل من ذلك شيئا لم يخرج من عهدة الاستحياء وظهر من هذا أن جبلة الإنسان وخلقته من رأسه إلى قدمه ظاهره وباطنه معدن العيب ومكان المخازي وأنه تعالى هو العالم بها
فحق الحياء أن يستحيى منه ويصونها عما يعاب فيها. وأصل ذلك ورأسه ترك المرء ما لا يعنيه في الإسلام وشغله بما يعينه عليه فمن فعل ذلك أورثه الاستحياء من الله. والحياء مراتب: أعلاها الاستحياء من الله تعالى ظاهرا وباطنا وهو مقام المراقبة الموصل إلى مقام المشاهدة. قال في المجموع عن الشيخ أبي حامد: يستحب لكل أحد صحيح أو مريض الإكثار من ذكر هذا الحديث بحيث يصير نصب عينيه والمريض أولى
(حم ت ك هب عن ابن مسعود) قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم لأصحابه استحيوا من الله قالوا إنا نستحي من الله يا نبي الله والحمد لله قال ليس كذلك ولكن من استحيى من الله حق الحياء فليحفظ إلخ. صححه المؤلف اغترارا بتصحيح الحاكم وتقرير الذهبي له في التصحيح وليس هو منه بسديد مع تعقبه هو وغيره كالصدر المناوي له بأن فيه أبان بن إسحاق. قال الأزدي تركوه لكن وثقه العجلي عن الصباح بن مرة. قال في الميزان: والصباح واه وقال المنذري رواه الترمذي وقال غريب فعرفه من حديث أبان بن إسحاق عن الصباح قال - أعني المنذري - وأبان فيه مقال والصباح مختلف فيه وتكلم فيه لرفعه هذا الحديث وقالوا: الصواب موقوف والترمذي قال لا يعرف إلا من هذا الوجه

نام کتاب : فيض القدير نویسنده : المناوي، عبد الرؤوف    جلد : 1  صفحه : 487
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست